الدكتور محمد طالب عبيدات

الوعي أفضل وقاية في زمن كورونا:

نبض البلد -
أجل الوعي هو وسيلة الوقاية رقم واحد في زمن كورونا؛ وخصوصاً أن حالة الوعي تعني الوقاية الشخصية وللآخرين من خلال فهم المطلوب من مسافة آمنة وتباعد إجتماعي وإلتزام الحظر والصدق والتصالح مع النفس ووضع الواقيات وإتباع الإشتراطات الصحية لأجل وضع الكمامات والقفازات والإلتزام بأسس السلامة العامة أيضاً؛ لأننا بتنا نعيش في حالة الوصول لصفر حالة؛ ولكن سرعان ما ينبري أحدهم كنتيجة اللاوعي وعدم الإكتراث لا بل الإستهتار بأرواح الآخرين ليعيدنا للمربع رقم واحد وليذهب تعبنا جميعاً أجهزة رسمية وشعبية هباءً منثوراً؛ وبالطبع هكذا تصرّف غير مسؤول ومخالف للمواطنة والإنسانية يحتاج لأن نقف وقفة مراجعة كاملة لآليات التعامل مع الفايروس من حيث عمل فحوصات ومناطق حجر على الحدود لمنع حاملي الفايروس من دخول أراضي المملكة؛
١. إن رفع درجة الوعي بين الناس هو الأسلوب الوحيد المستدام وبأقل الخسائر المادية والمعنوية لغايات مكافحة فايروس كورونا؛ كيف لا وهو الضامن بعد الله تعالى بالبعد عن الفايروس وحامليه من حيث الإشتراطات الصحية وأسسها؛ والأصل في حال شعور الإنسان بالإصابة بأعراض الفيروس أن يُقبل على الفحص ليقي غيره شرّه ويحجر نفسه؛ وغير المصابين عليهم بعدم القرب من المصابين خوفاً عليهم ونقل المرض.
٢. حالة الوعي تعني بضرورة حجر سائقي الشاحنات على الحدود من قبل الحكومة من خلال إقامة معسكر حجر خاص بهم على الحدود خوفاً من دخولهم ومخالطتهم للناس والذي حتماً سيؤول إلى إنتشار مذهل للفايروس كنتيجة لسوء الفهم عند البعض؛ تماماً كالذي يعيدنا للمربع واحد وكأن الإجراءات الناجحة التي كانت مثلاً يحتذى لكل العالم سيرمى بها عرض الحائط لإرضاء فضول شخص مستهتر أو يستعرض بطولاته في هذا الصدد.
٣. كما أن هنالك ضرورة لمحاسبة ومساءلة كل مخالف من هؤلاء السائقين أو غيرهم ممن لا يدركون حجم الضرر أو إنعكاساته على المجتمع والدولة والوطن؛ فمثل هؤلاء عليهم مسؤولية وطنية كبيرة؛ وحتى التعهّدات التي يكتبونها لا تكفي فالواجب وضع غرامات مالية عالية في مبالغها عليهم لضبط إيقاع سلوكياتهم صوب الإيجابية.
٤. لا يمكن بالطبع للحكومة أن تضع رجل أمن لكل مواطن أو سيارة عسكرية أمام منزل كل مواطن لمراقبة سلوكياته؛ لأن المفروض كل مواطن أن يكون خفيراً وواعياً لوحده؛ ففي دول العالم الأخرى يحجر الناس أنفسهم طوعاً ولا يراجعون المستشفيات إلا في حال الحاجة لأجهزة تنفس وتردّي حالة المرض عندهم؛ وفي ذلك ترتيب لأولويات وخطورة المصابين وفق حالة وعيهم.
٥. حالة الوعي أيضاً يجب أن تشمل بعض الإجراءات والفحوصات بحيث لا نُضيع المستلزمات الطبية بالفحوصات العشوائية غير اللازمة والإبقاء عليها لأوقات ربما إرتدادية للفايروس مثل الحالة التي حصلت بالمفرق والتي يُخشى أن تمتد لمحافظات أخرى وفق مُخالطة الأشخاص لأي شخص مصاب؛ وهذا يتطلب أيضاً ضرورة المحافظة على كل المخزون الطبي لحالات طوارىء أكثر خطورة لا سمح الله تعالى؛ وحتى إستراتيجية التعامل في هذا الشأن يجب تغييرها لتكون ديناميكية أكثر.
٦. كون الفايروس عابر للحدود؛ ونحن في طور إستقبال أبناءنا الطلبة من الخارج؛ ورغم سلوكيات بعضهم بعدم مراعات أسس الحجر المنزلي؛ فحتماً ستأتي حالات من الخارج سيتم إكتشافها أو عبورها؛ ولذلك علينا تطوير إستراتيجية التعامل مع الفايروس وإيجاد مرونة أكثر بتوقّع إكتشاف بعض الحالات التي تسمح قدراتنا الطبية بتواجدها وفي ذلك خير لنا من حيث المناعة وتقويتها والتخفيف من أعداد المصابين وفق نظرية مناعة القطيع وإن كانت أثبتت عدم نجاعتها في بعض الدول.
٧. لقد ولّى الزمن الذي يمكن السيطرة فيه على هذا المرض، فوسائل الحظر المختلفة ترحّل المشكلة زمنياً للأمام ولا تحلها جذرياً؛ وسيدخل المرض لاحقاً وسيحين وقت مواجهته، والمفروض الإستعداد أكثر طبياً للمواجهة من حيث تجهيز المستشفيات وأجهزة التنفس وغيرها؛ والفكرة هي قبول إدخال المرض ببطء بحيث يمكن للمستشفيات إسعيابه وإلّا تحضر الطفرة وربما لا نستطيع المواجهة لا سمح الله.
٨. نفخر بما حققه الأردن من إنجاز قاده جلالة الملك المعزز وأجهزتنا الرسمية العسكرية والأمنية والطبية والمدنية والخدمية وغيرها في سبيل مكافحة ومواجهة فايروس كورونا؛ ولذلك مطلوب المضي قُدماً في هذا الإنجاز وعدم السماح لحالات عدم الوعي بالتسلل بيننا لتضيّع قصّة النجاح الوطنية الأردنية.
٩. مطلوب أن يبقى الأردن يشكّل قصة نجاح فريدة في مقاومة جائحة كورونا؛ والسلاح الأول لهذه النجاحات هو درجة الوعي التي يعيشها المواطن والجهات الرسمية والشعبية لغايات تناغم معزوفة الإنجاز صوب النجاح الدائم بحول الله تعالى.
بصراحة: حالة اللاوعي التي يعيشها البعض من المفروض أن لا تنعكس سلباً لتدمير الجهود الوطنية المخلصة للأجهزة الرسمية التي حققت مثالاً يحتذى على مستوى العالم في مكافحة جائحة كورونا؛ ولذلك مطلوب اليقظة ودرجة وعي أكبر من كل مواطن للمساهمة في الجهد الجمعي المترادف للدولة الأردنية صوب القضاء على فايروس كورونا.