القدس المحتلة-وكالات
عام 1949 وُقعت اتفاقيات جنيف الأربعة "معاهدات القانون الدولي الإنساني"، بعد نزف دماء قرابة الـ 70 مليونًا من البشر في الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)
وتعد هذه الاتفاقيات ركنًا حاكمًا في النظام الدولي وأساسًا للعلاقات الدولية خلال الحروب والنزاعات، وفقًا لـ "المنظمة العربية لحقوق الإنسان"
وقالت المنظمة إن اتفاقيات جنيف الأربعة للعام 1949، تُشكل معًا القانون الإنساني الدولي، وقد استهدفت تنظيم الحروب وقواعد الاشتباك وأحكام الحماية والمحاسبة الجنائية الضرورية
وأشارت إلى أن الاتفاقيات وُقعت بهدف تقليل معاناة الإنسانية والحد من نزيف الدماء
وتناولت الاتفاقيتان الأولى والثانية 1949 تطوير أحكام اتفاقيات جنيف للعام 1929 التي بزغت بعد الحرب العالمية الأولى، لحماية الجرحى العسكريين والمقاتلين في الميدانين البري والبحري
وجاءت الاتفاقية الثالثة 1949 لتنظيم قواعد معاملة أسرى الحرب والمحتجزين، وكانت الاتفاقية الرابعة 1949 لتنظيم قواعد حماية ومعاملة المدنيين وقت الحرب وتحت الاحتلال
وتعد الاتفاقية الرابعة التي أقرتها الجمعية الدولية للصليب الأحمر في 12 أغسطس/ آب 1949 الاتفاقية الأكثر أهمية على الإطلاق؛ لتناولها لوضع المدنيين غير المنخرطين في القتال، والذين شكلوا نحو 15% من ضحايا الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، و52% من ضحايا الحرب العالمية الثانية
جاء توقيع اتفاقيات جنيف الأربعة بعد 9 شهور من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر/ كانون أول 1948، وتجسيدًا لمسار تطور منظومة عملية لتطبيق حقوق الإنسان أثناء الحروب منذ الحرب الأهلية الأمريكية (1861- 1864)، ونشأة الصليب الأحمر الدولي 1863
وقد تطورت منظومة القانون الإنساني الدولي من خلال بروتوكولات ملحقة، وخاصة في 1977 و2005، لتشمل أيضًا الحماية النزاعات المسلحة الداخلية، وتطور عمل وخبرة الصليب الأحمر الدوليما الذي تبقى للاتفاقيات بعد 70 عامًا على إقرارها؟
عالميًا، ارتفع عدد ضحايا الحروب من المدنيين من 52% في 1945 إلى 85%في الحروب اللاحقة حتى 1982، وفق ممثلو دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي
وبين 95% و98% بعد 1982 بحسب مراكز البحوث في مجالات الحروب والعلوم العسكرية
وعربيًا، استمرت النكبة الفلسطينية تأكيدًا لفشل النظام الدولي بعد 1945، ولم تشفع مئات من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان، ولاحقًا مجلس حقوق الإنسان منذ 2006، في معالجة هذا الفشل، بل وأكدته في كثير من المراحل
واستمر الإخفاق الدولي في تفعيل الحقوق الفلسطينية الثابتة والمشروعة وغير القابلة للتصرف. ومن أبرز الفجوات التي توصم جبين المجتمع الدولي، حتى بعد تنازلات القيادات الفلسطينية المتتالية استجابة لضغوط الأطراف الدولية وفق وعود كاذبة
وأوضحت المنظمة العربية "فضلًا عما آلت إليه هذه الكارثة العالمية القانونية والأخلاقية، يمكن القول إنها شجعت أطراف دولية كبرى وصغرى على مزيد من مخالفة القانون الدولي وارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"
وأردفت: "لعل غزو العراق واحتلاله (2003) يشكل محطة بارزة على طريق إهدار ما حققته الأسرة الدولية من مكاسب بعد الحرب العالمية الثانية"
وأشارت: "اليوم تتسع كوارث المنطقة العربية في ظل الإهدار المتزايد للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وينضم إلى العراق كل من سورية وليبيا واليمن"
وذكرت أن ما يحدث "مشاهد اقتتال تجمع الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية، فضلًا عن استمرار الصراعات الأهلية بدرجات متفاوتة في كل من السودان (منذ 1983) والصومال (منذ 1991)"
وتصدرت المنطقة العربية أرقام التدهور العالمي في اللجوء والنزوح الداخلي والهجرة غير الشرعية وبطالة الشباب وإخفاق التنمية ومعدلات التطرف الفكري والإرهاب
ورأت المنظمة الحقوقية أن "الازدواجية والتناقض بين الأقوال والأفعال، التي لا تزال تمارسها القوى الدولية الكبرى، قد شكلت المدخل الأساس لإهدار حقوق الإنسان"
وشددت على أنه "لا سبيل للتحول مرة أخرى صوب مسار آمن لتقدم الإنسانية بمعزل عن إنفاذ العدالة الدولية وضمان المحاسبة والإنصاف والتعويض، دون محاباة أو تمييز وانتقائية"