طالبات صينيات يقطعن مسافات طويلة لدراسة اللغة العربية

نبض البلد -
نبض البلد -

تقطع ثلاث طالبات من مناطق صينية عدة، مسافات تصل في بعضها إلى ألفي كيلو متر في زمن يتجاوز 10 ساعات في القطار، وساعتين ونصف في الطائرة؛ للوصول الى جامعة يدرسن فيها تخصص اللغة العربية، استجابة لتوجه بلاد التنين للانفتاح الواسع على الثقافة العربية، وبناء طريق الحرير برًا وبحرًا وجوًا. فعلى امتداد 73 عامًا والصِّين تلتزم بتدريس اللغة العربية لشبابها الجامعيين، بعد أن بدأتها عام 1946 في جامعة بكين، حيث كانت هذه البداية الباب الواسع للانفتاح على المجتمعات العربية، ومدِّ جسور التفاهم والتعاون معهم حتى أصبحت عشرات الجامعات الصينية، تهتم بتدريس اللغة العربية ومنح صاحبها الشهادة الجامعية الأولى.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) التقت ثلاث شابات صينيات يدرسن العربية، وقد بدأت حروف الضاد تنتظم من مخارجها لديهن، وتم اختيار أسماء عربية لمناداتهن بها بدلا من الأسماء الصينية، وقد أبدين شغفًا كبيرًا ببحر العربية الكامن الكبير.
"شئ مينغ" المولودة في مقاطعة فوجا جنوب الصِّين، تترك بلدتها متوجهة إلى جامعة الدراسات الأجنبية بالعاصمة بكين، في رحلة تستغرق ساعتين ونصف إن ركبت الطائرة، و10 ساعات بالقطار السريع، تقول لـ (بترا)، إنها تُحب أن تُسهم في بناء طريق الحرير مع العرب وأول خطوات البناء تعلُّم اللغة.
وتضيف إن هذه الجامعة هي مهد الدبلوماسيين الصينيين ويتم تدريس 100 لغة، وأنها اختارت العربية لأنها واحدة من اللغات الرئيسية الست للأمم المتحدة، ويلعب العالم العربي دورًا مهمًا في العالم كله ومن خلال دراسة اللغة العربية، يمكنها معرفة الدول العربية وتاريخها العريق وحضارتها بشكل عميق. بعد ثلاث سنوات من دراسة اللغة العربية، تؤكد مينغ أنه أصبح لديها فهم أكثر شمولاً للعالم العربي، وآفاق أوسع للعالم كله، وبناء على هذه اللغة تم تحديد اتجاه عملها المستقبلي.
20 مدرسًا غالبيتهم العظمى من الصينيين يتناوبون على تعليم مينغ العربية هي و40 زميلا معها بنفس الصف كما تقول، وتكون هذه الدراسة عبر كتب مدرسية كتبها المدرسون، بالإضافة إلى متابعة الأخبار عبر المواقع العربية أيضا.
"لي يو" والمولودة في مقاطعة "سيشوان" جنوب غرب الصِّين وتدرس في جامعة اللغات الأجنبية "بتشجيانغ"، تقول إن مكان سكنها يبعد عن الجامعة الفي كيلو متر وقد اختارت دراسة اللغة العربية حسب نظام الدراسة الذي تقول عنه إنَّه مختلف عن نظام الدراسة في الدول العربية. تبين "يو" فائدة دراستها للعربية والتي تمثلت أولًا بتكوين معارف كثيرة عن العرب، مبينة ان 12 استاذا يقومون بتعليمها هي و25 طالبا في الفصل الواحد، القراءة والحوار والاستماع والقواعد في اللغة العربية.
وتفيد الطالبة، بان اللغة العربية صعبة جدًا، لكنَّها ممتعة أيضًا، فهي مختلفة عن اللغة الصينية تمامًا، فعلى سبيل المثال تقول إنَّ الصينيين يضعون الوصف قبل الاسم الذي يريد أحد أن يصفه عند الحديث، لكن العربية تضع الوصف بعد الاسم.
"دوكه" والتي أطلق عليها اسم "دانا" بالعربية، تدرس في جامعة الدراسات العربية في بكين، وتعيش مع والدها في العاصمة فهي صاحبة حظ كبير أن مكان سكنها ليس ببعيد عن جامعتها.
تعتقد "دوكه" أن اللغة هي أداة للتعرف على العالم الأكبر، وتشير إلى انها اشتركت في امتحان الالتحاق بالجامعة وكانت اللغة العربية هي أفضل خيار لها؛ لأنَّ "العربية" هي إحدى اللغات العاملة في الأمم المتحدة وأنَّ الحضارة الإسلامية لها تاريخ عريق.
وتوضح، أنها استفادت من دراسة هذه اللغة، وتعرفت إلى عدد من الأصدقاء الناطقين بها وقرأت أعمالا رائعة من الأدب العربي، وتضم كليتها 20 أستاذًا متخصصًا بهذه اللغة، ودرست مادة خاصة بالعربية وبعض الروايات المشهورة في الأدب.
وتقول دوكه، انه في كل عام يلتحق نحو ألفي طالب صيني لدراسة اللغة العربية، لافتة الى انه وقبل دراستها لهذه اللغة لم تكن تعلم كثيرًا عن العالم العربي أو حضارته، لكن بعد تعلمها ازداد حبها وشغفها واحترامها للعالم العربي وتاريخهم الإنساني الجميل، وأنها أمة تستحق الاحترام. وتضيف، أنَّ هناك صورة نمطية خاطئة تشكلت لديها وعند الكثيرين عن العرب، بسبب الأخبار التي تنقل عنهم من قبل بعض الجهات، وأنها ترغب في أن تُسهم في تغيير هذه الصورة خاصة بعد أن تمتلك اللغة السليمة والصحيحة.
"دوكه" التي بقي على انهائها متطلبات دراسة اللغة العربية سنة واحدة ترغب بإكمال دراستها في الصِّحافة الدَّولية في جامعة "تسينغهوا" للدراسات العليا، ثم تعود للعمل في هذا المجال وتقديم اسهامات جديدة.
واطلعت (بترا) على طريقة التدريس وأحد المناهج التي تعطى للطلبة في إحدى الجامعات الصينية، وأطلق عليه اسم الجديد في اللغة العربية، مكتوب باللغتين العربية والصينية، حمل الدرس الأول اسم "السَّفر"، والثاني "العائلة العربية"، والثالث "في المستشفى"، بالإضافة إلى 15 درسًا آخرًا ضمن نفس الكتاب. ويتعلم الطالب من خلال الدروس القواعد النحوية والصرفية والتعبير، بالإضافة الى مفردات جديدة.
ويذكر ان احد دروس المطالعة بمنهج اللغة العربية في الصِّين يحمل اسم "زيارة القدس"

(بترا)