لم يكن سعي الاحتلال للسيطرة على مدينة الخليل وتكريسها كمدينة يهودية بالجديد، فمنذ بدأ الاحتلال على المدينة عام 1967 بدأت "إسرائيل" بمخططات زرع المستوطنين في قلب المدينة، وتحديدا في محيط الحرم الإبراهيمي الشريف، والسيطرة على أكبر قدر من العقارات والمباني هناك.
وبدعوى "قدسية الحرم لليهود" حينا، والسيطرة بقوة السلاح أحيانا بنيت في البلدة القديمة عشرات البؤر الاستيطانية، إلى جانب المستوطنات الكبرى في محيطها.
وتسعى "إسرائيل" ومستوطنيها اليوم لحسم مصيرها من خلال مخطط بدأته منذ سنوات، وهو تحويل المدينة إلى مختلطة لليهود والفلسطينيين، على غرار المدن الفلسطينية في الداخل وإنشاء بلديتين واحد يهودية وأخرى فلسطينية. وترافق مشروع إنشاء مجلس بلدي للمستوطنين بإجراءات يمكن رصدها بمتابعة التقارير الشهرية للجنة إعادة إعمار البلدة القديمة والتي ترصد الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال والمستوطنين بالمدينة.
ففي التقرير الأخير عن الانتهاكات خلال كانون أول الفائت وثقت اللجنة 36 انتهاكا، وخاصة ضد الحرم الإبراهيمي حيث من منع للأذان 49 مرة، وأكثر من مرة عرقلت قوات الاحتلال وصول المصلين، إلى جانب الانتهاكات المباشرة مثل تركيب شبك بين السوق والحرم. وفيه أيضا قام المستوطنين بنصب شمعدان على سطح الحرم وتمديد كهرباء وأعمال صيانة على سطحه.
ووثق التقرير اعتداءات مباشرة على المواطنين في قلب البلدة القديمة وحاراتها، وكتابة شعارات عنصرية على سياراتهم وعطب إطاراتها، وشملت قيام المستوطنين بجولات استفزازية في السوق وإغلاق لحاجز تل الرميدة ومنع السكان من الدخول أو الخروج على مدار يومين، وعرقلة المرور بشارع الشهداء غير مرة.
الناشط ضد الاستيطان والمتابع لهذه الانتهاكات هشام الشرباتي قال إن المشروع ليس بالجديد، ما يجري محاولة فرضه على أرض الواقع بالممارسات. وأشار أن هذا المشروع هدفه خلق مدينة خليل يهودية، بتواصل جغرافي بين المستوطنات في محيط المدينة والبؤر الاستيطانية بقلبها. وسيطرة على مناطق واسعة بإغلاقها بالحواجز، مثل شارع الشهداء وتل الرميدة. بالإضافة إلى وجود 12 كم من الطرق يحظر على الفلسطينيين القيادة عليها، وكيلو ونصف يمنع عليهم حتى المشي فيها.
ويقول: "هذه الأوضاع خلقت مشاكل لسكان هذه الأحياء والبلدة القديمة، مما جعل العشرات منهم يهجرونها".
وفيما يتعلق بتأسيس مجلس بلدي للمستوطنين، يقول: "هذا الطرح كان من ثلاثة سنوات بشكل رسمي، والقرار عالق في المحكمة العليا بعد الاستئناف الذي قدمته لجنة إعادة إعمار البلدة القديمة، ولكن على الأرض نفذه المستوطنين بتشكيل لجنة، تقوم بعمل البلدية.
وحول قرار هدم سوق الخضار القديم، يقول الشرباتي، هذا السوق أغلقعام 1994 بعد مجزرة الحرم، وبعد التوقيع على اتفاقية أوسلو اتفق على إعادة فتحه للتجار الفلسطينيين، ولكن الاحتلال لم يطبق الاتفاقية. والأن تطرح سلطات الاحتلال الموافقة على مشروع البؤرة الاستيطانية بالمكان مقابل هدم السوق بالكامل وبناء محلات لأصحاب التي ستهدم للفلسطينيين، فيما تبنى البؤرة الاستيطانية على أسطح هذه المباني.
ويرى إن الخطورة من هذا المشروع كبيرة، وخاصة فيما يتعلق بإنقاص عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في البلدة القديمة وإحلالهم بإعداد أكبر من المستوطنين.وهناك جانب خطورة فيما يتعلق بالرواية الصهيونية لتاريخ وملكية المكان لصالح المستوطنين واليهود، بأعادة تسمية الأحياء والطرق، وبناء المتاحف والمراكز السياحية.