شادي فراح: كهربوني قبل أن يعتقلوني وقضيتُ 4 أشهر بـ"الانفرادي"

نبض البلد -
 

أصغر أسير مُحرر يروي تفاصيل 3 سنوات من الخوف والرعب خلف القضبان

 شعرت بالرعب من موت سجين امامي وأُغشي على أمي عندما شاهدتني بملابس السجن المبللة

حُرمت من النوم وأُجبرت على تناول عقاقير "مُهدئة" وخدعوني بأن أعترف بنيّتي تنفيذ عملية طعن

 - رام الله

في مركز اعتقالٍ يسمّيه الاحتلال "مركزاً تأهيليّاً للأحداث" اعتُقل الفتى شادي أنور فرَّاح البالغ من العمر حالياً 16 عامًا، لمدة ثلاث سنوات مع سجناء جنائيين، وقد كان أصغرهم حينها، إلى أن أُفرج عنه قبل عام. ويعتقل الاحتلال الأطفال المقدسيين في مراكز تُسميها "إصلاحيات"، تقع في "يرثا، وطمرة، وعبلين" في أراضي الـ48.

اعتقلت قوات الاحتلال الفتى فرَّاح في 29 كانون الأول 2015، عقب انتهاء دوامه المدرسي بزعم نيته تنفيذ عملية طعن لوجود سكين يُستخدم لتقطيع الفواكه مع أحد أصدقائه.

عاش شادي فصول اعتقالٍ مليئة بالظلم والقهر والتعذيب وانتهاك خصوصيته كطفل، هذا ما كشفه فيلمٌ وثائقي أعدته جمعية مساءلة العنف ضد الأطفال "Avac"، يتحدث فيه أصغر أسير فلسطيني عن تفاصيل الرعب والخوف التي عاشها على مدار 3سنوات في سجون الاحتلال.

تكشف " Avac"، تفاصيل ورحلة الألم في اعتقال فراح من سكان القدس المحتلة، الذي عاش تجربة أصغر أسير، من خلال فيلم وثائقي أعدته بمدة 34 دقيقة، ما بين حرمانه من حقه في التحقيق بوجود أحد أفراد عائلته أو بوجود محاميه، وتلفيق محققي ونيابة الاحتلال تهمة باطلة بحقه fالضغط عليه وتعرضه للتعذيب بمركز تحقيق المسكوبية بالقدس، ثم تعرضه للعزل الانفرادي 4 أشهر بـ"مركز تأهيل الأحداث في طمرة"، وما عاشه هناك من تجربة بين سجناء جنائيين.

ويوضح مدير الجمعية صيام نوارة، أنّ الجمعية قررت توثيق تجربة أصغر أسير عبر فيلم وثائقي، وتوثق ما يتعرض له الأطفال من انتهاكات قد تسيء لهم كأطفال خلال عملية اعتقالهم، وحين الإفراج عنهم قد يعانون من مشاكل نفسية.

ويروي فراح خلال الفيلم ما تعرض له لحظة اعتقاله: "كنت مع صديقي أحمد الزعتري، فجأة أحاط بنا المستوطنون، عند شارع رقم 1 في القدس، ثم جاءت الشرطة ووحدات اليسام، وخلعوا ملابسنا، وكبلونا وعصبوا عيوننا واعتقلونا بعدما ضربونا، ولدى وصولنا لـ"المسكوبية" حاولوا الضغط علينا لنعترف بأننا نريد تنفيذ عملية طعن بعد العثور على سكين في حقيبة أحمد، لكنني رفضت ذلك، لأنها سكين صغيرة لتقطيع الفواكه".

ويشير أن محققي الاحتلال حاولوا أن يورطوه بالكلام، ولكن دون جدوى، "وفي آخر يوم من وجودي في "المسكوبية"، أخبروني أنهم يريدون الإفراج عني، وحينها شعرت بسعادة، لكن تفاجأت بعد ذلك أن مدير مركز التحقيق يريدني أن أُوقّع على أوراق الإفراج، ليتبين لي أنهم أخذوني لـ(مركز الإصلاح) بدل الإفراج عني، ثم جاءت محامية إسرائيلية وأخبرتني بضرورة أن أُقر بأنني كنت أريد تنفيذ عملية طعن ثم تراجعت، ليتبين لي أنهم خدعوني في آخر يوم تحقيق".

في مركز طمرة للأحداث، يروي فراح رحلة الألم والعذاب: "كان (المركز) مختلطاً بين عرب ويهود، وسجناء أمنيين وجنائيين، وظروف اعتقال سيئة، والغرف لا تصلح للعيش، طيلة أيام الاعتقال كنا نعيش جواً من الرعب والتهديد والخشية على حياتنا، سواء من السجناء، أو من السجانين الذين كانوا يعطوننا أدوية مهدئة بحسب ما يقولون، وإن رفضنا يهددونا بزيادة مدة حكمنا، حينها كنا نضطر لتناولها لأننا نريد أن نخرج من السجن ونكون بين عائلاتنا".

في تجربة السجن، عاش، أيضاً، تجربة العزل الانفرادي بعدما تم احتجازه لمدة 4 أشهر في غرفةٍ وحده، ويُمنع عليه أن يتحدث مع الآخرين، ويقول: "كنت لا أنام جيداً". ويضيف: "في أول سنة لي في الاعتقال كنت أفكر دائماً بعائلتي وأريد الخروج إليهم، وفي الأشهر الخمسة الأولى كانت أُمي ممنوعةً من زيارتي".

وينصح شادي أقرانه الذين يتعرضون للاعتقال أن يلتزموا حق الصمت ويرفضوا الحديث بدون وجود طرف من العائلة أو المحامي".

لم تنم فريهان دراغمة ليلة اعتقال شادي، فطفلها البكر لا يكاد يغادر المنزل إلا وقت اللعب مع أصدقائه، اعتقاله كان أصعب يوم بحياتها، إذ ما زالت تذكر لحظات اعتقاله حينما تم اعتقاله وصديقه بناء على اشتباه من مستوطن، وأنه يوجد معهما سكين فواكه، وحينها شادي حاول الهروب عندما رأى الجنود، فاعتقلوه بعدما كهربوه بالعصي الكهربائية، وما زاد من قلق "فريهان" أن الاحتلال لم يسمح لوالده برؤيته وحتى محاميه منع الدخول معه في التحقيق، وحين عاد زوجها أخبرها أنهما سيشاهدانه بالمحكمة، حينما رأت طفلها في المحكمة انهارت فأول مرة تراه بهذه الحالة، يلبس ملابس غير كافية وكان في حالة سيئة من البرد، وأجبروه على غسل ملابسه وارتدائها، مبلولة ثم شغلوا عليه مرة الهواء الساخن وأخرى البارد.

وفي الفيديو، يتضح أن المحققين كانوا يحاولون إلصاق تهمة بشادي، كان يخبرهم أنها سكين فواكه، حينها كان المحقق يرد على "لا تتهبل علي"، ويرد شادي لم نأت لنفعل شيئا، وكان المحققون يطفؤون الكاميرا ويحققون مع شادي ويضغطون عليه ويضربوه ويريدون توريطه بتهمة أنه وصديقه يريدون تنفيذ عملية طعن.

وتوضح، الاحتلال أصر على إلصاق التهمة بشادي حينما أراد المحققون أن يوقعوه على أوراق باللغة العبرية لا يعرف قراءتها لكنه رفض.

كانت أُم شادي تتوقع أن يتم الإفراج عنه بكفالة وحبسه منزلياً، لكن المدعية العامة رفضت، وأبلغت قاضي المحكمة أن "من يخطط اليوم سينفذ غداً"، ثم وافقها بذلك القاضي وتم تأجيل المحكمة، لتستمر معاناة شادي، وحكم عليه بالسجن 3 سنوات، بعد الحكم زادت الأمور تعقيداً، فشادي تم نقله إلى سجن مخصص للأطفال، ورغم أنه غير مسموح أن يكون في ذلك السجن لأن عمره 12 عاماً، والسجن مخصص للأعمار بين 15-18، فإن الاحتلال أصر على سجنه معهم.

وتسرد أُم شادي الأوضاع السيئة للمركز، فهو سجن يتعرض فيه الأطفال للاعتداء اللفظي ومحاولات اغتصاب، ويجبروا على إعطائهم مهدئات بزعم أنهم يريدونهم أن يناموا جيدًا.

وتروي أن طفلها عاش حالة نفسية سيئة بعدما شاهد أحد السجناء يموت أمامه، وزعم الاحتلال حينها أن السجين مات بجلطة، وشادي لم يكن يعرف النوم لأنه كان يخشى على نفسه.

كان يخبر والدته بكل شيء يحصل معه، فأحد السجناء الأطفال تعرض للاغتصاب، بعد الحكم على شادي، بدأت الام رحلة جديدة من التوعية بحقوق الأسرى الأطفال، وتشارك بندوات في مؤسسات وجامعات، فهي تريد أن تفضح ممارسات الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين. ما تقوم به هو نيابة عن عائلات الأسرى الأطفال البالغ عددهم نحو 300، كما توضح.

وتشدد أنه يجب على الأهالي أن يقوموا بتوعية أبنائهم، فيجب أن يعرف الطفل كيف يتصرف حين اعتقاله ويعرف حقوقه خلال اعتقاله والتحقيق معه.

تقول فريهان: "حينما أُفرج عن شادي كان شاباً، وتفكيره مختلف عن تفكير أشقائه وشقيقاته، لقد سُرقت طفولته، وأحياناً أشعر أنه يريد طفولته كي يعود إليها، أدخل أحياناً غرفته، فأجده ينام وبجانبه ألعابه عندما كان طفلاً".

ووفق تقرير مشترك لمؤسسات تُعنى بشؤون الأسرى، فإن عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال حتّى نهاية آب الماضي بلغ نحو (5700)، منهم (38) سيدة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال نحو (220)، والمعتقلون الإداريون (500)، وأصدرت (76) أمر إداري بين جديد وتجديد لأوامر صدرت سابقاً.