تعتبر مهنة التمريض من المهن السامية والإنسانية، وذلك بسبب ارتباطها بصحة الإنسان وحياته، كما أنها تساعد في التخفيف من معاناة المريض، الذي يرى الممرضة ملاك الرحمة الذي يساعده، لكن ماذا لو تحوَّل هذا الملاك إلى إنسان ذي قلب خالٍ من الرحمة تجاه مرضاه؟ هذا كان حال "كريستين هيتر غيلبرت"، الممرضة في مركز "ثورثا" الطبي بالولايات المتحدة، التي قتلت 30 شخصاً من مرضاها.
البداية محاولات انتحار وهمية
وُلدت غيلبرت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، بولاية ماساشوستس، بشرق الولايات المتحدة الأمريكية، كانت الابنة الكبرى لوالديها. في البداية كانت طفولتها عادية مثل باقي الأطفال، لتبدأ التغيرات تطرأ عليها في سن المراهقة.
في الخامسة عشرة من عمرها لاحظ كل من عائلتها وأصدقائها أنها أصبحت تكذب بشكل غير مقبول، حيث أصبحت تقوم بمحاولات انتحار زائفة قصد التلاعب بالناس أو التهديد بالعنف للفت الانتباه، بحسب ما جاء في سجلات المحكمة.
تخرجت غيلبرت في ثانوية "غيروتون دانستيل" عام 1986، ثم التَحَقَت بكلية "بريدج واتر ستيت" في مدينة "واتر" الأمريكية، خلال دراستها قامت بمحاولة انتحار وهمية للفت الانتباه مرة أخرى؛ ما دفع مسؤول الكلية لمطالبة والد غيلبرت بأن يعالجها نفسياً، فتترك الجامعة بعدها وتلتحق بكلية "مجتمع ماونت" سنة 1987.
لم تَطُل مدة دراستها في هذه الكلية أيضاً، ثم أكملت دراستها في كلية "مجتمع غرينفيلد"، وتخرجت سنة 1988.
التحقت في السنة نفسها بالمركز الطبي "ثورثا مبتون"، كانت في البداية، حسب أقوال زملائها لصحيفة"Nation and world"، ممرضة مثالية ذات وجه ملائكي، مخلصة وماهرة في عملها، في ذلك الوقت لم يدرك أحد أن بداخلها شيطاناً سيتلذذ بموت مرضاه.
"ملاك الموت" ذات الوجه الملائكي
خلال عملها في المركز الطبي ازداد عدد الوفيات بشكل ملحوظ، خاصة في فترة مناوبتها، أي في الفترة ما بين 1990 و1996، ليطلق عليها زملاؤها في العمل "ملاك الموت"، وذلك على سبيل المزاح في البداية.
حسب ما جاء في تقرير لصحيفة "CBC News" استطاعت كريستين خلال فترة عملها قتل 30 شخصاً من مرضاها في المستشفى، وذلك باعطائهم حقنة من مادة مخدرة تتسبب في توقف نبضات القلب على الفور، وكأنَّها وفاة طبيعية، وبعد إعطائهم المخدر كانت تعمد إلى إنعاشهم بشكلٍ سريع؛ كي لا يفتضح أمرها.
الأمر الذي جعل رئيسَها يشكّ فيها، خاصةً بعد ملاحظته نقصاً في المواد المخدرة المخصصة لها، ما دفعه إلى إخبار مدير المستشفى، الذي بدوره أبلغ الشرطة للتحقيق في أمرها.
وفي محاولة منها لعرقلة التحقيقات قامت كريستين بتهديد الشرطة، عبر اتصال هاتفي ادعت من خلاله وضع قنبلة داخل المستشفى؛ ليتضح بعد ذلك أنها مجرد كذبة. ثم خضعت كريستين للعلاج النفسي بين 1996 و1998.
حب وراء جرائم قتل
أعيد فتح التحقيقات سنة 1998 مع كريستين غيلبرت، فحسب ما جاء على لسان الأطباء النفسيين خلال التحقيق كانت كريستين تقتل مرضاها بغرض رؤية حبيبها الذي كان يعمل سائق سيارة لنقل الموتى بالمركز الطبي، كما أنها كانت تحب لفت الانتباه داخل المستشفى.
انتهت علاقة كريستين مع حبيبها السابق، لكن لم تنتهِ معها جرائمها، حيث بدأت بعلاقة جديدة مع شخص خارج المستشفى فعادت للقتل. وكانت كريستين تتحجّج دائماً بأنّها كانت تحب مرضاها الميّتين، وتطلب إثر ذلك إجازة تُمكنها من قضاء وقت أطول مع حبيبها.
اعترفت كريستين للشرطة بكل جرائمها، بعدما اتهمها المركز الطبي بقتل أكثر من 100 شخص خلال فترة عملها، المتراوحة بين سنة 1988 و1996، ليُحكم عليها أربع مرات بالسجن مدى الحياة، دون إمكانية إطلاق السراح سنة 2001.
الغريب أنّ حب كريستين للفت الانتباه لم يتوقّف بدخولها السجن، فقد عاشت قصة حب داخل أسوار السجن مع أحد أخطر المجرمين، ما جعل بعض الصحف تطلق عليها لقب "المرأة الأكثر حباً للفت الانتباه في تاريخ مجرمي أمريكا".