نايل هاشم المجالي
ان التغير الايجابي ليعتبر امراً مهماً وضرورياً من اجل تحسين القدرات بكافة المجالات ، حيث ان الثبات على طرق واساليب معينة في التعامل مع الازمات والاحداث يجعل الجميع في حالة يأس ، حيث تدخلنا في حلقة الروتين والتغير لمختلف المواقع، حيث لا بد من تغير السلوكيات في اداء العمل واختيار الاشخاص الاكفاء متجاوزين العقبات التي تعودنا عليها واهمها المحسوبيات ، والتي ادت الى نتائج سلبية في كافة الشؤؤن الحكومية المختلفة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً .
قال تعالى (( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) سورة الرعد ، ولقد جعلت مسألة تغيير المجتمع راجعة الى تغير ما في أنفس افراده نحو الافضل ، فمسألة التغير بيد الانسان وهي بيد المسؤول خيارة وقراره لانه صانع التغيير .
فهناك قدرات ظاهرة لدى الشخص المسؤول وهي ملاحظة وفاعلة ويمكن مشاهدتها على اختلاف انواعها ، وهناك قدرات غير ظاهرة حيث تكون موجودة عند الانسان ولكنها غير مفعلة ، وبحاجة لمن يحررها ليفعلها وتوفير البيئة والظروف المناسبة لذلك ، والتغيير الذي نقصد به هو التحول من حالة الى حالة اكثر ايجابية واحداث شيء افضل مما كان سابقاً والانتقال من الانشطة القولية الى الانشطة الفعلية .
اي نتحول من واقع سيء نعيشه الى واقع اخر ننشده والتغير سنة كونية وأمر فطري في الحياة فحياة الشعوب قائمة على مبدأ التغير للوصول الى واقع افضل وتحقيق الاهداف المأمولة ، وهو دليل طموح وتطلع واستغلال الطاقات المهدرة والمعطلة وهي قدرات غير مفعلة ، وهناك مواهب مدفونة عند الكثيرين والانسان والمسؤول الايجابي يفكر في الحل ، والانسان والمسؤول السلبي يفكر بالمشكلة والمسؤول الايجابي لا تنضب افكاره والمسؤول السلبي لا تنضب اعذاره .
ولغاية الان وعد الحكومات المتعاقبة لم يشعر المواطن ان هناك تغيراً ايجابياً او تغيراً يواكب التطور ، فالمشاريع الخدماتية متعثرة وتأخذ سنوات طويلة حتى يتم تنفيذها لاسباب عديدة ، فالأساليب والاجراءات القديمة لم تعد تصلح في عصرنا هذا ولحاضرنا ، والمواطن يشعر ان تلك الاساليب والاجراءات والمفاهيم البيروقراطية والقديمة كانت وما زالت مثقلة بالقيود وتواكب زمانها .
وان الواقع الحالي يحتاج الى اصحاب قرار واصحاب فكر واكثر تفتحاً وادراكاً للواقع الحضاري الجديد ، كما هو حاصل في العديد من الدول المجاورة افكاراً نيرة جديدة لمشاريع جديدة استثمارياًوسياحياً ووسائل نقل حديثة ، حتى وصل عدد المواطنين الاردنيين هناك عدداً كبيراً سواء من يريد ان يعمل او من يريد ان يتسوق او يستثمر .
اذن الواقع الحالي يحتاج الى فكر اكثر تفتحاً وادراكاً للتغير نحو واقع جديد ، والجدل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين كافة الاطراف المتناقضة بالرأي والحكم على الواقع الحالي مشكلته انه سوف يطول ويتراكم على مر الايام ويعيق حركة التقدم الحضاري ، من غير ان يكون هناك قاض محايد يستطيع ان يحسم النزاع فيه ، فهذا التناقض والتباين والجدل سيبقى محاكمة بلا حاكم فيها ، وسيبقى التفكير والقلق والاختلاف لا يفترقان عن بعضها البعض .
وكذلك فان الشك في كل شيء لن يكفي لعملية الاصلاح ، ولا بد لمن يدّعى الاصلاح ان يقدم للمواطنين ما هو اصلح ، فلقد اصبحت منزلة اي مسؤول السياسية والاجتماعية تقاس بما يحمل من افكار نيرة ومبادىء صادقة ، وبمقدار سعيه نحو تحقيقها ، وبمقدار ما يضحي في سبيل ذلك .
ومن لا يساير الزمن والتقدم فسيبقى في المؤخرة وان استغاث فلن يسمع احد استغاثته ، والانسان مجبول على التنازع والتناقض وذلك في صميم تكوينه ، واذا لم يكن هناك اي شيء نتنازع عليه فإننا سنجد هناك من يصطنع التنازع حتى ولو كان ذلك وهمياً.
والشك كما نعلم مرض معدي لا يكاد يبدأ في ناحية حتى يعم في جميع النواحي ، لذلك تعطلت غالبية المشاريع ولن نستطيع مهما اوتينا من امكانيات وقوة ان نحقق ونصل الى ما ننشد اليه من تطور وتقدم وحضارة اذا بقينا في دائرة الخوف والشك من اتخاذ القرار ، وحينئذٍ ستقف الحياة وعلينا ان ننشد الوفاق والاتفاق للمصلحة العامة ولنحقق الامن والامان .
وهناك كما نعلم فئة المتسلقين الذين ينشدون المكانة السياسية والاجتماعية ، ودائماً يطرحون ما يناكف الصالح العام ويتظاهرون بحب الاصلاح ليتمكن من تحقيق مكتسباته ومنافعه الشخصية ، والشعب اصبح على درجة عالية للمفاضلة بين الرجال الاوفياء المخلصين والمصلحين والرجال المتسلقين الوصوليين ، وهذا اكبر دليل على حيوية المجتمع .
والنقد الهادف عبر كافة الوسائل الاعلامية والتواصل الاجتماعي ، حين يقيم ويبين العيوب ويبدي رأيه بكل صراحة وضمن الاسس السليمة والصحيحة وبأسلوب حضاري ، فالمعارضة الهادفة التي تؤدي الى التطور والاصلاح يجب ان تكونعلى اساس مبدئي وليس شخصي ويتفق عليها الجميع ، وصاحب القرار لا يريد مجتمع راكدحتى لا تنمو فيه الطحالب وتعشعش فيه التنظيمات المتطرفة .
فمطالب الشعب مطالب سليمة يجب ان لا يكون فيها ضرر ولا مسؤولية عليها ، بل هي ضمن محور عدم الضرر المعيشي لحياته ، مقابل عجز الحكومة عن تحقيق الاصلاحات المنشودة او تحقيق مداخل جديدة تدعم الموازنة العامة.
انها رحلة التغير الذاتي اولاً والتغير الايجابي ثانياً من خلال خطوات الوعي والادراك التي علينا ان نسيرها من اجل التغيير الذي يحقق لنا الهدف المنشود ، مع ممارسة اثناء ذلك التوازن العقلاني والسلوكي وفن ترتيب الاولويات ، والمثابرة على افكار التغير الايجابي مع علمنا انه يأخذ رحله طويلة لكن لا بد منه والاهم ان نسير في طريق التغير نحو الامام .
Nayelmajali11@hotmail.com