نبض البلد -
أيمن السواعير
"أغنياء تنمو ثرواتهم، وفقراء يعانون مزيدًا من الضغوط" هذه المقولة التحريضية تجوب الأردن اليوم من شماله إلى جنوبه بعد أن قرر البنك المركزي إعطاء سيولة للبنوك بقيمة 500 مليون دينار وذلك لتتمكن من إقراض الشركات والمؤسسات من أجل استمرار حركة التجارة وتسليم رواتب للموظفين.
لم تعد العبارة آنفة الذكر أو عبارات شبيهة مثل "اتساع الهوّة بين الطبقات الاجتماعية" مجرد شعارات شعبوية تُستخدم بلا برهان أو دليل الخطاب الناقد والمعارض، هذه المقولات اليوم في زمن للبنوك حق القرار الكامل دون حسيب أو رقيب وهو الخصم والحكم أصبحت حقيقة.
حيث المشكلة الآن تتلخص في أن هذه المبالغ لن تذهب سوى للشركات الكبيرة والسبب أنها الوحيدة التي لديها الضمانات الكافية للبنوك، أما الغالبية العظمى من القطاع التجاري مثلاً لن تأخذ أي مبالغ (ولا استثني هنا الحكومة لأن دعم هذه الشريحة يجب أن تتم من خلالها مباشرة) خصوصاً أن هذه الشريحة تضم العدد الأكبر من العمالة.
قهر شديد حتى في ظل هذا الظروف قامت البنوك بتدليل زيد وعبيد مع العلم أنها فرصة تاريخية لوضع بصمة لن يمحوها الزمان ولكن للأسف أنهم الآن يتجملون علينا بأنهم يقومون بعملهم ويعتبر بـ الشيء الكبير ويسيدون ويميدون ويتلاعبون بالقروض على هواهم.
وفي زمن حكم البنوك واختياراتهم الملائمة فقط لمصلحتهم تم مثلاً استثناء قطاع المقاولات من هذه القروض، بالرغم أنه يُعتبر من أهم القطاعات المحركة للاقتصاد وهو القطاع الوحيد الذي تكون نفقاته في مختلف قطاعات الاقتصاد لغايات تنفيذ مشاريع حكومية، مع العلم أن ضمان سداد القروض موجود عند الحكومة
وفي نفس السياق عند قطاع السياحة يشترط بتقديم القرض المحافظة على الموظفين، بما يعني أن يأخذ صاحب المشروع السياحي قرض الاستمرارية للموظفين في الوقت الذي لا يعرف لأي مدة زمنية سيستمر إغلاق السياحة، يعني هذا القرض قد يفيد قطاعات معينة لها إمكانية الاستمرارية وليس لقطاع السياحة في الوقت غير المنظور حالياً.
كما وتشترط البنوك على الشركات المتقدمة للقروض أن تكون غير متعثرة وهنا المُضحك بالأمر ولو لم تكن الشركة مُتعثرة هل كانت بحاجة؟ إذا هي سياسة إعادة سيطرت البنوك ورؤوس الأموال.
كل ما أفكر به الآن ماذا سيحصل بعد انتهاء هذه الأزمة على التزامات أصحاب المحلات الصغيرة وعمال المياومة الذين يجلسون بالبيوت من شهر 3 لا نعرف إلى متى، كيف يسددون ما عليهم من إيجارات ودفعات وهل نحن مقبلون على الإفلاس، أتوقع الكثير من المحلات والمشاريع الصغيرة متجهة للإغلاق.
هل ستبقى الشركات الكبيرة وأصحاب رؤوس الأموال في أعمالهم في حين سيذهب الصنائعية وأمثالهم وأصحاب العمل اليومي إلى المجهول، ألا يوجد رأي حكيم يتطلع إلى كامل المنظومة وأعتقد أنه دور النقابات ولكن أين هي؟
ربما أبسط من هذا كله تشكيل جمعية مالية تضم بعض أصحاب المال وهدفها إعطاء قروض صغرى وميسره لمن تضرر من أصحاب العمل الصغار والمتوسط والذين هم فريسه البنوك التقليدية بهدف إنقاذهم وتخفيف حده الازمة، والأهم خطوة يجب أن تتخذ وبسرعة هي وضع آلية فورية للأعمال، وفتح المحلات المغلقة بشكل يضمن سلامة المواطنين، لأن غالبية المواطنين استنفذت ما معها من نقد، رحمتك يا رب.