- وكالات
أفضت وعود رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بتوحيد نسبة صرف رواتب الموظفين العموميين بين غزة والضفة إلى خيبة أمل كبيرة، إذ وجد الآلاف أن الخصومات أتت على جزء وافر من رواتبهم، ليستمرّ مسلسل التمييز الذي يمهّد لـ"انتفاضة فتحاوية" قريبة.
وقد دفعت الصدمة التي خلّفتها آلية صرف رواتب موظفي السلطة في القطاع، عن الشهر الماضي، البُنى التنظيمية لحركة فتح في غزة إلى الخروج عن صمتها، ليفتح عضو اللجنة المركزية للحركة ومسؤولها في غزة، أحمد حلس (أبو ماهر)، النار على حكومة اشتية، قائلاً عشية صرف الرواتب: "الأمر لم يعد يُحتمل... الصدقية بمن يُقدمها قد اهتزت، وقطاع غزة غير مقصود في تلك الوعود. أنصح من يتحدث بها أن يقول إنه لا يقصد القطاع".
وكان اشتية قد أعلن أن حكومته عازمة على صرف 110% لموظفي غزة والضفة المحتلة على حدّ سواء، وهذه النسبة مجموع 60% من مجمل الراتب الأساسي عن الشهر الماضي، و50% من راتب شباط الفائت الذي شهد بداية خصم السلطة من رواتب موظفيها في الضفة نتيجة لحجز "إسرائيل" أموال الضرائب (المقاصة)، وهو ما استقبله الشارع الغزّي بترحاب كبير، مستبشراً بعودة تدريجية عن عقوبات رام الله على غزة.
لكن وعود رئيس الوزراء بدّدتها الخصومات المضاعفة، لتتراشق الاتهامات عددٌ من الجهات المسؤولية (البنوك، وزارة المالية). وما زاد الطين بلّة، أن صرف 110% على دفعتين في القطاع أدى إلى تضاعف نسبة خصم القروض من الرواتب، ما حرم الغالبية من الموظفين الحصول على ما نسبته 50% من أصل 110% التي بشّر بها اشتية، وهو ما رأى فيه حلس خدمة للبنوك لا للموظفين. كذلك بقي التمايز في صرف الراتب بين موظفي غزة والضفة، إذ حصل الأخيرون على 60% من قيمة الراتب الأساسي، بينما حصل موظفو غزة على 60% من قيمة 70% من الراتب الذي تستمر عليه الخصومات منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.
ردّ فعل الشارع في غزة جاء على قدر خيبة الأمل، وامتدت تداعيات الحدث لتطاول الهيكل التنظيمي لـ"فتح"، فلم يجد عدد من كوادره بدّاً من إعلان استقالتهم، في خطوة احتجاجية على "مهزلة الرواتب". وتكشف مصادر مطلعة أن الرئيس محمود عباس، تهرّب من الالتقاء بحلس الذي زار رام الله أخيراً لإيجاد حلول من شأنها تخفيف الاحتقان إزاء أزمة الرواتب، متذرّعاً بجدول أعماله، فانحصرت لقاءات حلس برئيس الوزراء وقيادة فتح في الضفة.
وتقول المصادر إن اشتية لم يستطع البتّ في أيّ من الموضوعات التي طالب حلس بإيجاد حلول لها، إذ طالب الرجل بإعادة رواتب الشهداء والجرحى، والمساواة في الرواتب المصروفة بين غزة والضفة، وإيقاف التقاعد الإجباري، فضلاً عن حلّ مشكلة "تفريغات 2005" بصرف راتب ثابت مقداره 1500 شيكل لهم (100 دولار = 360 شيكل). في المقابل، لم يقدم اشتية وعداً بحلّ أيّ من هذه القضايا، وتذرّع بـ"التعقيدات البنكية والمعاملات العالقة للموظفين"، إضافة إلى "فقدان الحكومة قاعدة بيانات دقيقة" حول أوضاع موظفي القطاع.
جراء حالة الغضب وجملة من الرسائل المتبادلة، ردّت رام الله على حلس وقيادة فتح في غزة برسالة مفادها ضرورة «"احترام أنفسهم"، وتجنب التعرض لحكومة اشتية. وبذلك، انتهت الزيارة، وفقاً للمصادر نفسها، بأن "أكبر ما يمكن أن تقدمه الحكومة إلى غزة في المرحلة المقبلة، تشكيل لجنة ستتولى تقديم معلومات أوفى عن الموظفين، لتنظيم قرارات الخصومات".