نبض البلد - غزة
ترتمي والدة الشهيد الطفل خالد الربعي على جسد صغيرها، تُقبلّه مرة تلو أخرى، وبين كل قبلتين تصرخ بصوت يهز أرجاء منزلها في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
وبصوت مخنوق يجهش بالبكاء تصيح: "يا حبيبي يما، حكولي إنك عايش ما متت، اصحا يا خالد.. حرقوا قلبي الله يحرق قلوبهم".
مشهد الأم راوية الربعي أذرف دمع كل من حولها، وهي تحتضن طفلها (14عامًا)، الذي خطف روحه قناص إسرائيلي أثناء مشاركته في مسيرة العودة وكسر الحصار شرقي غزة ولا تترجم الأم صدمتها سوى بصراخ يطالب المقاومة بالانتقام لدماء طفلها.
وبحروفٍ متقطعة بفعل النحيب، تقول وهي تستقبل النسوة اللاتي جئن معزّيات لها: "اشترى ملابس جديدة ووزّع حلوى وحلق شعره وكأنه على موعدٍ مع الشهادة".
وتضيف: "بأي ذنب قتلوا طفلي.. حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم العرب قبل اليهود الذين يتركونا لقمة سائغة لهم (للاحتلال). حرقوا قلبي الله يحرق قلوبهم؟".
تعود الأم مجددًا للبكاء وهي تمسك بعضًا من ملابسه وكتبه المدرسية علّها تطفئ النار التي شبّت في قبلها حزنًا على فراق طفها. تتساءل " طفل عمره 14 عامًا بماذا آذاهم.. ماذا فعل كي يقتلوه بدم بارد".
أما المسنة "أم لطفي" وهي جدة الشهيد فتقول: "إنه كان متفوقًا في دراسته ويتميز بالذكاء عن أقرانه ويحرص على المشاركة في مسيرة العودة لتقديم روحه في سبيل الوطن". وتشير إلى أن "جريمة قتل حفيدها خالد أوغلت في قلوب أسرته وعائلته الذين كانوا يحبونه كثيرًا، لطيبة أخلاقه ولطف تعامله مع غيره وعزة نفسه".
ويستعد "الربعي" في كل جمعة قبل المغادرة إلى مخيم "ملكة" شرقي غزة، بتحضير كوفيّته والمقلاع وحشد الأصدقاء للذهاب معًا إلى مسيرة العودة.
ويقول صديقه أحمد عودة: "كنا نذهب دومًا إلى مسيرات العودة.. لم نتقدم ولم نجتز السياج كما يدعي الاحتلال؛ لكنهم يريدون قتلنا ولا يريدون لنا العودة لأراضينا المحتلة".
وينوي أصدقاء الربعي مواصلة طريقه حتى تحرير فلسطين ورفع الحصار عن القطاع، وإزالة أشكال الظلم والهوان والمعاناة الواقعة عليه. يقول عودة.
وانطلقت مسيرات العودة وكسر الحصار في 30 مارس 2018؛ للمطالبة بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هُجّروا منها في نكبة 1948، وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 13 عامًا.
وأسفرت اعتداءات قوات الاحتلال على المسيرات السلمية عن استشهاد 324 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 18 ألفًا آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، ومن بينهم عشرات النساء والأطفال.