نايل هاشم المجالي
الروح البشرية تسعى دوماً من اجل الحرية المنضبطة من اجل التنمية والعطاء والانتاجية ، فلا احد ينكر ان اي انسان مستضعف يبقى يسعى ليجد طريقة نحو الحرية ، عندما يدرك قوته الداخلية اياً كان نوعها فأن نكون أقوياء شيء وان ندرك ذلك شيء آخر ، حيث ان المستضعف في كثير من الاحيان لا يرى الامور على حقيقتها ، بل يراها من خلال ثقب باب ثابت شيده داخل تفكيره الخاص .
فلو اخذنا فيلاً صغيراً اسيراً في السيرك على سبيل المثال ، وربطناه منذ صغره بحبل متين مشدود الى وتد راسخ في الارض ، لحاول الفيل بكل ما يملك من قوة ان يتحرر ، فتراه يشد الحبل ويحاول قطعه ويشد الحبل لعدة مرات دون جدوى ودون ان يؤثر ذلك على الحبل ، بعد ذلك يصل الفيل الصغير الى مرحلة الاستسلام للامر الواقع من اليأس ، ويدرك ان لا جدوى من المحاولة للتحرر ، فالحبل اقوى منه ثم يصرف الفيل النظر عن الامر برمته ، وعندما يكبر الفيل تبقى في ذاكرته محاولاته للخلاص من شيء ما كان يقيده منذ امد بعيد ، لكنه يتذكر ايضاً انه فشل في ذلك .
واليوم بعد ان كبر فانه قادر على اقتلاع جذور شجرة او تدمير السيرك بكل سهولة ، ومع ذلك فانه اذا ما تم تقييده بحبل رفيع مثبت في عامود مكنسة فانه لن يحاول ان يتحرر منه ، لان هناك حبلاً وهمياً يسكن ذاكرته وفكره وروحه يمنعه من رؤية حقيقة قوته .
كذلك فان هناك كثيراً من الشعوب المستضعفة لم تدرك مقدار قوتها الحقيقية ، بل ترى ذلك من خلال الايدولوجيات السياسية والاساليب والممارسات للسلطة التنفيذية الخانقة لحرياتهم المانعة والحاجبة عن حقوقهم ، والتي تحكم عليه بالعجز والتبعية في ظلقوانين واجراءات لا تستوعب مطالب وحقوق الشعب ولا تعطيه ما يستحقه من اجل لقمة العيش .
ففي دول الربيع العربي التي شهدنا فيها ثورات شعبية كانت السلطة والقوة تكمن في قمة الرئاسة الديكتاتورية ،
ان السلطة مهما عظمت تبقى بدون رضى الشعب هشة ، لأن الشعب يملك قوة هائلة وارادة قوية قادرة على الاطاحة بأي حاكم دكتاتوري .
فالشعب هو مصدر القوة ، ومهما كان للحاكم من نخبة تحيط به وتدير اعماله واموره فانها في لحظة ما ستتخلى عنه ، لأن هذه الشبكة من النخبة خلقت حالة عدم توازن وعدالة ، وخلقت فساداً ادارياً ومالياً وخلقياً، وتعتمد على طاعة الوزارات والمؤسسات لاوامرهم ، وكلنا يعلم انه قد تم انتخاب الدكتاتور الاندونيسي سوهارتو مدى الحياة ولكن بعد فترة وجيزة تمت تنحيته .
اما حسني مبارك واولاده وزبانيته الذي نشروا الفساد وحققوا مصالحهم ومكتسباتهم ، فلقد نهض الشعب من المقابر والعشوائيات ليسقطوا حكمه وسجنه هو وعائلته وازلامه ، كذلك الامر في تونس مع زين العابدين وليبيا مع معمر القذافي ، فالاشكال الفعلي يكمن في الحالة النفسية والانعكاسات في لحظة ما لتلك العبودية الطوعية ، خاصة اذا ما وجدت من يحركها ويغذيها ويفعّل القوة الكامنة الداخلية لدى المستضعفين ، عندما يتخلصون من ذلك الحبل النفسي فهناك تنظيمات ارهابية متطرفة ومنحرفة فكرياً ، تعمل على تغذية وتفعيل القوة لدى المستضعفين ، كما هو الحال لدى الدول العظمى التي تؤثر في شعوب الدول الفقيرة بطريقة او بأخرى اذا تغيرت مصالحها مع السلطة الحاكمة .
ونحن في الاردن نحمد الله حيث ننعم بقيادة هاشمية حكيمة قريبة من الشعب تتلمس معاناته واحتياجاته ، وتحقق العدالة الاجتماعية والتوازنات المجتمعية بكل شفافية وديمقراطية توافقية تشاركية ، وتعمل جاهدة على تحقيق الاصلاحات بكل المجالات والقطاعات بالوزارات والمؤسسات ولمواجهة التغيرات والازمات ، وليبقى الاردن الحضن الآمن لشعبه ولشعوب الدول العربية التي هاجرت وتشردت اليه ،ولايمان الشعب بهذه القيادة الهاشمية الحكيمة .
حمى الله هذا الوطن امنه واستقراره في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة .