نبض البلد -
نبض البلد -فرح موسى
تمثل المضافات والدواوين العشائرية موروثا تاريخيا واخلاقيا واجتماعيا مهما في مجتمعنا، حيث تنتشر في جميع ارجاء المحافظات الاردنية، ومنها اربد التي يمتد تاريخ بعض المضافات فيها الى مئات السنين.
والمضافات والدواوين عنوان لتلاحم العشائر والعائلات والمكان الانسب لتجمع افراد العشيرة الواحدة في المناسبات العامة والافراح والاتراح والجاهات العشائرية او اللقاءات الاعتيادية للتباحث في شؤونهم وشؤون العشيرة.
وقال رئيس مركز حق للتنمية السياسية الإعلامي تحسين التل، ان ديوان عشيرة التل في اربد، أحد أقدم الدواوين والمضافات على مستوى الأردن، وربما الشرق الأوسط، إذ تم بناء الديوان الأول، في منتصف القرن التاسع عشر، زمن الحكم العثماني وكان يُطلق عليه ديوان الشيخ مصطفى اليوسف التل.
وبين ان الديوان الثاني، يتألف من غرفة كبيرة، أنشئت في بدايات القرن العشرين، وتحديداً عام (1909)، وفق ما هو مسجل، ومنحوت على الحجر الذي يعلو مدخل الديوان الذي يستوعب مئات الضيوف ويمتاز بهندسته المعمارية الفريدة، مشيرا الى ان الديوان شهد عددا من المؤتمرات والمناسبات الوطنية.
وقال الناشط الثقافي / رئيس مبادرة إربد تقرأ محمود علاونه، اتطلع ان تقام حفلات توقيع الكتب والامسيات الأدبية والتراثية والفنية في المضافات والدوواين وأن تعزز دورها الثقافي والاجتماعي والتقليدي، واستضافة فعاليات متنوعة تعنى باحياء التراث وأن تكون محطة مهمه للعرض الثقافي في جميع قرى وبلدات محافظة إربد لتفعيل وإحياء الموروث الثقافي للانسان والمكان.
ودعا المكتب التنفيذي لاحتفالية إربد عاصمة الثقافة العربية للاستفادة من التجربة الناجحة لبرنامج اربديات "تعاليل حورانية تراثية" الذي اطلقته مبادرة إربد تقرأ بداية فصل الشتاء الحالي في موسمة الأول ونسختة الجديدة التي استهدف سلسلة من المضافات في مناطق متنوعة نهاية كل أسبوع.
الدكتور القانوني محمد البطاينة قال: إنّ المضافات في عروس الشمال (إربد) جزءٌ لا يتجزأُ من حضارة هذه المحافظة العريقة، حيث كانت وما زالت تمثل رمزاً للضيافة وبيتاً للكرم والجاه والتلاحم العشائري الذي يشكّل لوحةً جماليةً من فسيفساء التاريخ القديم في المدينة، وقد ادت هذا التراث العريق دوراً هاماً على المستويين السياسي والثقافي في بناء وطنٍ متماسكٍ وخلقِ مجتمعاتٍ توارثت وأنتجت قِيَم التكافل والتواصل ما بين افراد المجتمع الواحد.
وبين ان المضافات بالنسبة للمجتمع الإربدي هي المرجع الأول لأبناء العشائر في جميع المناسبات، ومكان لحل المشكلات والأزمات والقضايا، وملتقىً للشباب وبيتاً للضيافة والزوار، وهذا ما أسهَم بلا شك في أن تكون عروس الشمال عاصمةً للثقافة العربية؛
فالمضافات والدواوين والعادات والتقاليد وإرث الأجداد هي الركيزة الأولى وصمّام الأمان لثقافتنا وحضارتنا وإنتمائنا وعروبتنا .
مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية إربد الكبرى رداد التل قال، ان المضافات والدواوين في اربد حاضنة للثقافة بشكل مميز وأثرت في الحراك الثقافي فيها بصورة كبيرة وذلك من خلال استضافة العديد من النشاطات سواء كانت على المستوى المحلي او العربي أو الإقليمي.
وما يميز المضافات ويجعلها تتفوق على المراكز الثقافية هو قربها وسهولة الوصول إليها إضافة لتقبلها من الجمهور أكثر من المراكز التي تتصف بالرسمية نوعاً ما، مشيرا الى انها تتميز بحضور جماهيري كبير وقد اثبتت التجارب ان الجمهور الذي يحضر النشاطات المقامة في المضافات والدواوين يكون بأعداد مضاعفة من الذين يقصدون المراكز لصعوبة الوصول إليها وعدم وجود أي وسائط نقل عامة اليها.
واضاف ان الحضور لم يكن يوماً مقتصراً على أبناء العائلة او العشيرة التي يقام النشاط وعلى العكس تماماً شهدت هذه النشاطات سواء كانت ثقافية او سياسية او فنية حضور من مختلف ارجاء المدينة وبأعداد كبيرة جداً، وان أجواء الألفة والمحبة في الدواوين والمضافات تشكل عاملاً جاذباً إضافة لكونها تبعث الحماس في قلوب الناس للحضور بهدف الاستفادة من النشاط المقام والالتقاء بالآخرين هناك.