د. أيّوب أبو ديّة
يلاحظ أن نشاطات المراكز الثقافية كالمحاضرات على سبيل المثال يتم تحديدها نحو الساعة السادسة أو عند السادسة والنصف مساءً وذلك لضمان أن موظفي القطاع الخاص يكونوا قد تركوا أماكن عملهم ليلتحقوا بالنشاط الثقافي، ويمكن ذكر مؤسسة شومان ورابطة الكتاب الأردنيين وغيرهما.
كذلك يلاحظ أن الحضور يكون ضعيفاً عند الساعة السادسة أو السادسة والنصف ثم يبدأ في التزايد بعيد ذلك وربما يصل أعداد الحضور أوجه بعد نصف ساعة أو أكثر بقليل. وهذا يمكن أن يعود في سببه إلى شدة الازدحام المروري عند تلك الفترة في العاصمة عمّان. فهل هناك من وسيلة للتخفيض من شدة الأزمة المرورية عبر قيادة المثقفين لهذا التغيير؟
ماذا لو طرحنا فكرة أن تبادر هذه المؤسسات بتحديد محاضراتها بدءاً من الساعة السابعة مساءً مثلاً ، فتأخير مدة نصف ساعة أو ساعة من شأنه أن يقلل من الازدحام الذي عادة ما يصل أوجه عند الساعة السادسة مساءً، فما المانع من ذلك طالما أن أيام الصيف عندنا طويلة ولا تغرب الشمس إلا بعد الساعة السابعة مساءً.
ودوام المدارس الصباحي أيضاً يمكنه أن يؤدي دوراً في التخفيض من أزمة المرور في عمّان، ففي جبل اللويبدة على سبيل المثال هناك ست مدارس تقع في دائرة نصف قطرها لا يزيد عن كيلو متر واحد؛ نذكر منها مدارس تراسانطة، ضرار بن الأزور، سمير الرفاعي، عالية، عائشة الباعونية، الأقصى إلى أخره، حيث يبدأ الأهل بالتوافد في مركباتهم الخاصة أو في المركبات العامة والباصات الصغيرة لتوصيل الأطفال وطلبة المدارس في الوقت نفسه تماماً، وبذلك يشكل الوافدون جميعهم ازدحاماً مرورياً لا يطاق في تلك الفترة. وهذا الأمر يقاس على باقي مناطق العاصمة.
فلماذا لا تبادر وزارة التربية والتعليم بإصدار تعليمات لهذه المدارس المتجاورة البدء في مواعيد مختلفة تتباين بعشر دقائق على سبيل المثال وبذلك تنخفض أزمة المرور بشكل ملحوظ (مثلاً يكون توقيت دوام المدارس الست كالأتي: 7.20، 7.30، 7.40، 7.50، 8.00، 8.10). وبالمثل بإمكان وزارة التعليم العالي تنظيم دوام الجامعات الواقعة في المحيط نفسه بحيث يتفاوت دوامها قليلاً، كحال الجامعات الواقعة على طريق المطار.
ويمكننا أيضاً أن نطلب من حكومة النهضة أن تقوم بدراسة إمكانية تباعد دوام الموظفين قليلاً، ونحن هنا نتحدث عن بضع دقائق فقط ربما عشر دقائق أو ربع ساعة تفصل بين دوام إحدى المؤسسات عن المؤسسات الأخرى، فما المانع أن يكون دوام مؤسسات موظفي وزارة التربية المنتشرة مبانيهم في جبل اللويبدة، على سبيل المثال، في وقت متباعد قليلاً عن دوام المدارس الواقعة في تلك المنطقة وعن دوام دائرة الأراضي والمساحة ومباني تسجيل الأراضي على سبيل المثال. المطلوب فرق ربع ساعة فقط فيما بينهما فإن ذلك من شأنه أن يخفف الأزمة المرورية في تلك المنطقة.
ختاماً فإننا نعتبر أن إدارة الأزمة هي جزء أساسي من حلها من دون التكلف بأي نفقات رأسمالية، فكل ما هو مطلوب أن تبادر وزارة التربية والتعليم وغيرها من الوزارات وبشجاعة أن تطلب من المختصين دراسة هذه الإمكانية وأن تقدم تقاريرها علّنا نستطيع أن نصل لحل لها مع بداية العام الدراسي الجديد. وهذا ينطبق أيضاً على مستوى الشجاعة التي يمكن أن تبادر به الحكومة لتنظيم دوام الموظفين أيضاً في الأبنية التي تتحايث وتتجاور في المنطقة نفسها ويداوم فيها أعداد كبيرة من الموظفين، إذ نأمل أن يبادر أيضاً المثقفون والمؤسسات الثقافية في الأردن بالقيام بهذا العمل الريادي، فهل سيكونوا السباقين أم أن حكومة النهضة ستبادر بذلك قبلهم؟