ضم الأغوار.. مناورة انتخابية أم مشروع سياسي للتطبيق الفعلي

نبض البلد -
نبض البلد -وكالات

تساءل المركز الفلسطيني للشؤون الإسرائيلية "مدار" عما إذا كانت تصريحات نتنياهو حول ضم الأغوار المحتلة قبيل الانتخابات العامة الأخيرة هي مشروع سياسي جديد، أم مجرد مناورة انتخابية.

ويقول "مدار" في تقدير موقف جديد، إن ما بدا لوهلة في أوائل أيلول الماضي أنه مجرد بالون مناورة انتخابية أطلقه بنيامين نتنياهو عشية الانتخابات للكنيست الـ22، يبدو اليوم أنه قد أصبح مشروعاً سياسياً "إسرائيلياً" يتسع ويتعالى النقاش حوله والتأكيد على ضرورة تطبيقه وإخراجه إلى حيز التنفيذ في أسرع وقت ممكن، وإلاّ فسيكون الأمر بمثابة "إهدار فرصة تاريخية وإخفاق خطير" في استثمار التغيير التاريخي الذي حصل في الموقف الأمريكي من المستوطنات، كما أعلنه وزير الخارجية مايك بومبيو مؤخراً.

ولكن جهات إسرائيلية أخرى ترى أن الحديث المتسع والمتعالي عن ضم غور الأردن، الآن ما هو إلا شارة الافتتاح في الجولة الانتخابية الثالثة في غضون أقل من سنة، التي يبدو أن "إسرائيل" متجهة نحوها بصورة شبه مؤكدة. مراقبون آخرون قالوا مشككين "لو كان نتنياهو جادا لفعل ذلك منذ سنوات".

وقبيل موعد الانتخابات بأسبوع بالضبط، وبينما كانت نتائج استطلاعات الرأي العام تفيد بتراجع في قوة نتنياهو وحزبه الليكود الانتخابية وبتعادل متوقع بين قوته وقوة معسكر الخصم بيني غانتس، زعيم "أزرق أبيض"، خرج نتنياهو بما هيأ له مقربوه وروّجوا، مسبقاً، بأنه سيكون "إعلاناً دراماتيكياً". وفعلا عقد مؤتمراً صحافياً مقتضباً أعلن من خلاله أنه سيبادر إلى ضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت وفرض السيادة "الإسرائيلية" عليها بعيد انتخابات 17 أيلول وتشكيله حكومة جديدة، في حال فاز بالأغلبية اللازمة.

وفي إطار إعلان نيته هذه، عرض نتنياهو خرائط لمنطقة غور الأردن، قال إنها "تابعة للأجهزة الأمنية منذ 2013 – 2014"، مؤكدا أنها "تمنح إسرائيل السيطرة حتى الجهة الشرقية التي تمتد من طريق ألون حتى وادي أور، وتستمر حتى عين جدي، وتضم كل الوحدات الاستيطانية هناك.

ورأت قطاعات واسعة إسرائيلية آنذاك أن نتنياهو لا يطلق خطته هذه إلا كمناورة أخيرة لدرء خطر خسارة الانتخابات. وكان التعليق الأكثر انتشاراً من جانب خصوم نتنياهو على بيانه، هذا هو ما يمكن إيجازه بـ: "هذا كلام فارغ.. إنه يخشى المحاكمة بتهم الفساد ويعمل كل شيء لتجنب الخسارة ثم تجنب عقوبة السجن التي قد تلي خسارة الانتخابات".

الذين يعتبرون إعلان نتنياهو مجرد مناورة انتخابية، هم الذين يشيرون إلى موقف قادة الأجهزة الأمنية الذين أبدوا غضباً شديداً وصريحاً حيال إعلان نتنياهو بـ10 ايلول، على خلفية عدم إشراكهم بالتحضير لذلك الإعلان وعدم إجراء نقاشات معمقة حول الموضوع الذي ينطوي على دلالات وإسقاطات أمنية واسعة وعميقة الأثر، ودون فحص ميزان الفوائد مقابل الأضرار المترتبة على هذه الخطوة.

ويشير هؤلاء إلى موقف نتنياهو السابق الذي كان رافضاً بقوة لخيار ضم منطقة غور الأردن بل كان يؤمن ويعلن، أنه لا يعتبر الاستيطان في تلك المنطقة "أمراً حيوياً"، وفق ما هو مثبت في وثائق وتسجيلات. مذكرين، أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، حاول عام 2014 دفع مبادرته للسلام وأن نتنياهو "وافق على التنازل عن مستوطنات الغور وإخلائها، والإبقاء على الحضور الأمني فقط هناك".

ويستذكر "مدار" أنه غداة إدلاء نتنياهو بـ"بيانه الدراماتيكي" يوم 19 أيلول، نشر مارتن إنديك، المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط والسفير الأمريكي الأسبق في "إسرائيل"، تغريدة أكد فيها أن "نتنياهو كان يعتقد ويكرر أن ضم منطقة غور الأردن ليس ضرورياً". وكذّب ادعاء "الليكود" في إحدى دعاياته الانتخابية آنذاك (في انتخابات أيلول 2019) بأن بيني غانتس، رئيس أركان الجيش في تلك الفترة (2013 – 2014)، كان يعارض ضم غور الأردن. وأوضح أن كيري، أعد مسودة أولية لاتفاقية سلام تقضي بـ"الإبقاء فقط على وجود عسكري إسرائيلي في المناطق الفلسطينية، وفي غور الأردن". وأضاف: "الوحيد الذي عارض المسودة وتنازل "إسرائيل" عن غور الأردن هو موشيه يعلون، الذي كان يشغل منصب وزير الأمن.

وما إن أدلى الوزير بومبيو، ببيانه "التاريخي" حتى سارع نتنياهو إلى "دعوة غانتس لتشكيل حكومة وحدة قومية يكون في طليعة مهامها ضم غور الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية".

بموازاة ذلك، وكجزء من الاستعداد للمعركة الانتخابية الوشيكة، أطلق نتنياهو العنان للمساعي التشريعية في "الكنيست" لسن قانون يقضي بضم غور الأردن. وأعلنت عضو الكنيست شارون هاسكيل، من الليكود، أن نتنياهو حثها على تسريع البحث بالكنيست حول مشروع القانون الذي تقدمت به لهذا الغرض قبل أسبوعين.