بيروت- وكالات
ما تزال تخيم على المجتمع اللبناني تداعيات إجراءات اتخذتها وزارة العمل، تحت عنوان الحدّ من ارتفاع نسبة البطالة، وشملت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مما أثار تحركات احتجاجية فلسطينية ولبنانية.
وأطلقت الوزارة، في 6 يونيو/ حزيران الماضي، خطة قالت إن الغرض منها هو مكافحة الأيدي العاملة غير الشرعية في لبنان؛ للحد من ارتفاع نسبة البطالة بين اللبنانيين.
ومن بين تدابير تلك الخطة: إغلاق المؤسسات المملوكة أو المستأجرة من طرف أجانب لا يحملون إجازة عمل، ومنع تشغيل اللاجئين الفلسطينيين دون الحصول على تصريح، وإلزام المؤسسات التجارية المملوكة لأجانب بأن يكون 75 في المئة من موظفيها لبنانيين.
ولم تستثن الخطة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يقيمون بصفة دائمة في لبنان، حيث يعيش 174 ألفًا و422 لاجئًا فلسطينيًا، في 12 مخيمًا و156 تجمعًا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبناني، عام 2017.
التحركات الفلسطينية الرافضة لقرارات وزارة العمل لاقت ردود أفعال ومواقف متضامنة مع الفلسطينيين، لكن برزت أيضًا مواقف أخرى وُصفت بأنها "موغلة في العنصرية”.
لعل أبرز تلك المواقف هي تغريدة للممثلة اللبنانية، سهى قيقانو، عبر "تويتر”، دعت فيها إلى حرق اللاجئين الفلسطينيين، كما حدث لليهود على أيدي النازيين.
وكتبت قيقانو: "فلتوا الفلسطينيين (خرجوا عن السيطرة) بصيدا بمظاهرات ضد قرارات وزير العمل”.
وأضافت: "صار بدها مكتب ثاني أو حكومة عسكرية أو أفران هتلر”، وأن الفلسطينيين "متل (مثل) الوحوش بدهم يقعدوا بلبنان ويشتغلوا بلا قوانين”.
و”المكتب الثاني” هي تسمية كانت تطلق على جهاز المخابرات العسكرية اللبنانية بين عامي 1945 و1982، والذي اشتهر بممارساته القمعية والاستبدادية آنذاك، وفق مراقبين.
تغريدة قيقانو أثارت على الفور ردود أفعال متباينة، أكثرها مستنكر لما اعتبره كثيرون "عنصرية” ضد اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت الإعلامية اللبنانية في قناة "إل بي سي”، ديما صادق، عبر "تويتر”، إن تغريدة قيقانو "تعبّر عن نهج القمع في لبنان”.
ودعا الإعلامي والممثل الكوميدي، هشام حداد، عبر "تويتر”، رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية، جبران باسيل، إلى مساءلة قيقانو كونها تنسب نفسها إلى تياره.
بينما اعتبر آخرون أن موقف قيقانو يصب في صالح اليد العاملة اللبنانية، التي يزاحمها اللاجئون الفلسطينيون في سوق العمل.
وقال المغرد جورج فرنسيس إن قيقانو تدافع بمواقفها عن لبنان واعتبرت المغردة فادية سعد أن كلام قيقانو "في إطار حرية التعبير”.
وفق مدير الاتصالات والإعلام بمركز "كارنيغي” للشرق الأوسط، مهنّد الحاج، فإن "تصاعد خطاب الكراهية والعنصرية في لبنان تجاه اللاجئين الفلسطينيين والسوريين مرتبط بسياسة شعبوية، وليست مجرد حالات فردية”.
واعتبر الحاج أن "قرار وزارة العمل هو خطوة محلية، ولا علاقة لها بتدخلات خارجية، فهو مرتبط بطموحات وزير الخارجية، جبران باسيل”.
ولباسيل سلسلة تصريحات تحدث فيها عن الأيدي العاملة الأجنبية في لبنان، ورفض استضافة اللاجئينوأثارت تصريحات باسيل ردود أفعال غاضبة في شبكات التواصل الاجتماعي، وذهب البعض إلى أنه يحضّر نفسه للترشح لرئاسة لبنان.
قال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، الوزير اللبناني السابق، حسن منيمنة، إن "هذه التصريحات العنصرية (تغريدة قيقانو) مدانة، ورغم أنها موجودة فعلًا، لكنها لا تعبّر عن الكل اللبناني”.
ولجنة الحوار هي هيئة حكومية تأسست عام 2005، وتُعنى بالسياسات العامة المرتبطة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وأضاف منيمنة أنه "لا جديد فيما يخصّ قرار وزارة العمل بشأن اللاجئين الفلسطينيين.. يوجد اجتماع بين اللجنة والوزارة، الأسبوع المقبل، ونأمل أن يحقق نتائج إيجابية لصالح اللاجئين”.
وإضافة إلى القرارات الجديدة، يحظر قانون العمل اللبناني على الفلسطيني العمل في 37 مهنة، منها الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة، بحسب تقرير لمركز أبحاث سوق العمل والتنمية، نشره موقع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).