حرائق ممنهجة ودخان ثقيل

نبض البلد -
  بهدوء

عمر كلاب

حتى اللحظة لم يقرأ عقل سياسي او استراتيجي الحرائق الدائرة على عجلات في معظم محافظات المملكة وتطال المحاصيل الاستراتيجية , بشكل مقلق وملفت للانظار , فحرائق الغابات لصالح تجار الحطب والفحم مفهومة ومكرورة طوال السنوات الماضية وجرى القاء القبض على بعض مفتعليها , لكن حرائق المحاصيل جديدة ولم نعهدها الا في افلام الاسود والابيض من الاشقاء في مصر مترافقة مع ظاهرة تسميم المواشي , ومنذ انتهاء حقبة الاسود والابيض لم نشهد مثل هذه الافعال .

اليوم نعي جميعا ان الامن الداخلي مستهدف من اطياف متعددة يربطها خيط واحد ملظوم في ابرة تخيط السوء للاردن واهله , فهناك كيان صهيوني يسعى ليس الى اضعاف الاردن بل الى انهاكه تماما وضرب استراتيجيته الزراعية الناشئة , في زمن صعب على الكون كله بعد جائحة كورونا , التي ستسفر عن ارتفاع قيمة وكلفة كل حبة قمح او شعير وليس بيدرا , وبقراءة سريعة لشكل الحرائق نستشعر بالخطر , حتى لو كان ذلك صادر عن تشكيل جرمي او تصفية حسابات وثارات اقتصادية او اجتماعية .

وكما سبق فإن فكرة الثأر الاقتصادي انقضت منذ فترة طويلة في مجتمعاتنا بعد ان افرزت الدولة واجهزتها الامنية مجموعات من سلاح الفرسان لحماية المحاصيل , فالحرائق تكسر عنق موسم كامل وتجعل المزارع او الفلاح اسير الفاقة , فنحن نعلم وتعلمنا من موروثنا ان " الفلاح فقير سنة " فهذا المحصول هو رصيده ورصيد عائلته لعام كامل ويبدو ان انشغالنا بازمة كورونا قد فتح الباب لعودة مثل هذه الاحداث الى مجتمعنا الذي شفي تماما من الاحداث الانتقامية بين ابناء القرية الواحدة .

اذا ما سمحنا للتحليل ان يقرأ الحالة اكثر , فإن الحرائق وآمل الا تكون كذلك , هي حرب ارهابية جديدة على مشروع يحظى برعاية ملكية واصبح استراتيجية اردنية لمواجهة القادم وركنا رئيسا من اركان فلسفة الاعتماد على الذات التي نشتم رائحتها بتفاؤل وأمل , ليس بوصفها درعا للاستقرار والامان بل ايضا لانها ركيزة من ركائز الاستقلال السياسي والسيادي وحائطا لصد مشاريع تصفية القضية الفلسطينية على حساب الوطن الاردني بكل تكويناته ومكوناته .

والحرائق تشي بدخان ثقيل ليس ثاني اكسيد الكربون القاتل , بل تحالف كربوني بين ارهاب الصهاينة وربما ارهاب الخوارج الجدد , فشكل التصدي الامني والمجتمعي للارهاب القادم من الخوارج او الصهاينة , قد يدفعهم الى التفكير بخواصر رخوة او حقول سهلة الاصطياد ولكن تأثيرها واثرها لا يقلان خطورة عن اثر الارهاب وعملياته الدموية التي جنبتنا ويلاتها العين الامنية اليقظة من ابناء القوات المسلحة والاجهزة الأمنية التي نعرف حجم الاثقال عليهما , لكننا نطلق جرس الانذار , لقراءة اعمق لهذه الظاهرة المقلقة والتي تأتي في وقت حساس وظرف اقليمي مختل .

omarkallab@yahoo.com