أ.د.محمد طالب عبيدات
هنالك تفاؤل لعودة الطلبة لصفوفهم والمعلمين لأداء رسالتهم السامية وذلك بعد رسالة رئيس الوزراء للأسرة التربوية والتي قال فيها " آن الأوان أن يعود الطلبة لمقاعد الدراسة والمعلم لأداء رسالته السامية، لكي يطمئن أولياء الأمور على فلذات أكبادهم، وأن نجلس على طاولة الحوار لخدمة المعلم والطالب والارتقاء بالمسيرة التعليمية، لما فيه خير الوطن وأجيال المستقبل"، وأن تحسين الوضع المعيشي للمعلم سيكون ضمن إطار متكامل لتطوير أداء القطاع العام، وجميعنا مع المعلم في خندق الوطن تحت قيادة جلالة الملك، لكن نقابة المعلمين ردّت على ذلك بالاستمرار بالإضراب بسبب عدم ذكر علاوة ال 50%، بيد أن التفاؤل عاود الظهور على الساحة عندما طلب نقيب المعلمين رؤية ومقابلة دولة الرئيس في أي مكان يرغب به في الرئاسة أو النقابة:
1. القراءة الأولية للسجالات الإعلامية الأخيرة بين الحكومة ونقابة المعلمين تشير لتفاؤل للخروج من الأزمة حيث إن هنالك أرضية لبدء الحوار من جديد لغايات الوصول لتفاهمات عملية تعيد الطلبة لمقاعد الدراسة والمعلمين لأداء رسالتهم السامية.
2. على طرفي المعادلة الحكومة والنقابة استثمار الوقت خلال اليومين القادمين للخروج من الأزمة والوصول لحلول مرضية، فالقضية أصبحت واضحة للجميع أن العربة قبل الحصان أم الحصان قبل العربة؟ بمعني العودة للمدارس قبل إقرار العلاوة أم العلاوة قبل العودة للمدارس؟ وكلٌّ يمثّل طرح أحد الطرفين.
3. المعلمون بناة الوطن والعقول البشرية هم الجيش الثاني الذين نعتز بهم ونقدّرهم في المملكة الأردنية الهاشمية، ونحن مع دعمهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة ورفع سوية جودة التعليم في ذات الوقت لأن التعليم رسالة قبل أن يكون مهنة.
4. الأمن الوطني يواجه تحديات كبيرة هذه الأيام كصفقة القرن والضغوط الإقتصادية واضمحلال المساعدات الخارجية واللاجئين وبرنامج صندوق النقد الدولي وغيرها، ولسنا بحاجة للمزيد لتزيد كرة الثلج بالتحديات، فالوطن بحاجة لنا جميعاً لنقف في خندقه.
5. على طرفي المعادلة الحكومة ونقابة المعلمين إحترام الرأي والرأي الآخر والجلوس للحوار على الطاولة من جديد، فالنقابة تدّعي أن هنالك تفاهمات مع الحكومة عام 2014 على زيادة 50%، ووفق الحكومة التفاهمات كانت مع مجلس النواب وليس الحكومة طُبّق منها خمسة هي تعديل نظام الخدمة المدنية والتأمين الصحي وصندوق الضمان للفساد وتشريعات الإعتداء على المعلم ونظام مؤسسات التعليم الخاص، ولم يوافق على علاوة الطبشورة 50% من الراتب الأساسي، ولذلك في هذه الحالة مطلوب تدخّل طرف ثالث كمجلس النواب للوصول لتفاهمات تؤول لعودة المعلمين لمدارسهم وعرينهم وعودة الطلبة لمدارسهم لتزهوَ بهم.
6. هنالك بالطبع مبادرات كثيرة للوصول لتفاهمات، أولها المبادرة الحكومية والتي تقضي بمنح المعلمين علاوة ال 50% مربوطة بتقييم أداء ومؤشرات إنجاز وفق المسار المهني، وهي تتوافق مع بقية قطاعات التعليم العالي كالترقيات الأكاديمية، ولكن تم رفض هذه المبادرة من قبل نقابة المعلمين جملة وتفصيلاً.
7. مبادرة اللجنة النيابية الإدارية بنودها تشمل اعتذار الحكومة لكرامة المعلمين من خلال الناطق الرسمي وعودة المعلمين والطلبة بعدها للمدارس وتشكيل لجنة حكومية لدراسة ملف الرواتب وهيكليتها وتعويض تدريس أيام الاعتصام وتوزيع وحدات سكنية من أراضي الدولة للمعلمين وإيجاد مشاريع استثمارية للمعلمين وبعض الإجراءات الإدارية الأخرى، لكن لم يرد رد من نقابة المعلمين والحكومة على هذه المبادرة بعد.
8. هنالك سيل من الطروحات الفردية والتي تقضي بإعطاء المعلمين العلاوة المطلوبة لكن يتم تقسيمها على ثلاث أو خمس سنوات، وهنالك بعض الطروحات على وسائل التواصل الإجتماعي ربما تكون متطرفة منها اللجوء للجانب القانوني وحل مجلس نقابة المعلمين، وغيرها من الطروحات، والخلاصة أن الطروحات أوجدت انقسامات بالشارع بين مؤيد ومعارض للمطالب، ومع الأسف النتيجة أن أبناءنا ما زالوا في بيوتهم وفي الشوارع دون العودة لمدارسهم وممارسة حقوقهم الدستورية بالتعليم الإلزامي.
9. نحتاج للخروج من حالة كسر العظم بين الحكومة ونقابة المعلمين، فلا لعقلية غالب أو مغلوب لأن الوطن وأبناءنا الطلبة هم الخاسر الأكبر من ذلك، لذلك أطرح شخصياً مبادرة بالعودة للمدارس كحُسن نيّة من المعلمين وبكفالة الشعب الأردني الذي يتفهّم مطالب المعلمين وسيتم منحها لهم حال تحسّن الوضع المالي للمالية الحكومية، وهذه المبادرة نحتاج لصوت حكمة وعقل من بين المعلمين وكذلك الحكومة، وفي ذات الوقت يتم فتح صندوق وطني أو وديعة لدعم التعليم يخصص منه جزء لدعم رواتب المعلمين، ويتم تغذية هذا الصندوق من مشاريع إستثمارية ومسؤولية مجتمعية وشركات داعمة وربما زيادة على لتر البنزين بواقع فلسين ودعم القطاع الخاص كنسبة من الربح لدعم التعليم العام على غرار ضريبة الشركات، إضافة إلى الإعلان عن حزمة إجراءات إدارية من قبل وزارة التربية والتعليم لدعم المعلم كإعادة هيكلة الرواتب الحكومية ورفع نسبة مكرمة المعلمين والسماح بالعمل خارج أوقات الدوام دون قيود وحل مشاكل الفئة الثالثة وتطبيق ربط الأداء بالرواتب على كل موظفي الدولة وليس المعلمين فقط تحقيقاً للعدالة واستفادة المعلمين المتقاعدين من ذلك.
بصراحة: أملي كبير بإخواني المعلمين وأخواتي المعلمات أن ينبري من بينهم صوت الحكمة والعقل ويبادروا وبحُسن نية العودة لمدارسهم ولقاعات الصف وعودة الطلبة لمدارسهم وصفوفهم ويصدحوا في صفوفهم ويدرّسوا أبناءهم وبناتهم الطلبة لتعود الحياة للمدارس، مطلوب ذلك اليوم قبل الغد لنرى أبناءنا في مدارسهم وفي صفوفهم، فالكل حكومة ومواطنين مع مطالبهم ولهم كل الإحترام والتقدير، ولكن تحقيق المطالب حتماً سيأتي لاحقاً، فلتجلس الحكومة والنقابة على طاولة الحوار من جديد وبسرعة لتجاوز الأزمة، فالوطن بحاجة للجميع.