راصد والبرلمان وتجويد الاقتراع

نبض البلد -

 بهدوء

عمر كلاب

يحتاج المواطن الى اكثر من مركز على طراز راصد لمراقبة الاداء البرلماني والحكومي , فهذه كلها مؤشرات تُعين المواطن على مراقبة اداء نائبه لتقييمه على مسارات التشريع والرقابة والمساءلة , فعدد غيابات النائب مؤشر على ادائه مثلا , كذلك نوعية الاسئلة ومتابعتها , فقد مللنا من ظاهرة التعميم التي تطال النواب والوزراء , ومن حق كل نائب ان تتم محاسبته وفق منهجية الاداء والكفاءة وليس على الاطلاق والعموم .

التقرير يجب ان يصل الى اكبر شريحة وطنية والى المراقبين , حتى يتم تجويد الاقتراع بتشكل مرجعية واضحة لمحاسبة النائب بعيدا عن التعميم كما اسلفت , وهذا يتطلب من راصد ايضا تجويد مراقبتها , فليس كل سؤال دليل مراقبة فاعلة وبالتالي فإن ارتفاع تعداد الاسئلة لنائب ما ليس مؤشرا على حسن الاداء , ويجب ان يلحق التعداد , قياس المثابرة والمتابعة من النائب صاحب السؤال لأن كثيرا من الاسئلة لذر الرماد في العيون او لإبراء الذمة والحال ينطبق على ما اسماه التقرير المداخلات المنتجة .

تقرير راصد على شدة اهميته الا انه يخلو من مسائل واجبة المراقبة والمتابعة , وعلى سبيل المثال لا الحصر , قضايا اللجان المكلفة بمتابعة القضايا الكبرى او الطروحات النيابية لسحب الثقة من الحكومة وقضية طرد السفير الصهيوني , فهذه القضايا الجوهرية تحتاج الى متابعة ومثابرة من الجهات الرقابية على عمل النواب ناهيك عن قضية الغاز المسروق وملف الطاقة وملفات الفساد الكبرى التي يطرحها النواب تحت القبة ثم تنتهي بنهاية الجلسة على ابعد تقدير .

كثيرة هي الالغام التي فجرها النواب تحت القبة ولم يجرِ رصدها ومتابعتها , في ملفات الطاقة والتجارة والصناعة والاتصالات وسلطة العقبة , وكلها الغام تكفي للاطاحة برموز من العيار الثقيل بل وتصل الى الاطاحة بالحكومة بمجملها ومع ذلك لم تجد من يتابعها على شدة حجم تأثيرها على الصورة الكلية لمؤسسات الدولة وطبقة الحكم وبالتالي توتير المشهد الوطني وتردّي الثقة بين اجهزة الحكم والمواطن ورفع منسوب السوداوية وانعدام الامل .

صحيح ان قانون الانتخاب مشدود على وتر الجهوية والمناطقية والمال والاسود , لكن ذلك لا يمنع الاستفادة منه وتحسين المخرجات النيابية , فكتلة الاصلاح مثلا حصدت 15 مقعدا على هذا القانون , ويمكن لكتل سياسية او تجمعات توافقية ان تخترق بتحالفات مدروسة اكثر من دائرة انتخابية , وبالتالي نصل الى كتل نيابية مسبقة التكوين وتكون اكثر تماسكا واكثرصلابة تحت القبة من الكتل الحالية التي تتشكل على اسس فردية تخدم رئاسة لجنة او انتخابات المكتب الدائم قبل ان تتحول الى كثبان رملية .

يمكن تسجيل عشرات الملاحظات على تقرير راصد لكنه في النهاية جهد ايجابي يعين الناخب على تجويد اختياره ومحاسبة نائبه على اسس علمية , وهذه خطوة تحتاجها الحالة الاردنية , بعد تراجع التمثيل النيابي افقيا وعاموديا وبعد انتشار ظاهرة السلبية وعدم جدوى المشاركة في الانتخابات تحديدا في المدن الكبرى وعلى رأسها العاصمة عمان , دون التقليل طبعا من حجم تأثير تلاشي الارادة السياسية في التغيير والاصلاح وتفعيل الركن البرلماني , رغم ان هذا هو الركن الاساس لاي عملية اصلاح او تطوير ومحاسبة , فلا امل بالمستقبل الا من خلال البرلمان , ولن يتم تجويد البرلمان برغبات , دون مشاركة و انتظار ان تقدم السلطة وطبقة الحكم على تجويد ادواته ومخرجاته لانها بذلك تحمل بذور نهاياتها .

من البرلمان نبدأ وعلينا الاستعداد والتحضير للانتخابات القادمة منذ اللحظة , فالعجلة المضادة تسير بتسارع هائل لن نوقفه بدون برلمان ناضج ومشغول على اسس وطنية وتحالفات سياسية .

omarkallab@yahoo.com