حسين الجغبير
عادة الرئة للعمل بكامل طاقتها، وعادت السيادة الكاملة على الباقورة والغمر إلى حضن الوطن أمس، ومع إعلان جلالة الملك انتهاء العمل بمحلق اتفاقية السلام بشأن هاتين المنطقتين كان العلم الأردني يرفرف في ساحة الباقورة بألوانه الزاهية.
نصر أردني لم يأت من فراغ، وإنما من إرادة قيادة هاشمية وعدت وأوفت وخاضت وشعبها حرب الإرادات فحققت ما تصبوا إليه رغم كل التحديات السياسية والاقتصادية التي مرت وتمر بها المملكة جراء مواقفها التي دفعت وتدفع ثمنا باهضا بسببها، تحديدا في ظل اختلاف التوازنات والأولويات في المنطقة، التي أصبحت فيها إيران هي العدو الأول بعد أن كانت القضية الفلسطينية تتصدر كبرى الأزمات، فبعهد الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب ظهر الانحياز الواضح لإسرائيل ومعها محاولات عديدة للضغط على الدول العربية ومنها الأردن لقبول مشاريع من شأنها إنهاء هذا الملف دون الحصول على دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
ومع صعوبة الوضع الاقتصادي للمملكة التي طالما كانت تعتمد على المساعدات من دول خارجية ومحاولة حصارها بهذا الشأن والضغط عليها مقابل التنازل عن الوصاية الهاشمية والمقدسات الإسلامية بالإضافة إلى قضية اللاجئين الفلسطينيين وملف الأونروا، إلا أن الإرادة كانت أكبر من كل هذه التحديات، وفشلت كافة محاولات النيل من الصمود الأردني الذي وصل إلى نهاية السباق منتصرا محققا غايته في استعادة أراضيه التي استؤجرت منذ 25 عاما.
أمس لم يكن يوما وطنيا عاديا، إنما يوما تاريخيا تسطر قصته أنامل الأبطال الذين التفوا حول قائدهم حتى تلقفوا نبأ انهاء العمل بالاتفاقية قبل عام، ليزفوا تراب تلك المنطقة إلى خاصرة المملكة ليكتمل مشهد السيادة الكاملة على كافة الأراضي.
الأردن، قادر اليوم على الصمود أكثر وأكثر في وجه الغطرسة الصهيونية، ووقف محاولاتها الاستفزازية الضاغطة على المملكة بخصوص ملفات عديدة كالمياه واللاجئين والمقدسات الإسلامية والقضية الفلسطينية برمتها والتي تعتبرها عمان همها الأكبر ورسالتها التي طالما حملتها في كل دولة خطت عليها أقدام الملك، وكانت عنوان كل خطاب لجلالته من عن كل منبر اقتصادي كان أم سياسي، والتي كان أخرها يوم امس في خطاب العرش بتأكيد جلالته أن القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن كانت وستبقى منارة لن نحيد عنها أبدا.
اسرائيل لا بد لها وأن تدرك، كما اعتبر كثير من محلليلها السياسيين وإعلامييها أمس، أنها هزمت هزيمة نكراء من دولة جوار لها مصلحة عليا أن تكون صديقة لها لا عدوة، وأن اللعب على وتر الازمة الانتخابية في الداخل الإسرائيلي معركة خاسرة لها، وعليها أن تعيد حساباتها وأن تلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع المملكة والتوقف عن المهاترات السياسية. عليها أن تتعلم من درس الباقورة والغمر.