د. أيّوب أبو ديّة
خلال شهر آذار الآتي تكون قد انقضت تسع سنوات على كارثة فوكوشيما النووية التي هزت العالم وما تزال عندما انفجرت وحدات المحطة النووية في فوكوشيما دايتشي في 11 آذار من عام 2011، وما زالت الحكومة اليابانية حتى يومنا هذا لا تستطيع التحكم بالمياه المشعة التي تستخدمها في تبريد المفاعلات، ولا تعلم أين تقوم بتخزينه بعد أن استنفذت كافة المستودعات المتاحة. وبالرغم من استمرار الكارثة فإن المزارع السيد ماسامي يوشيزاوا ما زال يقيم في مزرعة الأبقار التي يملكها مع مئتي رأس من الأبقار بعد أن فقد مئة رأس منها. لقد حاولت الحكومة إرغامه على هجر المزرعة لقتل الأبقار كما فعلت مع مئات آلاف من الحيوانات الداجنة في محيط 20 إلى 30 كيلومتراً حول المفاعلات النووية المنكوبة الا أنه أصر على البقاء في مزرعته.
أطلق الإعلام الياباني لقب "مزرعة الأمل" على مزرعة أبقار موشيزازا لأنه رفض مغادرة المزرعة بحجة ضرورة إطعام أبقاره منطلقاً من بواعث إنسانية علماً بأن لحمها لم يعد يؤكل وحليبها لا يُشرب بعد تعرضها للإشعاعات. وقد دعا الأستاذ فوكوموتو رئيس معهد الشيخوخة والطب في جامعة توهوكو الواقعة في محافظة مياجي المجاورة إلى مراقبة الأضرار التي حصلت للحيوانات للتعلم منها، وبخاصة القروح ونزيف الدم على الجلد الخارجي وظهور بقع بيضاء على جلدها الأسود، إذ يعتبر فوكوموتو أنها فرصة ثمينة ونادرة لدراسة أثر الإشعاعات على الحيوانات لمدة طويلة للتعلم منها، فلم يحظ العالم بمثل هذه الفرصة في تشرنوبل عندما حصلت الكارثة الكبرى عام 1986.
وبعد انقضاء أعوام تسعة على كارثة فوكوشيما ما زالت الأرض والمياه والطبيعة كلها ملوثة بالإشعاعات حول مزرعتي، يقول ماساما يوشيزاوا عند زيارته للأردن، ولا يساعدنا أحد في التخلص من التربة الملوثة، لذلك فإنها سوف تبقى كذلك إلى أمد بعيد. ولكننا سنبقى هنا حتى النهاية ولن نغادر موقعنا مهما كان الثمن لنقوم بتذكير الناس بأن الإشعاعات باقية لمئات السنين وأنه لا توجد نوايا رسمية لمعالجة المشكلة على المدى الطويل.
ولابد أن نوضح، يستطرد ماساما يوشيزاوا، على لسان المترجم الذي رافقه، أن هدفنا من هذا الموقف هو أن نبعث الأمل في النفوس بأن خطوات إيجابية من قبل الحكومة ربما تحدث في المستقبل، وأنه طالما الإنسان قادر على حماية الأبقار ومنعها من الموت جوعاً وعطشاً، فإنه يكون قادراً على حماية أخيه الإنسان في المواقف الخطيرة التي قد تحدث، وعلى صعيد كوني، في أي لحظة على غرار فيروس كورونا الذي بدأ يداهم العالم.