نفذ الأردنيون نظاما وشعبا شعار (الاردن أولا) على ارض الواقع ، ونجحوا في وضعه موضع التنفيذ ،واثبتت احداث الاقليم العربي البائس وعي الشعب وابرزته الى حيز الوجود .
جاءت مخرجات الربيع الأردني خفيفة لطيفة ومتواضعة مقارنة بكثافة المدخلات وتعقيداتها ،وكانت بمجملها حكيمة ومتزنة عبرت عن اختيار البديل الآمن من بين زخم البدائل المتلاطمة الأخرى.
أينما كانت المصلحة فثم إرادة الأردنيين وصلابة مواقفهم الأصيلة ،ولا مصلحة لنا بالعناد والتصعيد والاتجاه نحو الفوضى والتخريب والعنف كما يفعل الاشقاء في دول العنف العربي الان ، ولنا فيهم عبرة ونحن من اولو الالباب.
المملكة واحة امن استقرار، وملجا للخائفين الناجين من الحروب الطاحنة في بلدانهم ،وقد خاب سعي من حاول جرنا إلى مثلها لتخريب بيوتنا بأنفسنا ، فلم يعد الأردني يصدق الشعارات الزائفة والعناوين الخادعة ، ووقف الأردنيون الأصحاء صفا واحدا في وجه مروجيها واللاهثين لبث الفتنة،ولم يستجب العقلاء لدعوات الانخراط بمظاهر الفوضى والفعاليات المشبوهة ،ومارسوا حقهم في التعبير والاحتجاج بوسائل حضارية ،ووفروا ضمانات مسبقة حالت دون تحولها بفعل فاعل إلى مواجهات في ظروف غوغائية تسهل عمل المتأبطين شرا من المندسين ومنفذي استراتيجيات القتل والدمار.
ورغم أن الدولة الأردنية لم تغتسل من كل درن الفساد ، إلا أن المخرجات قوبلت بارتياح شعبي واسع بغض النظر عما يقال من أنها قدمت نصف حل ، ذلك ان الجرح في الكف وثمة رغبة حقيقية في التخلص من الأرق والصداع الوطني الذي أصاب تفاصيل حياة المواطنين ، والنتائج مريحة الى حد ما بعد تعديلات الرواتب ولبت الحد الأدنى من الطموحات والتوقعات، وهنالك ثقة مرصودة بمجريات الإصلاح والتغيير . هذا من جهة .
من جهة أخرى كشفت الفعاليات الأخيرة عن صحوة شبابية أمسكت ببوصلة المصلحة الوطنية ، وعمت اغلب قطاعات المجتمع لترفع شعارات الأغلبية الصامتة وعلى رأسها أمن الأردن أولا ، وتنادي بالوسطية والاعتدال في التعامل مع قضايا الفساد ، وترويض حالة تحريض البسطاء للخوض مع الخائضين والقذف بهم في مهب الريح ،كما تدعو لمكافحة ظاهرة المحاولات الانقلابية المتسرعة في مفاهيم الإصلاح والتغيير التي تحركها أيادي أعداء الأردنيين الجارحة ومن يعمل في الظلام ، وقد بدأ حراكا شعبيا واضحا في كل الاتجاهات لصيانة المكتسبات الوطنية والحفاظ الاستقرار.
( إلي فينا يكفينا ) ولا قدرة لنا بتحمل المزيد من مصائب واختلال يوقف عجلة التقدم والإصلاح، ويؤدي إلى الارتباك والتشنج والتردد في اتخاذ القرارات ، والاسهام بضرب الاقتصاد وزيادة نسبة الفقر والبطالة وارتفاع منسوب الجريمة والتسبب بظهور اعراض الشقاق الوطني لا سمح الله .
تجدر الإشارة هنا الى استقراء تاريخ الأنظمة الملكية العربية والعالمية يشير الى انها أنظمة ذات طبيعة مستقرة.