الاحتلال يهدم ما تبقى من اتفاق أوسلو والعملية تنفيذ عملي لـ"صفقة القرن"
نبض البلد- وكالات
في مشهد مأساوي أعاد للذاكرة مأساة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسرا عن بلداتهم ومدنهم على أيدي العصابات الصهيونية في عام 1948، نفذت قوات الاحتلال تهديداتها وشرعت امس بتشريد وتهجير مئات الأسر التي تقطن بلدة صور باهر بمدينة القدس المحتلة، بعد أن شرعت بعملية هدم لمنازلهم، هي الأكبر واستهدفت 100 شقة سكنية.
وأقدمت جرافات وقوات كبيرة من جيش الاحتلال على عملية الهدم والتشريد، بعد أن قامت بمحاصرة حي وادي الحمص بصور باهر، لتلقي بسكان البنايات وعددها 16 في الشارع بلا مأوى، بعد أن أصبحت منازلهم أثرا بعد عين، بفعل الجرافات وآلات الهدم الثقيلة التي استقدمتها لتنفيذ العملية.
وتعد عملية الهدم الواسعة، التي أعادت للأذهان مأساة تشرد اللاجئين عام 48، الأكبر التي تشهدها المدينة المقدسة، منذ حرب 1967، التي احتلت خلالها "إسرائيل" الضفة الغربية وقطاع غزة، وارتكبت وقتها مجازر وعمليات هدم واسعة طالت منازل الفلسطينيين.
وبفعل الهدم وقرارات الاحتلال بإزالة الحي بالكامل، أصبحت هذه العوائل بلا مأوى، حيث لم يتمكن سكانها من إخراج حتى مقتنياتهم الشخصية من منازلهم، بعد أن ألقى بهم الجنود في الشارع.
وبذلك، تكون سلطات الاحتلال قد أجهزت على ما تبقى من اتفاق أوسلو، ورغم ان هدم منازل الفلسطينيين وتشريدهم ليس بالسياسة الجديدة على الاحتلال، ولكن هذه المرة وقاحتها واستخفافها بالمجتمع الدولي، دفعها لتنفيذ جريمتها بمنطقة "واد الحمص" التي تصنف غالبية أراضيه ضمن مناطق "أ" التابعة للسيادة الفلسطينية وفقا لاتفاق أوسلو.
هذه المجزرة، لا تنتهك اتفاق أوسلو فقط، بل تعيد انتهاك قرار محكمة العدل الدولية، الذي اصدرته يوم 9 تموز/ يوليو 2004، بشأن الآثار القانونية الناشئة عن بناء الجدار بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويؤكد سكان الحي أن الهدف من العملية هو تنفيذ أحد مخططات تهويد القدس، والعمل على توسيع المستوطنات المحيطة بالمنطقة، وتهجير وتشريد سكان جدد من القدس، للإقامة خارج المدينة، ضمن خطط التوسع الديمغرافي الإسرائيلية.
الكاتب والأكاديمي إبراهيم ابراش قال، إن "إسرائيل" لم تعد تلتزم باتفاق أوسلو وتصر على اعتبار الضفة والقدس ارض "يهودا والسامرة"، لم تعد تلتزم بالتقسيمات التي حددها الاتفاق، واخترقته منذ اجتياح الضفة.
وأضاف ان عمليات الهدم والاستيلاء على الأراضي تأتي في ظل الموقف الأميركي الداعم للسياسة الإسرائيلية، وهي تنفيذ لما يسمى بصفقة القرن، وتمهد لضم إسرائيل للمستوطنات.
ودانت الرئاسة الفلسطينية عمليات الهدم، وحملت الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية عن هذا "التصعيد الخطير" واعتبرته جزءا من مخطط "صفقة القرن" الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وندد صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بالعملية التي أكد أنها تمثل جريمة الحرب، وطالب المجتمع الدولي ومحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق بهذه الجرائم، ومحاسبة ومساءلة "إسرائيل"، وأضاف: "آن الأوان للدول العربية أن تدرك أن ما يحدث من مخطط هو تطبيق لـ"الصفقة القرن"، لافتا إلى أن "الازدهار الاقتصادي" الذي أُعلن عنه في "ورشة المنامة” ينفذ عبر هدم 100 شقة للفلسطينيين.
وقال إبراهيم ملحم الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، إن عملية الهدم تعد أكبر عملية تطهير عرقي بحق الفلسطينيين في المدينة.
وفي هذا السياق قال وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إن عمليات الهدم هي الأكبر منذ عام 1967، وأضاف: "إذا ما تم ذلك فإنه سيصار إلى هدم آخر في المنطقة سيشمل حوالي 225 شقة أخرى"، مؤكدا أن أعمال الهدم تهدف إلى إيجاد منطقة عازلة لفصل القدس عن بيت لحم وعدم تواصلها مع الضفة.
وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم، إن هدم أكثر من 100 شقة يمثل جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان، لافتا إلى أنها تستهدف تشريد المواطنين الأصليين أصحاب الأرض، مؤكدا أن العملية تأتي ناتجة الدعم الأمريكي المطلق لسلوك الاحتلال العنصري". ودعت حركة الجهاد الإسلامي لمواجهة هذا العدوان بتصعيد الانتفاضة والمواجهة الشاملة.