نايل هاشم المجالي
الحس الوطني في الانسان المخلص هو في وجدانه ، لان الوجدان صفة انسانية يختص بها الانسان الذي حقق ذاته الانسانية ، ولا ينمو هذا الاحساس الا عند الافراد المتحررين من التبعية كونه حكما اخلاقيا روحيا ، وهو صفة من صفات الشخصية .
حيث إن الشخصية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية والثقافية لا تكتمل بالعلم والمهنة فقط ، لان العلم وسيلة مادية لمعرفة الوجود والمهنة ، والمنصب وسيلة لكسب العيش ، والشخصية تعبير عن وجود وكيان الانسان بشكل عام ، وتعبير عن الوجود الاجتماعي من خلال الذات الانسانية ومن خلال الفعل الاخلاقي للشخصية حتى تكتمل الشخصية، وعندما نتداول بعض الشخصيات في مجالسنا فإننا نقيمها من خلال محكمة الوجدان لنتخذ بعدها القرارات العادلة بحقهم ، ويكون تقييمهم الوجداني وحسهم الوطني وغيرتهم على الوطن من كافة الجوانب ، من خلال المعايير والاسس لمسيرتهم العملية والمهنية والاجتماعية اثناء توليهم للمناصب ، وبعد احالتهم على التقاعد وانخراطهم الاجتماعي ، لتكون محكمة الوجدان اكثر دقة وعدالة من الحكم العاطفي ، لان احكامها تحاكي حقيقة السلوكيات الواقعية وتقييم مدى استغلال نفوذهم عند توليهم للمنصب لتحقيق مصالحهم الذاتية والفردية ، ومدى تكوينهم للشللية التي تشكل عقبة في طريق تقدم الجماعة وتطورها .
فعندما يفقد اي شخص الحس الوجداني اتجاه القيم الجمعية ليعطل المسيرة تكون الاحكام بحقه سلبية القرار ، لان الفعل من المزايا والصفات الانسانية النبيلة في التعبير عن ولائه وانتمائه الحقيقي في الكثير من المفاصل الحرجة التي يمر بها الوطن .
فهناك شخصيات ذات وجدان مريض تقدم على الفعل غير الاخلاقي ، وتعمل على كبح حركة التقدم لا يعنيهم شيء سوى مصالحهم الذاتية والانانية الفاقدة للوجدان والفعل الاخلاقي ، وموقفهم موقف الغير مبالي بما يحدث بل موقف المتفرج .
الوطن بحاجة لكل شخصية وطنية عاملة ومتقاعده وبحاجة لكل شاب ، ليقفوا موقفاً واحداً يجسدون من خلاله ولائهم وانتمائهم للوطن ، وليقفوا سداً منيعاً ضد كل المحاولات التي تريد ان تنال من أمن واستقرار هذا الوطن وتماسك شعبه .
كلنا يعلم ويعي ان مجتمعاتنا مجتمعات متحولة ومتغيرة ، ودوماً نحتاج من اجل ذلك لبوصله تحدد اتجاهاتنا في مختلف المجالات ، وهناك يأتي نقد المجتمعات البنّاء الهادف من اجل تصحيح المسار ولبناء قاعدة متينة ترسم معالم الطريق السوي .
لذلك يأتي دور الفكر والثقافة وهي من الادوار الهامة في هذا المجال ، ليأخذ احد المحاور الهامة الذي يجب ان يقوده شبابنا المثقف المتعلم ، حيث ان الفكر والثقافة أصبحا اليوم مسيطران على مجتمعاتنا بسبب الاعلام المفتوح للكتنولوجيا الحديثة التي وفرت كل شيء .
والفكر والثقافة هو الموجه للطريق الضبابي للشباب من اجل انارته وتحديد معالمه ، فالفكر هو مجموعة الاراء والافكار التي يعبر به الافراد عن اهتماماتهم بكل ما يجري من حولهم من احداث سياسية واجتماعية واقتصادية ، يتناولها شبابنا في الجامعات نظرياً ويتعايشون معها عملياً وما بينهما من تعارضات واختلافات او توافقات يلمسها في حياته لتحدد معالم مستقبله العملي والاجتماعي .
اما الثقافة فهي منظومة قيمية واخلاقية وسلوكية نحو المجتمع ، وهي تشكل خريطته الادراكية ومدى وعيه وانماطه الشخصية وهي وعاء هويته الوطنية .
ومن ذلك نجد ان هناك تمازجا بين الفكر والثقافة وترابطا يؤثر كل واحد فيهما على الآخر ، فإذا ما ناقشنا اي مشروع او استراتيجية مستقبلية لا بد ان نناقش الاسسس والمبادئ التي وضعت لها والمفاهيم العقلية التي سترسم مسيرة وآلية العمل التي سوف تبلور هذا المشروع او تنفيذ الاستراتيجية .
حيث ان المجتمع زادت ثقافته ووعيه بسبب التكنولوجيا الحديثة للاعلام ، وحرية الرأي والتعبير والتعليق والتحليل داخلياً وخارجياً ، فاصبح المواطن خاصة الشباب يعي بذاته ومحيطه ، واصبحت الثقافة عبارة عن نافذة يطل منها الطالب والمواطن على كل نواحي الحياة العلمية والسياسية والاقتصادية والروحية وتحكم ممارسته .
فهناك بصمات الواقع التي تؤثر على ذلك خاصة باطلاعه على ثقافات اخرى غربية ، واصبحت الثقافة هي الوعاء الحاضن للفكر التي من خلالها يطرح اراءه ويحدد معالم مساره الحاضر والمستقبل .
Nayelmajali11@hotmail.com