زاوية سناء فارس شرعان
في غمرة احتفالات الشعب الشقيق بالذكرى الخامسة والستين لثورة الجزائر المجيدة من الاستعمار الفرنسي التي لم نعرف لها مثيلا من قبل سوى الثورة الفيتنامية على الولايت المتحدة في ستينيات القرن الماضي شهدت العاصمة الجزائرية ومدنها الكبرى مثل وهران وقسطنطينه وعنابة مظاهرات غير مسبوقة تطالب بالغاء الانتخابات المقرر اجراؤها في الثاني عشر من الشهر المقبل وفقا لما اتفق عليه الحكام من بقايا عهد بو تفليقه من غير ارادة الشباب الذي قاد الحراك منذ ٣٧ اسبوعا خلت قطعت فيها الثورة الجزائرية شوطا طويلا في تهيئة الشعب والنخب السياسية والاحزاب والنقابات والجمعيات والهيئات العامة والمنتديات لانتخابات رئاسية وبرلمانية وبلدية من شأنها خلق جزائر جديد يبشر مستقبل باهر وتعد باعادة بناء واقع الجزائر واقامة عهد جديد من الديمقراطية التعددية وتكريس حقوق الانسان واعادة بناء الحريات العامة…
الحراك الجزائري الذي اذهل العالم عندما تفجر احتجاجا على رغبة الرئيس عبد العزيز بو تفليقه ترشيخ نفسه لولاية خامسة بعد اربع ولايات منفصله فقد خلالها الكثير من قدراته الجسدية وحواسه ولم يعد قادرا على مزاولة مهامه الرياسية والادارية فكان لا بد من هذا الحراك لعدم ترشيحه لولاية جديدة في ضوء حالته الصحية التي لا تسمح له بمزاولة متطلبات الرئاسة .
ورغم استقبال قوى الشد العكسي من المنتنفعين من رئاسة بو تفليقه الذين يستغلون الاوضاع الصحية للرئيس لمصالحهم ومنفعتهم الذين بذلوا كل جهد ممكن لترشيح الرئيس لولاية خامسة الا ان رفض الشعب الجزائري وخاصة الجيل الجديد الذي عاش عصر الثورة والذي اعقب الثورة كان كفيلا باسقاط مؤامرات شهوة الحكم والتصدي للطامعين في الرئاسة ومنعهم من ارتكاب جريمتهم ما حدا بالرئيس الذي كان يعاني من الشلل والمتنفذين في عهده الى العدول عن ترشيح نفسه لفترة خامسة وتحقيق الشرط الاول من شروط الثورة الشعبية التي لم تكن تعمل الثورة على المستعمر الفرنسي فنالت اعجاب العالم وتطويره بنفس القدر الذي حظيت به ثورة فيتنام على الاحتلال الامريكي.
ورحب العالم وقواه الحيه بالنصر الجزائري للثورة الجزائرية عندما اعلن بوتفليقه عدم رغبته في ترشيح نفسه لولاية خامسة ما دفع الثورة الى مواصلة نشاطاتها وفعالياتها الى الامام لتحقيق متطلبات الثورة في اسقاط الرموز في العهد البائد الذين كانوا يتحكمون بمصالح البلاد ومقدراتها وثرواتها ما حمل البلاد المزيد من الديون والاعباء التي ترزح تحت وطأتها.
الا ان قوى الشد العكسي من طالبت الثورة بازاحتهم عن المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري وحدت جهودها لافشال الثورة وعدم تمكينها من تحقيق اهدافها في ازاحة رموز النظام السابق مثل رئيس البرلمان الذي اصبح رئيسا مؤقتا بموجب الدستور ورئيس الحكومة الذي عينه الرئيس السابق قبيل ارغامه على الاستقالة بالاضافة الى رئيس هيئة الاركان الذي اضطلع بدور كبير في عهد الثورة ورفض اي حل غير دستوري خلافا لارادة الشعب الجزائري وقواه الحية وفعالياته الشبابية والحزبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والنسائية بحيث انخرطت كافة الفعاليات الجزائرية في الثورة الشعبية واصرت على المضي قدما في تحقيق اهدافها …
ورغم المواقف الوطنية للجيش الجزائري وانحيازه للثورة الا انه حاد عن اهدافها وعمدوا الى جرف الثورة عن مسارها ولم يحقق ايا من اهداف الثورة الاخرى بالاضافة الى عزل بوتفليقه ومنعه من ترشيح نفسه لولاية خامسة ورفضت الثورة اجراء انتخابات باتت في شهر ديسمبر المقبل كما حددت القيادة السياسية ورفعت شعار الجزائر لا تنتخب الا بعد تهيئة الظروف المناسبة للانتخابات وفي مقدمتها التخلص من رموز عهد بو تفليقه … !!!