- وكالات
يرى متخصصون بمتابعة العمليات الإرهابية أوجه تشابه مثيرة للقلق بين صعود تنظيم داعش الارهابي وظهور الإرهاب القومي الأبيض، الذي ضرب مؤخراً بمدينة إل باسو، في ولاية تكساس الأمريكية.
ويقول الخبير البارز في مجال الإرهاب ويل ماكانتس، في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إن "أوجه التشابه مذهلة وتزداد مع كل هجوم جديد".
ويلفت الخبراء إلى أن أوجه التشابه أبعد ما تكون عن الصدفة. إذ يتبع الإرهاب القومي الأبيض تطوراً شبيهاً بتطور الإرهاب تحت قيادة داعش، بطرق ترسم صورة واضحة للأسباب التي دفعت الهجمات لتصبح بشكل مفاجئ متكررة ومميتة.
ويقول ماكانتس "في الحالتين، هناك إيديولوجية تتنبأ بصراع حضاري سيلف العالم. هناك عنف لافت وعشوائي من المفترض أن يؤدي إلى هذه المعركة الأخيرة، لكن غالباً ما يؤدي إلى أكثر من مجرد منح القاتل فسحة قصيرة من التمكين وكسب الانتباه للقضية".
ويضيف "هناك مجندون عصاميون، يجتمعون في الزوايا المظلمة لمنصات التواصل، ويتطرفون لوحدهم. وهؤلاء قد تكون الأيديولوجية الرسمية بمثابة متنفس لميولهم تجاه الكراهية والعنف".
لا تزال الاختلافات بين القوميين البيض و"الدواعش" واسعة. ففي حين استفاد قادة داعش من حماسة أتباعهم بحكومتهم المزعومة لفترة قصيرة، فإن القومية البيضاء الجديدة ليس لديها قيادة رسمية.
ويوضح مؤلف كتاب "التطرف" ج. إم. بيرغر "أعتقد أن الكثير من الذين يعملون على التطرف عبر الإنترنت توقعوا ما حصل"، مشيراً إلى أوجه التشابه بين القومية البيضاء وداعش.وعند مراجعة الخطوات التي أدت للأحداث الأخيرة، ليس من الصعب تبيان الأسباب.إن صيت أفعال داعش جعله نموذجاً للمتطرفين الذين يرون المسلمين أعداء.
ويقول بيرغر "من الناحية الهيكلية، لا يهم ما إذا كان المتطرفين من الإرهابيين أو القوميين البيض".إذ كان الشعور بالقومية البيضاء في ارتفاع على مر سنوات، وحتى أن هامش اللجوء إلى العنف كان من المؤكد أن يرتفع.
وحذر من أن التغييرات العالمية التي لعبت دوراً ببروز داعش تتسارع بشكل مستمر، ومن بينها التي تتمحور حول تكاثر وتنوع منصات التواصل".
ظهرت العدمية التي تعرّف الإرهاب العالمي بشكل متزايد لأول مرة خلال الاحتلال الأمريكي للعراق.استغل أبو مصعب الزرقاوي، الفوضى الناجمة لذبح المحتلين والعراقيين على حد سواء، ومن ثم نشر مقاطع فيديو لأفعاله.أثبت الزرقاوي أنه يتمتع بشعبية بين الإرهابيين، بحيث سمح تنظيم القاعدة له بالقتال باسمها. وبعد وفاته، عادت جماعته للظهور مجدداً ولكن باسم "الدولة الإسلامية".وأشار صعود مجموعته إلى مقاربة جديدة للإرهاب، وألقى الضوء على سبب تقارب الإرهاب القومي الأبيض مع معتقدات وممارسات مماثلة.
ويرى التقرير أن الغزو الأمريكي للعراق قلب العالم رأساً على عقب. وبالمقابل، وعد الزرقاوي ولاحقاً "داعش"، بإعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح معلناً أن "العالم كان يندفع نحو معركة يوم القيامة بين المسلمين والكفار".
النزعة "الجهادية" احتفظت بجدول أعمالها المركزي. لكن العوامل التي جعلت من "داعش" مرضاً معدياً جعلت منه بالوقت نفسه أقل عقلانية من الناحية الاستراتيجية، لاسيما مع أيديولوجية تشير إلى أن أي شخص بإمكانه أن يقتل من أجل هذه النزعة.
ويقول خبراء، للصحيفة، هذا هو بالتحديد ما يبدو أنه يحدث مع الخلايا المتطرفة للحركة القومية للبيض التي تشهد ازدياداً بالعالم.إن تطور ملف الأيديولوجي من تطوير لأدوات التجنيد وقصص التطرف لفترة صعود "داعش" تشبه بطريقة مخيفة تلك التي يتبعها الإرهابيون القوميون اليوم.وبالنسبة لهؤلاء، فإن العالم يتجه بخطى ثابتة نحو صراع عالمي بين البيض وغير البيض.
وتحولت رواية غريبة صدرت عام 1973 بعنوان "معسكر القديسين"، لكتاب مقدس للعديد من القوميين البيض، ويأتي الكتاب على مجموعة من الجهود المبذولة من جانب الأجانب غير البيض لسحق الأوروبيين الذين يردون الضربة في إبادة عرقية جماعية.
ولقد حذرت الـ"مانيفاستو" المزعومة للمهاجمين الإرهابيين في نيوزيلندا وآل باسو من هذه الحرب الآتية أيضاً. وقال المهاجمين أيضاً إن هجماتهم تهدف إلى إثارة المزيد من العنف العنصري، الذي بدوره يعجل من وصول الحرب المنتظرة.
وتقول المختصة بمجال الإرهاب بجامعة دبلن سيتي الإيرلندية مورا كونواي، إن التطرف يتطلب أكثر من مجرد مجتمع لدى عناصره معتقدات متشابهة. ورغم أن ردة فعل البيض للتغير الاجتماعي والديموغرافي ليست جديدة، فإن منصات التواصل سمحت للبيض بالتواصل مع النسخ الأكثر تطرفاً للعثور على بعضهم البعض.
ووجد بيرغر، أن هذه الرسائل الفتاكة، التي حققت نجاحاً متفاوتاً، يمكن أن تنتشر كالنار في الهشيم على منصات التواصل.
وكما هو الحال مع دعوات "داعش" للقتل الجماعي، فإن هذه النظرة العالمية ترددت صداها بين الشباب، وخصوصاً الوحيدين منهم. ووفرت الدعوات الداعشية وسيلة لهم للشعور بالانتماء وسبباً للمشاركة.
وكما هو الحال مع تنظيم داعش، فإن منصات التواصل وفّرت للمتطرفين البيض مكاناً لنشر مقاطع فيديو عن مآثرهم، حيث تكتسب تلك المواد زخماً وانتشاراً واسعاً فيروسياً، ما يساهم في إطلاق الحلقة نفسها مرة أخرى.