حامل لواء العزة والشموخ، في وقت تهافتت فيه الأصوات ودنت فيه الأعناق، إزاء الأيام العصيبة التي شهدتها المملكة الأردنية الهاشمية في خمسينيات القرن المنصرم، الزاخر بتحوّلات وصراعات أيديولوجية إقليمية مختلفة الألوان والمَشارب والمَصالح، ليُبَشّر رحمه الله بضوء فجر جديد يُشرق على سماء الأردن والأردنيين، ويَلتَمع في وجدانهم سنا برق ويقشع ظلمات ليل بهيم وغيوم القنوط، ومُجَسِّداً لآمالهم وطموحاتهم، وموقِظاً في نفوسهم العزّة والحَميّة في استكمال مسيرة العطاء والبناء التي رسمها القائد المُلهم الحسين رحمه الله.
كان الأردن محظوظًا بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين، فقد كان بعيد البصر والبصيرة، يستطيع رؤية ما وراء الأشياء والظواهر حتى في الأفق، فدائمًا ما كان يتقدم بعدة خطوات، ولكنه كان أيضاً يتمتع بإحساس قيادي فريد منحه بلا توقف رابطًا وثيقاً وخاصًا بالشعب، وقد تحقّق ذلك بسبب الثقة الهائلة من أُمّته المؤمنة في البيت الهاشمي والرسالة الهاشمية. علاوة على ذلك، كان رحمه الله المُحرّك الرئيسي لبناء الأردن الحديث وتحقيق نهضة عالمية له ليَغدو أُمثولة عَصره.
وعلى نفس الخطى مضى جلالة مليكنا المُفدّى والمحبوب عبدالله الثاني حَماه الله وأيّده لتذليل الصِّعاب المحيطة كافةً التي تسنّ رماحها الشيطانية للنيل منّا ومن وطننا الصغير مساحةً والكبير عنفواناً وعزّة وأُنفةً وكرامة. فمنذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين سلطاته الدستورية، ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شهر شباط/فبراير عام 1999*م، حافظ جلالته على نهج والده الملك الحسين طيب الله ثراه، فجعل أولى استراتيجياته القوات المسلحة الأردنية لتحظى باهتمامه الأكبر من حيث اعتماد أعلى معايير التدريب القائمة على الجودة وليس على الكم، حيث شهدت القوات المسلحة تطوراً هائلاً في مختلف الأسلحة والتقنيات والتدريب، وفي مختلف العلوم والمعارف، بالأضافة الى ربط القوات المسلحة مع الشعب من خلال الخدمات الكثيرة التي يُقدّمها ويَرعاها يومياً جلالة الملك بنفسه، كالوقف الملكي للجامعات والكليات، وأدارة التعليم في المناطق المعزولة ورقيقة الحال في الأردن، والخدمات الطبية الملكية، حيث يُقدم هذا الصرح الطبي المتطور والعالمي للأردنيين خدمات الرعاية الصحية المُثلى والأرقى في فضاءات متخصّصة، مثل أمراض القلب والأعصاب، والتي لا تتوفر بعدُ في أي من مستشفيات القطاع العام أو الخاص في المملكة.
في الختام، لا يَسعني إلا الابتهال للمولى عز وجل أن يتغمد جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال بواسع رحمته ورضوانه، و "أنت "فينا ما حيينا" وعلى العهد باقون، ويَحفظ جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني المعظم سنداً وذُخراً للأمتين العربية والإسلامية والانسانية جمعاء. وِلأرواح شهداء جيشنا الباسل العظيم المِقدام ألف رحمة و نور و سلام وسكينة في حضرة إله الكون العظيم وفي رحابه السماوية الطاهرة.
*كاتب وإعلامي أردني.