أشجار مزروعة من البشر؟ “مقابر الكبسولات”، خطة مثيرة لتحقيق الاستدامة على الأرض حتى في الموت!

نبض البلد -
نبض البلد - وكالات

الموت هو حقيقة حتمية لابد أن يختبرها جميع البشر. وبغض النظر عن الديانة أو المعتقد، يُعد الموت مرحلة شديدة الأهمية، وله قدسية بالغة، ما يتطلب الكثير من الترتيبات.

الجديد أن بعض الأشخاص باتوا يبحثون عن طرق تجعل في موتهم امتداداً للحياة على الأرض بصورة أو بأخرى. ومن هذا المنطلق، توصل مصممان مهتمان بالبيئة والطبيعة إلى أن يطورا طريقة دفن جديدة للموتى، يتم من خلالها تعزيز مفهوم البقاء والحياة.

فكانت النتيجة الغريبة هي: كبسولات دفن الموتى لزراعة الشجر!

كبسولات لزراعة الموتى مثل بذور الأشجار

تقول جينيفر ديبروين، الأستاذة المشاركة في هندسة النظم الحيوية وعلوم التربة في جامعة تينيسي الأمريكية، إن المصممين الإيطاليين راؤول بريتزل وآنا سيتيللي قد وجدا حلاً مستداماً لدفن الأموات.

تقنية جديدة تدعى مقابر "كبسولات مندي"، أو "كبسولة العالم" باللاتينية، وهي عبارة عن نعش عضوي على شكل بيضة يكون قابلاً للتحلل.

وأوضح المصممان عبر موقع "كبسولات مندي" الرسمي أن القشرة البلاستيكية القابلة للتحلل تتكسر بمجرد دفنها، وبذلك توفر البقايا المتحللة من جسم الإنسان مغذيات ومعادن للشتلة المزروعة فوقها مباشرة.

ويعتقد بريتزل وسيتيلي أنه بإنشاء مقابر تعلوها الأشجار بدلاً من شواهد القبور، واستخدام التوابيت الخشبية لدفن الموتى فيها، وفقاً للأعراف الغربية؛ فإنه سبيل للحد من النفايات، و"خلق حياة جديدة من الموت" بالمعنى الحرفي للكلمة.

التحلل الطبيعي لتوابيت الكبسولة

جاءت فكرة "كبسولات مندي" للمصممين الإيطاليين عام 2016، عندما رأى الزوجان كم تؤثر عمليات الدفن الحديثة على النظام البيئي.

ووفقاً لمجلس الدفن الأخضر لطرق دفن الموتى المستدامة، تستخدم المدافن التقليدية في الولايات المتحدة حوالي 5 ملايين جالون من سائل التحنيط لحفظ أجسام الموتى.

هذا إضافة لعشرات الملايين من الأمتار من الخشب الصلب، وملايين الأطنان من الخرسانة، وعشرات الآلاف من الأطنان من المعادن، بما في ذلك البرونز الذي يزين التوابيت كل عام.

وبالتالي بدءا التفكير في المشاريع التي يمكن أن يكون لها جانب بيئي. ويقولان وفقاً لموقعCNN الأمريكي: "الموت جزء من حياتنا، ومع ذلك لا نحب أن نفكر في الموت كجزء من الحياة فعلاً".

وبالفعل قاما بإطلاق النسخة الأولى من منتجاتهم، حيث من المقرر أن يتم تغليف الجثامين في كبسولات مصممة على شكل بيضة في وضعية الجنين.

وبشكل علمي، ستقوم البكتيريا الموجودة في التربة أولاً بتفكيك البلاستيك الحيوي للتابوت المستدام، ثم يتلامس الجثمان تدريجياً مع التربة، دون تغيير توازن التربة الكيميائي بشكل كبير، وفي الأثناء تبدأ البذرة الموضوعة في الكبسولة في النمو تحت التربة.

وعلى الرغم من أن زرع بذرة فوق الكبسولة قد يبدو مفهوماً جذاباً للبعض باعتبار أن الشجرة ستنمو حرفياً من رفات الشخص المتوفى، إلا أن جاكلين أيتكينهيد بيترسون، الأستاذة المشاركة في قسم علوم التربة والمحاصيل بجامعة تكساس إيه آند إم، تقترح استخدام أشجار ناضجة بالفعل وزرعها فوق بقعة الدفن مباشرة لتحقيق المزيد من النمو المضمون.

كيف يمكن أن تنمو شجرة من جسم المتوفى؟

من الناحية النظرية، العملية بسيطة للغاية، لكن العالم قد يدرك المزيد عندما تبدأ الشركة في طرح منتجاتها في السوق بعد موافقات الجهات المتخصصة. في الوقت الحالي، هذه هي العملية بحسب موقعGreen Matters للبيئة والاستدامة:

يتم وضع جثمان الشخص الميت في وضعية الجنين داخل الكبسولة.

يكون الجسم ملفوفاً بألياف طبيعية.

وبمجرد إغلاق البيضة، يتم زرعها داخل الأرض في موقع دفن طبيعي.

يتم وضع بذرة أو شجرة مزروعة فوقه مباشرة.

عندما تبدأ البيضة في الانهيار والتحلل، يتعرض الجسم للأرض ويخضع لعملية التحلل والتفكك الخاصة به.

ثم تُغذي العناصر الغذائية والميكروبات من الجسم الشجرة التي ستستمر في النمو جيداً بعد تحلل الجسم بالكامل.

ومع ذلك، جدير بالذكر أن هذا المفهوم يستهدف التبعات غير المستدامة للتوابيت وطرق الدفن المتبعة في الدول غير المسلمة، التي تتطلب نوعيات من التحنيط لجثامين الموتى، وصناديق خشبية مغطاة بألياف صناعية غير قابلة للتحلل في التربة.

بينما في المقابل، لا تمثل طرق الدفن المتبعة في الديانة الإسلامية مثلاً، هذا النوع من الأثر السلبي على البيئة بسبب الدفن المباشر في المقابر.

هل هذه التوابيت مستدامة ومغذية للأرض فعلاً؟

يظل السؤال هنا هو: هل ستفيد توابيت الكبسولات تلك البيئة حقاً؟ بالنسبة لثقافات دفن الموتى في النعوش الخشبية تحت الأرض، فقد تساعد هذه الكبسولات القابلة للتحلل في الحفاظ على تدفق بعض الأكسجين إلى النظام والتربة.

الشيء الآخر وفقاً للمصممين الذي تجلبه هذه التوابيت إلى النظام بأكمله هو الكربون، الناجم عن البلاستيك الحيوي القائم على النشا في تصميم التابوت.

أحد القيود والتحديات التي تواجه تحلل جسم الإنسان هو أنه غني جداً بالنيتروجين، وبالتالي فإن الميكروبات التي تحاول تحطيم وهضم كل هذا النيتروجين تحتاج إلى بعض الكربون لموازنته.

وعلى الرغم من طموح المشروع، إلا أنه لا يزال يواجه المنع بسبب عدم إقرار القوانين في مختلف دول العالم لهذه النوعيات من الدفن.