الانباط - رام الله
تتحول مناطق جنوب محافظة الخليل يوما بعد آخر الى مسرح عمليات استيطانية واسعة، كما هو الحال في مناطق الأغوار وهما محط أطماع مخططات الضم والتوسع الاسرائيلية .
واكد تقرير الاستيطان الاسبوعي الذي يعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير ويغطي الفترة من (21–27) ايلول، ان سلطات الاحتلال أعلنت مؤخرا الاستيلاء على نحو 1500 دونم من أراضي دورا جنوب الخليل، بعد تفعيل قرار صادر منذ 1987 يقضي بالاستيلاء على ثلاث قطع من أراضي دورا، بحجة أنها "أملاك دولة". وهذه الأراضي مأهولة بالسكان وتقوم عليها مئات المنشآت، فضلا عن أنها مزروعة، كما انها تقع ضمن حدود بلدية دورا.
وبين ان الأطماع الاستيطانية في هذه المنطقة تعود الى نهاية ثمانينات القرن الماضي. ففي 1987 تم التوقيع على وثيقة أملاك دولة في حوض (رقم 8) من أراضي دورا بموجب أمر عسكري، وفي 31 تموز من هذا العام استكملت سلطات الاحتلال فحص الحدود وتعديلها، علما ان جزءا منها يقع ضمن المناطق المصنفة "ب" وبعض مالكيها لديهم طابو عثماني بملكيتهم لأراضيهم. وهذا الأمر العسكري القديم الجديد والذي تم تعديله مؤخرا يقضي بالاستيلاء على هذه المساحة المحاذية لشارع بئر السبع على الجانبين، والذي يربط ريف دورا الشرقي والظاهرية جنوبا.
وفي محافظة الخليل أقام مستوطنون 6 بؤر استيطانية جديدة على أراضٍ فلسطينية خلال الأعوام 2017-2019 على بعد مئات الأمتار من مستوطنات كبرى مقامة منذ سنوات سابقة. وأقيمت تلك البؤر على أطراف المحافظة من جهات الشرق والغرب والجنوب، وتحديداً على أراضي بلدات دورا، بني نعيم، يطا، السموع، الظاهرية، وسعير. حيث بدأ المستوطنون بإقامة معظمها بجلب شاحنات مغلقة وإسكان عائلة أو اثنتين من المستوطنين فيها. ويتم وضع الشاحنة والإقامة فيها لمدة، ويتم إيقافها على إحدى التلال القريبة من مستوطنة قائمة، وخارج مخططها الهيكلي وما إن تقوم السلطة المحلية في المستوطنة بتزويد الشاحنة بالخدمات، حتى تجلب أسرة المستوطنين مباني جاهزة (كرفانات) أو تبني مساكن من ألواح الصفيح المعزول، لتصبح هذه البؤرة شيئًا فشيئًا أمرًا واقعًا على الأرض". بهدف فرض السيطرة على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين.
وتجدر الاشارة هنا الى أن اسرائيل أقامت 18 بؤرة استيطانية منذ تولي دونالد ترمب الحكم عام 2017، فيما بلغ عدد البؤر الاستيطانية، التي اقيمت خلال عهد الرئيس باراك اوباما نحو 14، بعد سنوات لم يتم تسجيل إقامة بؤر استيطانية فيها بعد 2012.
وتحت غطاء "الأمن" يمارس الاحتلال في الخليل سياسة التضييق على الفلسطينيين كوسيلة لتهجيرهم قسريًا. وتتذرّع بحجج أمنيّة واهية لكي تطبّق في منطقة مركز المدينة سياسة تجعل حياة الفلسطينيّين جحيمًا لا يُطاق بهدف دفعهم إلى الرّحيل عن منازلهم. وتعتمد هذه السياسة آليّات الفصل الحادّ والمتطرّف التي تطبّقها إسرائيل في المدينة منذ 25 عامًا، منذ المجزرة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين بهدف تمكين المستوطنين من السّكن في قلب مدينة فلسطينيّة مكتظّة.
وتمثل هذه السياسة خرقا لحظر النقل القسريّ الذي يُعتبر جريمة حرب. خاصة أن سلطات الاحتلال تتعمد التضييق على الفلسطينيين في المدينة وتتجاهل احتياجاتهم بهدف تهجيرهم من منازلهم، مقابل توفير احتياجات المستوطنين وخلق جو ملائم لهم لتشجيعهم على البقاء في المدينة، حيث أنشأت شريطًا متّصلًا ومعزولًا عن بقيّة أجزاء المدينة تمنع دخول الفلسطينيّين إليه، والى جانب ذلك تمارس عُنفا روتينيّا على أيدي الجنود والمستوطنين ضدّ سكّان المدينة، بهدف إذلالهم عبر الاعتداء الجسديّ وتعمد تهديدهم وإهانتهم. فيما تحول مركز المدينة إلى منطقة أشباح بفعل الواقع الجحيميّ الذي فُرض على الفلسطينيّين، حيث رحل آلاف منهم عن مركز المدينة، وتداركت اسرائيل التكاثر السكّاني للفلسطينيين في الخليل بتقديم الدعم الرسمي للاستيطان وتثبيته، مقابل تهجير الفلسطينيين.