قرار عباس وقف الاتفاقيات مع الاحتلال: العبرة بالتنفيذ العملي

نبض البلد -

نبض البلد - وكالات

شارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس في تشييع جنازة الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، بعد ساعت على قرار اجتماع لقيادة السلطة الذي أعلن فيه وقف العمل بالاتفاقيات الموقّعة مع "إسرائيل" والذي يضع الفلسطينيين "على مفترق طرق".

لكن الفلسطينيون يعلمون جيداً أن خروج عباس من بيته في رام الله باتجاه "معبر الكرامة" يحتاج إلى تصريح وتنسيق إسرائيلي نصّت عليه الاتفاقيات الموقّعة مع الاحتلال، وتحديداً من حاكم الإدارة المدنية العسكري، الذي لا يستطيع أن يتحرك أي مسؤول فلسطيني من دون تصريح منه، كما قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أكثر من مرة.

إعلان الرئيس عباس "أن القيادة قررت وقف العمل بالاتفاقيات الموقّعة مع الاحتلال، وتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملاً بقرار المجلس المركزي"، والذي تم التعامل معه كخبر عاجل، أثار ردود أفعال متباينة، لأن الخبر العاجل تكرر أكثر من مرة سابقاً، سواء في قرارات المجلس المركزي الذي اجتمع مرتين في أغسطس/ آب وأكتوبر/ تشرين الأول 2018، وقبله المجلس الوطني في مايو/ أيار، وقبل ذلك كله اجتماع المركزي في مارس/ آذار 2015. وطيلة السنوات الخمس الماضية، كانت التصريحات حول تشكيل لجان لتنفيذ آليات قرار وقف العمل بالاتفاقيات الموقّعة مع الاحتلال، إلى جانب وقف التنسيق الأمني وسحب الاعتراف بـ"إسرائيل"، مثل حقن المهدئات التي يعلن عنها الرئيس الفلسطيني كقرارات في خطاباته، وينهي بها "المركزي" جلساته.

اللامبالاة والتندّر الشعبي او التأييد والمباركة الذي قوبل به قرار عباس خلال اجتماع قيادة السلطة مساء الخميس في مقر الرئاسة قوبل بتذمر رسمي عبّر عنه أعضاء بالتنفيذية واللجنة المركزية لحركة "فتح"، إذ كانت مداخلات تيسير خالد وبسام الصالحي، ومحمود العالول وتوفيق الطيراوي وعباس زكي، تنقل تذمر الشارع، والخشية من فقدان ما بقي من قاعدة شعبية وثقة بقيادة السلطة، إن لم يتم تنفيذ هذه القرارات.

أمام هذه الانتقادات والنقاش الساخن، أخرج عباس من جيبه ورقة وقال لهم "لديّ قرار هذه المرة"، وهو "وقف العمل بالاتفاقيات الموقّعة مع الجانب الإسرائيلي".

أعضاء قيادة السلطة الذين شاركوا لم يكونوا على علم بفحوى أو مضمون الاجتماع، الذي وصفه المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة بشكل مسبق بأنه "سيكون مفترق طرق على كافة المستويات".

العارفون بالاتفاقيات من المسؤولين يقولون "إذا كانت قيادة السلطة جادة في قراراتها فيجب أن تبدأ من ملفات معروفة جداً، مثل "سجل السكان" و"سجل المرور"، وهذا هو الامتحان قيادة الحقيقي بعيداً عن الأخبار العاجلة المكررة والقرارات المعادة أكثر من مرة، والأهم أن إعلان وقف العمل بهذه الملفات لن يكلف قطرة دم إسرائيلية، مقاومة "سلمية" كما يريدها الرئيس أبو مازن دوماً".

ويُعتبر "سجل السكان الفلسطيني" الذي تقوم الداخلية الفلسطينية بتزويد الاحتلال بمعلوماته، من أبجديات اتفاق أوسلو الذي لم تتأخر السلطة يوماً عنه. وتتولى الوزارة تحديث أو "تشبيع" الاحتلال بكل المعلومات المحدّثة عن الفلسطينيين.

وفي تصريح لعضو "مركزية فتح" دلال سلامة، حول ماذا يعني وقف العمل بالاتفاقيات على الأرض، قالت: "هذا له تبعات في أكثر من جانب، جوانب تنسيقية في مجالات المواصلات والاقتصاد، وبالتأكيد في أكثر من ملف مثل سجل السكان والأرض، وقضايا موجودة وتم التطرق لها في الاجتماع".

وحول كيفية التعاطي مع هذه القضايا، قالت: "أعلن الرئيس عن تشكيل لجنة لمتابعة هذا الأمر، ما يعني أن كل القضايا المترتبة على العلاقة مع الاحتلال وتتطلب تنسيقاً بهذا القدر أو ذاك يجب وقف العمل بها". وأضافت: "لم يتم تشكيل اللجنة بعد، سيتم تشكيلها خلال أيام، وهذه قضية غير خاضعة للمراوحة في المكان، أعلنا قراراً سياسياً على مستوى عالٍ وهو وقف العمل بهذه الاتفاقيات، وبالتالي هذا يعني أن تكون هناك لجنة تتابع كافة الجوانب ذات الصلة في المواضيع السياسية والاقتصادية والأمنية وحياة الناس، كل هذه الملفات ستوضع على الطاولة لمتابعتها".