حسين الجغبير
لا شك أن الأزمة الاقتصادية لا تعصف بالأردن وحده، فأغلب الدول واجهت وتواجه هذه الحالة، إلا أن الفرق يكمن في أن في الأردن ما زلنا ننتظر للمسألة على أنها أمر واقع، نستسلم أمامه، والحلول التي نجهد في اقتراحها لن تمكنا من تجاوز هذه الأزمة أو تحييدها على أقل تقدير.
ولأن النمو الاقتصادي هو الأولوية الكبرى في تجاه استقرار الوضع الاقتصادي في المملكة، فذلك يتطلب خطة كاملة متكاملة قبل البدء بتحقيقه والذي لن يكون في ليلة وضحاها، إذا يحتاج إلى سنوات لكن علينا أن نبدأ، وتحديدا في قطاعات الاستثمار والسياحة.
من ضمن الخطط الموضوعة يتصدر موضوع جذب الاستثمار العنوان الأبرز لما لذلك من أهمية بالغة في تحريك العجلة الاقتصادية من جهة، وتوفير فرص عمل لقطاعات عديدة من الشباب والشابات، لذلك كان لا بد من اعادة النظر في التشريعات الناظمة لهذا الإطار من شأنها تسهيل عملية الاستثمار بالأردن بعيدا عن التعقيدات التشريعية والسلوكية (البيرقراطية) المتبعة حاليا.
وأكثر ما يؤثر على هذه العملية هو الانطباع السائد عند المستثمر في الخارج، والذي بات يسجل أكثر من حالة تدفعه لإعادة النظر في قراره القاضي بالاستثمار بالمملكة، وعلى رأسه هروب بعض المستثمرين الأردنيين إلى الخارج، وهو أمر لا شك يؤثر بشكل كبير على سمعة البلد واقتصاد البلد.
ممن يهرب هؤلاء؟، أغلبهم يلجأ إلى هذا الحل جراء عدم قدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه البنوك، لذا لا بد للحكومة أن تدرك خطورة ذلك، وأن تدفع بكل قوتها من أجل الضغط على البنك المركزي وجمعية البنوك لعمل تسويات مع هؤلاء، وإيجاد حلول لمشاكلهم المالية، وفي ذلك منفعة خاصة للبنوك وعامة للدولة، حيث لا يفيد البنوك هروب المقترضين إلى خارج البلاد.
كل من يتراكم عليه الديون بات همه الأوحد اللجوء إلى سبيل يسهل عليه عملية الخروج من المملكة، وفي حال تزايد أعداد هؤلاء فإن المتضرر الأول هو مشروع تشجيع الاستثمار بشقيه المحلي والخارجي، فأي مستثمر يعلم بأن أبناء الوطن يغادرونه جراء تعثرهم المالي لن يفكر بأي شكل من الأشكال من ضخ ملايينه في دولة ما تزال هاوية بتشريعاتها وتعاملها مع مستثمرينها من أبناء الوطن.
لا بد من اعادة النظر في كافة الظروف الاقتصادية التي تعاني منها الدولة، منها ما يحتاج إلى إرادة حقيقية لتجاوزها، ومنها ما يحتاج إلى دراسات مرتبطة بمدد زمنية، ودون ذلك سنواصل السباحة وسط تيار يأخذنا يوما بعد يوم إلى مسافات بعيدة عن الشاطئ ويلقي بنا في عمق البحر بدلا من أن يطفو بنا فوق سطحه.
لا نريد أن ننتظر حتى نشعر بهزة اقتصادية كبيرة لا قدر الله، فلا بد وأن نحمي هؤلاء المستثمرين ومنهم مزيد من الفرص للنهوض من جديد، فهؤلاء يساعدون في الحركة الاقتصادية والتجارية كونهم مشغلون للأردنيين ممن سيجدون أنفسهم فجأة ضحيةعنادالبنوك وتشددها تجاه المستثمرين.