د. محمد طالب عبيدات يكتب وقفة مراجعة في زمن كورونا

نبض البلد -
تخطينا مراحل مهمة في زمن كورونا بما يخص الملف الطبي وملف العودة للعمل والإنتاجية والقطاعات الإقتصادية؛ ونجحنا بإمتياز في الملف الأمني؛ والملف التعليمي بشقية العام والعالي كان عن بُعد بإستراتيجية حديثة؛ وفتح دور العبادة على وشك خلال الأسبوع القادم؛ ولم يتبقّى من ملفات كورونا على الأرض سوى أماكن التجمعات من مدارس وجامعات وفنادق ودور حضانة وغيرها؛ وهذا كله يسجّل بنجاح للأجهزة الرسمية ومن خلفها الوقفة الشعبية في خندق الوطن؛ فكانت الجائحة تئن في وطني لقرب القضاء عليها كنتيجة لجهود طيبة من كل الجهات؛ وهذا مصدر فخر وعز للجميع؛ ومع ذلك هنالك بعض الأمور التي يجب الحديث فيها على سبيل تصويبها:
١. رغم النجاح في الملف الطبي بإمتياز كنتيجة لجهود الحظر الرسمية والشعبية وتطبيقها من قبل الجيش والأجهزة الأمنية؛ إلا أن هذا الملف معرّض للنكسة في أي لحظة بسبب عودة المغتربين الأردنيين من الخارج وفتح المعابر والحدود، ولذلك مطلوب وضع أسس وبروتوكولات صارمة للحجر لمنع تسرّب أي حالة والتي لربما ستنعكس على كل الناس لا سمح الله تعالى.
٢. الإعلان عن قُرب فتح دور العبادة الأسبوع المقبل أراح أوساط الراس كثيراً؛ رغم أننا نعلم جيداً بأن المنع والإغلاق كان لغايات الحفاظ على السلامة والصحة لكل الناس؛ ومع ذلك الناس تنتظر قرا فك المطر على دور العبادة على أخر من الجمر؛ لأن ذلك يطفىء حيرة الناس وتساؤلاتها حول الموضوع؛ وحتماً الفتح سيكون تدريجياً وبأعلى درجات الضوابط والسلامة والصحة العامة.
٣. ما زال البعض يفكّر بأن هنالك نظرية مؤامرة خلف الكواليس بالنسبة لفايروس كورونا المستجد؛ فالبعض يقول بأن هنالك صراع خفي بين الولايات المتحدة والصين؛ وهذا الصراع إقتصادي وسياسي وغيره؛ وتتهم كل دولة الأخرى حول الفايروس؛ والبعض الآخر يقول بأن جائحة كورونا جعلت للدولة دور إيجابي جسّر الهوّة بين
المواطن والدولة.
٤. وحتماً لمسنا جميعاً عودة هيبة الدولة في كثير من القضايا؛ وخصوصاً في مسائل تطبيق سيادة القانون وتطبيق قانون الدفاع وإجراءاته؛ بالإضافة إلى قيمة وتقدير رجال الوطن نشامى القوات المسلحة الباسلة وأجهزتنا الأمنية من قبل كل المواطنين شيباً وشباباً.
٥. قرارات الحكومة كافة والتي تم الحديث فيها كانت تأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الصحية والأمنية والإجتماعية والإقتصادي والتربوي وغيرها؛ ما يعني أنها قرارات مدروسة وتأخذ الأبعاد كافة بعين الإعتبار؛ ولا يمكن أن يتخذ أي قرار إلا بعد دراسة كل الأبعاد سابقة الذكر بعين الإعتبار.
٦. البعض يعلّق على تناقض في بعض قرارت الحكومة؛ من أمثلة ذلك أن الفايروس أول يومي العيد منع الناس من الخروج وأبقاهم في منازلهم؛ بيد أنهم إنتشروا ثالث أيام العيد؛ فهل هنالك فرق بين الأيام وإنتشار كورونا؟ الجواب حتماً لا ومنع التجوّل كان مثل 'قصة الصبّة الخضراء'.
٧. عودة الحياة وفتح القطاعات الإقتصادية تدريجياً شيء مهم للنمو الإقتصادي والمساهمة في دعم السيولة النقدية للدولة وللناس في القطاعين العام والخاص؛ وبالطبع على الجميع الإلتزام بشروط السلامة العامة والصحة التي وضعتها وزارة الصحة؛ والكرة في مرمى الجميع.
٨. الحديث عند كل الناس مُنصبّ على كيفية الحياة بعد كورونا؛ وهل ستتغير ملامح مهمة في ذلك؛ وهنا أقول بأن الحياة الإجتماعية يجب أن تتغير في كثير من مسائل الأفراح والأتراح درءاً للتجمعات؛ وكذلك الحال بخصوص الأمور الإقتصادية والترشيد في الإستهلاك والحفاظ على السيولة النقدية والإستثمار وقضايا أخرى.
٩. مطلوب من الجميع البدء بالتأقلم لمرحلة ما بعد كورونا في كثير من مناحي الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتربوية لأن العالم حتماً سيتغيّر كثيراً في قابل الأيام؛ ويبدو بأن القادم من الأيام سيشهد تطورات وتغيّرات مذهلة على الأصعدة كافة.
بصراحة: الجهود الوطنية المخلصة التي بذلتها الأجهزة الرسمية والشعبية لا ينكرها إلّا جاحد؛ وبالرغم من النجاحات على معظم الأصعدة إلا أن ذلك لا يخلو من بعض الثغرات هنا وهناك؛ نتطلع لعودة الحياة لينعم الجميع بها فيما بعد زمن كورونا.