نبض البلد -
نبض البلد -في كل زمان ومكان تجد الناس تتخندق عند كل قضية او مسألة في احدى الخنادق الثلاثة.. إما في خندق هذا الطرف او ذاك.. او في خندق الحياديين..
وبالتدقيق والتحليل للكثير من المشاهدات للقضايا والاحداث التي مرت وتمر علينا.. وجدت ان هناك اناساً من صنف رابع لا يتخندقون مع احد.. وانما يصعدون على ابراج مراقبة عالية.. يراقبون الوضع ويحللونه.. وتراهم هم اول من يركب موجة نجاح او فوز اي فريق.. ويتصدرون المشهد وكأنهم هم من تسبب في هذا الوضع الجديد..
فهؤلاء الذين لم اجد لهم وصفا ادق من "المتشعبطون".. فهم لا يعلنون ولاءً ولا انتماءً ولا معارضة الا بعد تأكدهم من هوية الفائز في تلك القضية.. فهم ماهرون في ركوب الموجة وهي في اوجها وقبل بدء سكونها..
في هذه الايام.. سمعنا عن دعوات للخروج والتعبير بكل اشكاله.. حتى وان كان فوضويا في ٢٤ آذار.. ولأول مرة اشاهد واسمع ذلك التحشيد العلني ليس فقط من قبل من هم يعتلون منابر التواصل الاجتماعي من خارج الاردن.. بل من بعض اتباعهم من داخل الوطن.. وللامانة هذا الموضوع لا يخيفني لانني على ثقة بأجهزة الدولة وقدرتها على احتواء الموقف..
وحتى اكون واقعيا واعكس ما في داخلي.. فأنا لست معنيا بهذه الابواق.. فهي معلومة التاريخ.. وواضحة وضوح البدر في كبد الصحراء بعين بدوي حر.. ولا يخفون على كل ذي بصيرة..
- فمنهم اردنيون احرار.. يحاولون التصحيح والدعوة للاصلاح.. ولكن خانهم تقدير حجم مواقفهم وما قد تنجم عنه تلك الحركات.. فانغمسوا في نهجهم الذي ارتضوه ولا يريدون العدول عنه..
- ومنهم من تكسبوا من الاردن الكثير.. وعندما شعروا بقرب موعد الفطام اصبحوا يجحدون الفضل.. معللين بقاءهم تلك المدة في كنف النظام متنعمين في الخيرات لعدم معرفتهم بحجم الفساد والدمار -على حسب تصريحاتهم-.. وعندما اكتشفوا ذلك غادروا معلنين المعارضة للنظام الذي كانوا جزءا منه.. ومستغلين مكتسباتهم المادية والجهوية والعلاقات الخارجية..
- ومنهم من تم التغرير به من قبل دعاة للفتنة من اسلافهم.. بحجة استشراء الفساد وكبر منظومته.. وأن لا علاج الا بالهدم الكامل.. ومن ثم البناء من جديد.. مهما بلغت الخسائر..
- ومنهم من ينفذ مخططات لجهات خارجية لا تريد الخير للاردن.. مستهدفين قيادة البلد.. متذرعين بتصحيح المسيرة لا يكون الا بالاطاحة برأس الهرم وتغيير النهج.. وكم حاولت فهم فكرة "تغيير النهج" وللاسف لم افلح.. وذلك لكثرة تعريفاتها ومتطلباتها التي تعدت حدود عقلي وفكري المتواضعين..
ولكن ما يعنيني هنا.. هم "المتشعبطون" الذين يتكسبون ويتغذون على نتائج اي حدث.. فهم الخطر المحدق.. وهم الفساد الحقيقي في ثوب الوطني.. وهم اصحاب المصالح الشخصية.. وهم المتلونون بكل لون يطغى.. وهم مصاصو دم الشعب.. وهم الرابحون في اي نزال.. وهم من يجيرون كل نجاح لهم وكل فشل لغيرهم.. وهم من تزيد ثرواتهم على جراحات الوطن والمواطن.. وهم من يصعدون على اكتاف الاخرين.. وهم من يتغذون على تعب غيرهم.. وهم ارذل وانذل من رأت عيني وسمعت اذني..
فهذه دعوة لنا نحن المواطنين ولصاحب القرار للانتباه لهؤلاء.. فهم يشجعون ويغذون بالخفاء كفة الخارجين على النظام عندما تستشعر قرون استشعارهم ان لا عدول عن مخططهم.. وفي اللقاءات والمنتديات العامة تجدهم اقرب ما يكونون الى صف النظام.. فهم ماهرون بالتملق والتقرب من كل وطني حر.. شعارهم وديدنهم فيما بينهم "الابقاء على شعرة معاوية" ليتمكنوا من الميل الى اي اتجاه..
اختر لنفسك خطا واضحا غير ملتوٍ.. وعليك تحمل تبعات اختيارك.. فاما ان تكون مع الاصلاح والتدرج فيه مع عِظم حجم المشروع.. لان هناك الكثير من التشوهات الواجب علاجها..
او ان تنحاز بكل وضوح لاولئك الذين انغرست في عقولهم فكرة الدمار والهدم الكامل.. ومن ثم البناء من جديد "ان بقي معهم ولديهم ما يمكنهم من فعل ذلك"..
فلتكن يد خير تبني وترمم وتعدل.. خير من ان تكون معول هدم ودمار..
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا..