على الرغم من إقرار السلطة الفلسطينية، بأن طريق التسوية وصل إلى طريقٍ مسدود، وأن 25 عاماً من المراهنة على المفاوضات مع الاحتلال، لتحقيق حل الدولتين، إلا أن هذا تم مواجهته من قبل الاحتلال، بمزيد من الجرائم على الأرض والانسان، وتوجت بـ "صفقة القرن"، والتي تتضمن فرض السيطرة على الأغوار والمستوطنات في الضفة الغربية بشكل مخالف لتطلعات الشعب الفلسطيني والقرارات الأممية والدولية، ومع ذلك ورغم تهديد السلطة بوقف هذا التنسيق إلا أنها لا زالت متمسكة بالاتفاقات والتنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي يوفر للأخير الأمن والأمان من اندلاع انتفاضة شعبية تجبره على التراجع خطوات للخلف.
ورغم وجود قرار من المجلس المركزي لمنظمة التحرير منذ آذار 2015، بسحب الاعتراف بـ"إسرائيل"، وتعليق الاتفاقات الموقعة وخاصة (أوسلو، بروتوكول باريس الاقتصادي، ووقف التنسيق الأمني)، إلا أن تلك القرارات بقيت في أدراج قيادة السلطة التي تحول دون تطبيقها على أرض الواقع، ليعطي مزيداً من الجرأة للاحتلال بارتكاب جرائمه.
الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أوضح أن قيادة السلطة سارت في طريق التسوية ووصلت إلى طريق مسدود ومع ذلك تخشى تغيير هذا النهج بالمطلق، لذلك لم توقف التنسيق الأمني رغم القرارات الموجودة بذلك. وأضاف، أن تغيير المسار (النهج) لدى السلطة بحاجة إلى أدوات، وهي الوحدة الوطنية وشراكة، والرؤية، والاستراتيجية الموحدة للمواجهة، لكنهم وأمام عدم إيمانهم بتغيير النهج، يراهنون على كسب الوقت بان تفرز الانتخابات الامريكية "الإسرائيلية" القادمة قيادة جديدة تستطيع من خلالها العودة للمفاوضات من جديد. وعزا، أن غياب الوحدة الوطنية والتهرب منها لأن السلطة تخشى تغيير مسار التسوية، مشدداً على أن الوصول إلى وحدة وطنية سيكون وقف التنسيق الأمني تحصيل حاصل.
وحث، الفصائل كافة، إلى الضغط على السلطة للاستجابة لمطلب وقف التنسيق الأمني، من خلال مسيرات حاشدة في الضفة وقطاع غزة والخارج، وعدم الاكتفاء بتحميل المسؤولية وتبادل الاتهامات. مشدداً على أن الفصائل بمقدورها الضغط للاستجابة لهم من خلال حراكها على الأرض.
في ذات السياق، ربط الكاتب والمحلل حسن عبدو بين التنسيق الأمني ووجود السلطة قائلاً:" هناك علاقة جدلية بين الوجود المادي للسلطة على الأرض والتنسيق الأمني، بمعنى لا وجود للسلطة بدون تنسيق أمني، ولا تنسيق أمني بدون سلطة". وأضاف، أن الإعلان عن عدم الانفكاك من التنسيق الأمني ناجم عن إدراك تلك القيادة أن ذلك سيؤدي إلى انهيار السلطة، لأنه لا سلطة بدون تنسيق أمني. وشدد، على ضرورة إنهاء التنسيق الأمني والتخلي عنه فلسطينيا وليس إسرائيلياً، لأن السلطة فقدت أهميتها فلسطينياً، وأيضاً لمن أنشأها سواء "إسرائيل" أو النظام العربي والإقليمي، وهي اليوم تصطدم مع مموليها الأساسيين، فهي كجسم مهدد في المرحلة القادمة إن لم تتماش مع صفقة القرن المشؤومة. ورأى أن المطلوب فلسطينياً إيجاد بدائل وعوامل وطنية قادرة على ملئ الفراغ في حال انهيار السلطة، وهذا يعني منظمة التحرير والفصائل وعلى رأسها حركة فتح، التي يجب تقويتها لإعادة بنيتها التنظيمية والاجتماعية كحركة مقاومة تواجه الاحتلال والاستيطان. وأكد على أن مواجهة الاحتلال وعنجهيته بحاجة لقرار بما فيها المقاومة الشعبية لمواجهة الاستيطان ومشاريع الاحتلال التصفوية.