القدس المحتلة-وكالات
عيد جديد يمر على الحاج معين طبنجة (60 سنة)، من نابلس ونجلاه محمد وحمزة في سجون الاحتلال، لكن هذا العيد "أهون" قليلا عليه، بعدما تنسم ابنه الثالث "مهند" الحرية قبل أيام قليلة
وكان الاحتلال قد اعتقل مهند وحمزة في شهر أغسطس/آب الماضي، وهما طالبان في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، ثم زج بأخيهم الأكبر محمد في السجن في سبتمبر/أيلول الماضي
ويقول طبنجة "اعتدنا في كل عيد أن نصلي معا، ثم نزور مقابر أقاربنا الأموات، وآخرهم والدتهم التي فارقت الحياة قبل نحو عامين، ثم نقوم بجولة على شقيقاتهم المتزوجات، والعمات، والأقارب"
لكن المسن الذي جرب الاعتقال والإبعاد موقن أن كل ممارسات الاحتلال لن تدفع الفلسطينيين للاستسلام. يقول بلهجة واثقة: "ليفعلوا ما يريدون، لن نهون أو نتأثر، وأولادي ليسوا الوحيدين، فهناك الآلاف خلف القضبان، وعائلاتهم صابرة محتسبة"
غياب الشقيقين ليس سهلا على أختهم الكبرى "أم إبراهيم"، فهي لا تشعر بالعيد إلا إذا زارها والدها وأشقاؤها، تقول: "كانوا يضفون على العيد فرحا يشعرني بأجواء العيد، رغم أني قد أكون رأيتهم قبلها بيوم، إلا أن دخولهم علي يوم العيد يساوي الدنيا"
وتدرك "أم إبراهيم" معاناة أهالي الأسرى، وتقول لـ"فلسطين الآن": "كان الله في عون والدي، وفي عون أهالي الأسرى، فمجرد أن تجتمع بهم في الحافلة التي تقلك لزيارتهم في السجون تسمع قصصا يشيب لها الرأس، فهذه الأم لم تعش أجواء العيد منذ 20 سنة، وتلك نسيت معنى الفرحة، وثالثة تقسم أن عيدها يوم أن يتحرر نجلها من السجون"
المحامي وأخوه لكنه أيضا كان عيدا صعبا على نوال العامر (أم موسى)، من سكان قرية كفر قليل جنوب نابلس، فالسجون سرقت منها ابنيها الأسير المحامي إبراهيم نواف العامر، ونجلها الأصغر براء الذي اعتقل قبل أيام من عيد الفطر الماضي
ورغم هذا تحاول العائلة أن تُبقي الفرحة قائمة في العيد. تقول "أم موسى" لـ"فلسطين الآن": "لن يسرقوا فرحتنا. كنا نعيش على أمل أن يكون ابني المحامي إبراهيم معنا في العيد، لكنهم مددوا اعتقاله الإداري، وبعد يوم واحد فقط داهم الجنود بيتنا، واعتقلوا ابني براء الذي تخرج من الجامعة قبل أيام من اعتقاله"
وتضيف "أم موسى": "نحاول أن نكون أقوياء، لا سيما أننا عشنا تجربة غياب أحد أفراد العائلة بسبب الأسر لدى الاحتلال سابقا، فزوجي نواف تم إبعاده لنحو عام إلى مرج الزهور في جنوب لبنان أوائل تسعينيات القرن الماضي، وبعدها اعتقل عدة مرات، كما أن إبراهيم جرب السجن أيضا قبل 4 سنوات
هذه حال الفلسطينيين، ونحن لا نختلف عنهم". وعن أجواء العيد، تقول: "هو عيد صعب بلا شك، لكننا سنفرح ونحتفل حتى لا يشعر الاحتلال بأنه انتصر علينا. قلبي حزين على فراق أولادي، فقد اعتدنا في العيد أن نتناول طعام الفطور سويا، ثم يتحركون مع والدهم لزيارة الأقارب، ويعودون في الظهيرة للتجمع على مائدة الغداء، وفي الليل تكون السهرة العائلية بمشاركة الأعمام وأبنائهم"
عشرات العائلات ليست "أم موسى" وحدها التي تعاني من وجود أكثر من ابن أسير، فرغم عدم وجود إحصائيات رسمية حول عدد الأشقاء الأسرى في سجون الاحتلال، لكن التقديرات تؤكد أن عشرات العائلات الفلسطينية تفتقد أكثر من فرد خلف القضبان، وتمر عليها مناسبات وأعياد كثيرة دون أن يلتئم شمل الأسر على مائدة واحدة
فحسب بيان لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، فالعيد مناسبة ثقيلة على الأسرى وذويهم، إذ تعيش عائلاتهم أشد لحظات الحزن، ويستحضر الأهل سيرتهم، وربما تتفاقم المعاناة لدى أهالي الأسرى الذين يقضون أحكاما عالية، أو الذين مضى على اعتقالهم سنوات طويلة، فمنهم من لم يذق طعما للعيد منذ أعوام عديدة، كعائلة الأسير كريم يونس، المعتقل منذ 35 عاما، ما يعني أنه مر على والدته 70 عيدا بدونه