«أراك يوم الأحد».. آخر كلمات الملياردير الأمريكي المنتحر، وكسور في رقبته تثير الشبهات

نبض البلد -

كان جيفري إبستاين واثقاً بقدرته على مواجهة اتهامات الاتجار بالقُصَّر لأغراض جنسية، وتغمره «معنويات مرتفعة» قبل ساعات من موته في السجن صباح يوم السبت 10 أغسطس/آب 2019، حتى إنه قال لأحد محاميه: «أراك يوم الأحد»، وفقاً لما ورد لصحيفةThe New York Postالأمريكية.

وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن المتهم بالتحرش بالقُصَّر، أخبر محاميه بأن الإصابات التي وُجدت على رقبته في حادث سابق بمركز متروبوليتان للإصلاح قد ألحقها به زميله في الزنزانة، وهو شرطي سابق ضخم الجسم؛ وهو ما دفع المحامين إلى طلب نقله من المراقبة منعاً للانتحار، وفقاً لمصدر مطلع على قضية إبستاين.

وقال المصدر إن التفاؤل الذي نعِم به إبستاين خلف القضبان، والذي عبَّر عنه خلال الزيارات اليومية أمام محاميه والتي استمرت حتى 12 ساعة لكل منها، كان عظيماً لدرجة أن حالته المعنوية دفعت بعض المحيطين به إلى وصفه بـ «المجنون».

جيفري إبستاين كان متفائلاً بإطلاق سراحه

وقال المصدر: «ظن أنه سيكسب الالتماس المقدم في قضية الاتهام المزدوج»، حتى إن محامي الدفاع كانوا يخططون لتقديم أدلة فيما يتعلق بإدانته بالدعارة في فلوريدا عام 2008.

وأضاف أن المليونير، الذي سُجن في مانهاتن السفلى بناءً على أوامر قاضٍ استشهد بدوافعه الجنسية «التي لا يمكن السيطرة عليها»، «كان يأمل دفع كفالة إلى حين الاستئناف» عن طريق طلب أمام محكمة الاستئناف الدائرة الثانية بالولايات المتحدة، كان معلقاً في وقت وفاته.

وقال المصدر: «إن كل ما أراده فعلاً هو دفع كفالة للخروج، حتى يمكنه الاندماج في حياته».

لكن المصدر أوضح أنه مهما كانت الأدلة التي ربما يمتلكها إبستاين ضد زملائه السابقين الأقوياء والأثرياء فإنها ماتت معه، لأنه لم يحتفظ بأي مذكرات أو ملحوظات توثق أي مخالفات مزعومة.

وقال: «لقد كان مخبولاً. ظنَّ أنه سيحقق الاتفاقية نفسها التي حدثت في أثناء القضية بفلوريدا».

وعقد صفقة «مشبوهة» مع المدعي العام الأمريكي

اعترف إبستاين، البالغ من العمر 66 عاماً، بتهمتي تحريض على الدعارة ضد الدولة، إحداهما تتعلق بقاصر، كجزء من صفقة مشبوهة وافق فيها المدعي العام الأمريكي في ميامي آنذاك، أليكس كوستا، على الاتفاق بعدم المقاضاة، بسبب مزاعم تفيد بأن رجل الأعمال اعتدى جنسياً على عشرات الفتيات القاصرات في قصره المطلّ على البحر في بالم بيتش.

أُجبر أكوستا على الاستقالة من منصبه كوزير للعمل بالولايات المتحدة في الشهر الماضي (يوليو/تموز)، بسبب جدال أثاره اعتقال إبستاين في 6 يوليو/تموز، على لائحة اتهام تتعلق بالاتجار بالقُصَّر لأغراض جنسية من جانب المدعي العام الأمريكي في مانهاتن جيفري بيرمان، الذي قال إنه غير ملزم باتفاقية عدم المقاضاة في فلوريدا.

وُجِّهَت لائحة الاتهام التي أصدرتها محكمة مانهاتن إلى إبستاين بالاعتداء على عشرات الفتيات القاصرات في الفترة بين عامي 2002 و2005، بأماكن مثل منزله في المدينة بالجانب الشمالي الشرقي وقصر بالم بيتش.

تضمنت ممتلكات إبستاين أيضاً جزيرة خاصة، وهي Little St. James في جزر العذراء، وزورو رانش في ستانلي بنيو مكسيكو، التي تضم قصراً واسعاً ومدرجاً للهبوط ومرآب طائرات.

وكان دائم التطلع إلى لقاء محاميه

قال المصدر إنه في أثناء احتجازه بمركز متروبوليتان للإصلاح، نادراً ما تقلب مزاج إبستاين خلال الاجتماعات التي استمرت على مدار سبعة أيام الأسبوع مع محاميه، والتي بدأت بشكل روتيني في الساعة الثامنة صباحاً.

وأردف: «كان إيجابياً كل يوم، وقبل ليلة وفاته كان إيجابياً حقاً، فقد كانت معنوياته مرتفعة للغاية».

حتى إن إبستاين أخبر أحد المحامين الذي التقاه يوم الجمعة 9 أغسطس/آب، أي يوماً واحداً قبل أن يصرح المكتب الأمريكي للسجون بأنه وُجد «جثة هامدة» في زنزانته، إنه يتطلع إلى زيارتهم القادمة. وقال المصدر: «قال إبستاين للمحامي: أراك يوم الأحد».

وليس من الواضح ما إذا كان مزاج إبستاين المشرق دائماً نابعاً من داخله حقاً، أم أنه جزء من عمل تمثيلي متقن مصمم بغرض الانتحار.

قال مسؤولو إنفاذ القانون إنه في نحو الساعة السادسة والنصف صباحاً يوم السبت، وُجِدَ راكعاً على ركبتيه بجسده البالغ طوله نحو 182 سم، وحول رقبته ملاءة سرير مربوطة بالسرير العلوي في زنزانته.

حاول المسعفون إنقاذه، لكن بعد ذلك بوقت قصير أعلنوا وفاته في مستشفى نيويورك-بريسبيتيريان بمانهاتن السفلية.

قبل أن يفاجأ العالَم بخبر انتحار الملياردير الأمريكي

وقال مسؤولو إنفاذ القانون إن وفاة إبستاين أتت في أعقاب حادثة وقعت في 23 يوليو/تموز، حينما وُجد فاقداً للوعي تقريباً مرميّاً على أرض زنزانته مع علامات على رقبته؛ ومن ثم وُضع تحت الرقابة، لتجنُّب الانتحار.

ثم رُفِعَت عنه الرقابة في 29 يوليو/تموز 2019، بناءً على طلب محامي الدفاع، وفقاً للتقارير المنشورة.

إبان حادثة 23 يوليو/تموز، كان إبستاين يتشارك زنزانته مع نيكولاس تارتاغليوني الشرطي السابق بمقاطعة ويستتشستر ضخم الحجم، الذي يواجه الحكم بالإعدام في أربع عمليات ذبح ذات علاقة بالمخدرات في شمال الولاية.

أخبر إبستاين محاميه بأن «الشرطي تعرض له بالأذى، ولهذا السبب رفعوا عنه الرقابة منعاً للانتحار»، بحسب ما قاله المصدر المطلع على قضية إبستاين.

طعن بروس باركت، محامي تارتاغبليوني في تلك الرواية قائلاً: «تحدثت إلى محاميه، لكنهم لم يلمحوا إليَّ بذلك قط، لكن لا بد من أنه قال أي شيء ليتخلص من المراقبة منعاً للانتحار».

قال باركت: «أعلم أن نيك لم توجه ضده أي اتهامات في المؤسسة8 لذلك حكموا ببراءته». وأضاف: «ببساطة، من الباطل أن ندَّعي أن إبستاين فعل شيئاً آخر سوى أنه حاول قتل نفسه مرتين على الأقل، وقد نجح وقتما نجح في ذلك».

وأضاف باركت: «كنا قلقين بعض الشيء من أنه سيفعل شيئاً ما للتخلص من الرقابة أو يحاول ويجادل من أجل دفع كفالة، لكن ما حدث واضح تماماً، بالنظر إلى النتيجة النهائية».

رفض المكتب الأمريكي للسجون، الذي يدير مركز متروبوليتان للإصلاح، التعليق، مستشهداً بالتحقيقات في وفاة إبستاين من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي ومكتب وزارة العدل التابع للمفتش العام. كذلك لم يردَّ فريق إبستاين القانوني على طلب التعليق.