نبض البلد - وكالات
دأب عضو اللجنة الشعبية في بلدة العيسوية شمال شرقي القدس المحتلة، محمد أبو الحمص، على مسابقة الزمن لتوثيق اعتداءات الاحتلال بالصوت والصورة، ليصبح بذلك أحد أهم المصادر الموثوقة لما يجري في البلدة.
ليس سهلا أن يترك حياته مع عائلته ليتابع ويوثق ويصوّر، لكنه منذ سنوات لم يحتمل حجم ما تتعرض له بلدته من اعتداءات وحملات اعتقال وهدم وعقوبات جماعية، فاستخدم سلاحا وحيدا يملكه وهو النشر بعد التصوير والتوثيق.
ويقول أبو الحمص (53 عاما)، إنه تعرض للاعتقال حوالي 50 مرة أمضى في إحداها سبعة أعوام كاملة، والتهمة دائما هي توثيق اعتداءات الجنود والتصدي لهم والدفاع عن البلدة.
ويوضح أنه تعرض للإبعاد عن العيسوية عدة مرات، حيث يتم منعه من دخول قريته التي فيها منزله وعائلته ويُجبر أن يمضي هذه الفترة في مكان آخر داخل القدس أو خارجها، كما أنه كان يتعرض للتوقيف لساعات.
ويضيف:" قبل أسبوع تمت مداهمة منزلي وتفتيشه. قاموا باقتيادي لمركز التحقيق وهناك اتهموني بإعاقة عمل الجنود بسبب توثيقي لما يحدث في القرية ودفاعي عنها ومتابعة أمور المعتقلين منها، وبعد أيام من تم الإفراج عني مع أمر بالإبعاد عن العيسوية لمدة 19 يوما".
بعد تسلمه القرار رفض أبو الحمص أن يأوي إلى منزل آخر وآثر أن ينصب خيمة اعتصام على مدخلها لجذب الأنظار إلى حال المقدسيين تحت الاحتلال وسياسة العقاب الجماعي التي يتبعها بحقهم عبر أشكال متعددة.
ويبين أن سياسة الإبعاد بحقه جائرة كما هي بحق أي مقدسي، والهدف كسر إرادة المقدسيين والتأثير عليهم ضمن معركة صمودهم في وجه الاحتلال.
ويتابع:" الذي يحدث في العيسوية أمر كبير وحرب ممنهجة منظمة تم التخطيط لها بإحكام من قبل أذرع الاحتلال المختلفة، وكل هذا يستدعي أن نكون يدا واحدة بالوقوف أمام هذه السياسات ونشرها للعالم".
ويفتح قرار إبعاد ابو الحمص ملفاً معقدا تحت عنوان "الإبعاد عن المنازل بحيث يصبح المقدسي غريبا في مدينته".
بدوره، يؤكد رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب، الاحتلال يهدف إلى زعزعة الاستقرار في أي بلدة أو حي أو تجمع في القدس المحتلة، حيث تعتبر سياسة الإبعاد قديمة جديدة يستخدمها للتأثير على المقدسيين.
ويضيف: "هذه السياسة تتضمن الإبعاد عن منطقة بعينها داخل القدس بحيث يسلم الاحتلال خريطة مع أمر الإبعاد تبين للمبعد الأماكن التي لا يستطيع دخولها والتي يتعرض للاعتقال فورا إن تواجد فيها، وأحيانا يتم تحديد مسافة معينة مثل الإبعاد لمسافة 300 متر عن أسوار البلدة القديمة". ويشير أن هذه السياسة تستهدف شخصيات مقدسية ونشطاء لهم تأثير ونشاط مميز خاصة في المسجد الأقصى
ويلفت أن سياسة الإبعاد عن المنازل والأحياء منتشرة بشكل كبير داخل القدس، حيث إن الاحتلال قام بإبعاد الكثير من أبناء بلدة سلوان إلى أحياء أخرى داخل القدس ومنهم من تم إبعاده إلى حيفا وعكا وغالبيتهم أطفال، مبينا أنها سياسة تهدف إلى استنزاف المقدسيين في حال إبعادهم عن منازلهم خاصة حين يطول القرار لعدة أشهر.
ويرى أن هذه السياسة لا تشكل عقابا جماعيا فقط وإنما تسعى لترك فراغ قيادي في حي أو بلدة ما، فالاحتلال يوجه رسالة من خلال هذه القرارات مفادها أن من يطالب بحقه سيتعرض للعقاب اعتقالا أو إبعادا أو إقامة جبرية لكسر كرامة المقدسيين.
وأظهر التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة القدس الدولية لعام 2018 أن الاحتلال أصدر العام الماضي قرارات بإبعاد 35 طفلا مقدسيا عن منازلهم وفرض غرامات مالية بحقهم، كما أن بعضهم تم فرض الإقامة الجبرية عليهم في المكان الذي يتم إبعادهم إليه.