حسين الجغبير
مشهد يتكرر كل عام، إعلانات رسمية لحالة الطوارئ لمواجهة الظروف الجوية تتغنى بها الحكومة، فيما يسبق فصل الشتاء بنحو شهر اعلانات تتفاخر بها الجهات المعنية مفادها أنها اتخذت كافة الاستعدادات، كوادرها جاهزة للقتال من أجل أمن وآمان الناس والشوارع والمنازل والكهرباء والمياه، ومعداتها في أبهى صورة لها. والمحصلة بالنهاية هو سقوط مدو لهذه الاستعدادات مع الأمطار التي تتساقط في مختلف مناطق المملكة.
أول شتوة قوية من نوعها تصيب الأردن في هذا الفصل، أسقطت كافة المعادلات وكشفت المستور وأظهرت حقيقة التصريحات التي تحدثت بها الحكومة، وهو حال يعيشه المواطن كل عام، وعلى مدار الاشهر التي يحتلها الشتاء، والخسائر التي لحقت بالمواطنين نتيجة سوء البنية التحتية العام الماضي ما يزالون يدفعون ضريبتها، فمن حادثة البحر الميت، إلى غرق وسط البلد.
أول من امس شهدت العديد من مناطق المملكة سيولا نتيجة غزارة الأمطار، سياح حوصروا في أماكنهم، ومياه داهمت المنازل وألحقت بها أضرارا بالغة، وطرق أغلقت نتيجة لفيضان المياه جراء انسداد العبارات.
مركبات تعطلت بسبب ارتفاع منسوب المياه في عدد من شوارع الاردن، وسبب هذا الارتفاع هو غياب انسيابية تدفق المياه في مجاريها التي امتلأت بالأوساخ التي جرفتها السيول من على الشوارع في طريقها، ولله الحمد مر أول من أمس بلا اصابات.
لا إجابة على سؤال كافة الاردنيين حول سياسة الحكومة التي تتبعها في اعلانها المتواصل على أنها رصدت كل صغيرة وكبيرة من أجل انجاح الموسم الشتوي، وسرعان ما تسقط في فخ الفشل وتهزمها مياه الأمطار سواء كانت غزيرة أو ضعيفة، لماذا تصر الحكومة على تجميل الحقيقية المرة، وتصر على اعطاء صفة أخرى للواقع، تحت قاعدة "أنا لا أكذب ولكني أتجمل".
لا أحد يقوم بدوره بهذا الاتجاه والتقصير يبلغ عنان السماء، ولا محاسب أو متابع، والأزمة لا تتوانى على أن تنتهي، فهل سجل التاريخ الأردني بهذا الاتجاه معاقبة أي شخص تخاذل بتأدية مهامه، لا اعتقد، وكل ما يسجله التاريخ هو تهرب كل شخص وجهة ومؤسسة من تحمل المسؤولية عن أي خراب يحدث في فصل الشتاء.
الأمطار ما تزال في بدايتها، وأمامنا أشهر عديدة ونحن نضع يدنا على قلوبنا خوفا ووجلا من مصائب قد تحدث لا قدر الله، لا نريد أن نكون متشائمين بقدر ما آلمتنا التجارب السابقة، وكل ما نريده أن يصحو الضمير قليلا وأن يقوم كل شخص بواجبه حماية لأرواح الناس وممتلكاتهم، فلا احتمال لخسائر مادية أو بشرية نتيجة حبيبات مطر تهطل بكثافة ولا نقوى على مواجهتنا، لأننا ورغم اعلان استعدادتنا نختبئ خلف جدران المسؤولية. يكفينا كلاما معسولا.