د. أيّوب أبو ديّة
قطنت جبل اللويبدة منذ أنهى والدي بناء بيتنا في شارع الباعونية مع نهاية خمسينيات القرن الماضي، ثم ارتحلت إلى دار مجاورة بعد أن تزوجت ، وبنيت نزلاً خاصاً في شارع إبراهيم طوقان، ولما اشتد الازدحام بوجود رابطة الكتاب على يميني ومدرسة عائشة الباعونية أمامي والكنيسة المعمدانية على يساري انتقلت عام 1999 للسكن في شارع أحمد بن حنبل حيث أزعم اليوم أن جزءَاً منه بات منكوباً، وهو الجزء الواصل بين إشارات مدارس سمير الرفاعي وصولاً إلى رأس الطلعة حيث يقبع منزلي الذي يجاوره محلاً لبيع الورود.
أكتب هذا المقال بتأثير من الحادث المأساوي الذي حدث فجر الجمعة الفائت عندما اصطدمت مركبتان وجهاً لوجه عند التقاطع الذي يصل إلى شارع الخيام، ولو كان هناك مطب لما تكررت كل هذه الحوادث عبر السنين.
الشارع المنكوب تمت زراعة جنباته في نهاية التسعينيات، لا أذكر في عهد أي أمين عمّان ولكن ما زال أرثه يشهد له بالخير حتى يومنا هذا، وعلى الرغم من جفاف بعض الأشجار، وأنا أقدرها بمئة شجرة زرعت على جانبي الشارع المنكوب (باستثناء الأشجار على السفحين صعوداً إلى شارع الخيام وهبوطاً إلى شارع وادي صقرة)، فقد جف بعضها ولكن أغلبها نجا، ومن نجا من الجفاف بات عرضة لحوادث المركبات من جهة (والذي كان آخرها حادثة الجمعة الفائت التي كسرت شجرة ضخمة من ساقها لشدة الارتطام)، وعرضة للحرائق من جهة ثانية فضلاً عن عبث طلبة المدارس. وأهل المنطقة يعرفون عمال الوطن الذين يشعلون الحرائق بالاسم والصوت والصورة وقد قدمنا أكثر من شكوى ضدهم لأنهم يتعاجزون عن حمل النفايات فيجمعونها في مكانين معروفين على الشارع المنكوب مقابل تقاطع الخيام أو عند بداية الشارع ويقومون بحرقها كحال حرق الأراضي الخلاء لتجنب تنظيفها من الأعشاب.
وعندما يصعد الزائر من إشارات سمير الرفاعي إلى جبل اللويبدة انطلاقاً من بداية شارع أحمد بن حنبل المنكوب لا يجد اليوم سوى بقايا شجرة هنا أو هناك على الأرصفة، وطالما أنه يتم تغريم السائق لقطع شجرة فلماذا لا تقوم الأمانة بزراعة شجرة مكانها أو ربما إعادة تشجير الشارع بأكمله؟
وعندما يصعد الزائر قليلاً يجد مخالفات لمركبات كثيرة تنعطف يميناً وتدخل إلى شارع الخيام، رغم أنه في اتجاه واحد وعند مدخله إشارة ممنوع المرور بوضوح. وما إن يصعد الزائر أكثر قليلاً يلاحظ أنه لا يوجد ما يفصل المسرب الصاعد بالمسرب النازل، وعند وصوله إلى درج المشاة على يمينه يجد أعمالاً فنية جميلة لطلبة ومؤسسات مجتمع مدني، ولكنه يفاجأ بحفرة ما زالت تقبع هناك منذ سنتين على الأقل بعد تصليح ماسورة مياه، وإذا حاول السائق اجتنابها يصبح في مواجهة المسرب النازل معرضاً الجميع للخطر.
ثم فجأة يلحظ الزائر محلات صناعية على يمينه عند المنعطف وبقالة على يساره؛ وورشة لتصنيع الكراسي من الخيزران، وعادة ما يقوم أصحابها برش الدهان على الرصيف حتى أصبح لون بلاط الرصيف المبلط حديثاً هذا العام مائلا إلى السواد، والله أعلم ما أثر الرش على المركبات الرابضة مقابل المحلات على الجانب الآخر!
وإذا صعد الزائر أعلى الشارع قليلاً يواجه منعطفاً حاداً على اليمين يقود إلى مدارس ضرار بن الأزور وكنيسة البشارات وعندها يسمع بوضوح أصوات الدواليب وهي تحاول صعود المنعطف الحاد، فيما ما زلت أحياناً تجد بعض المركبات التي تسير في الاتجاه المعاكس رغم أن الطريق في اتجاه واحد. وبعد هذا الكوع مباشرة هناك طريق آخر أيضاً ممنوع الصعود فيه يصل الى مدرسة تيراسنطة ومكتبة فراس، إذ تجد أحياناً بعض المركبات تسعى لتحدي إشارة ممنوع المرور بلا ضمير.
وأخيراً في نهاية طلعة الشارع المنكوب ننتهي بمطب مقابل محل الزهور جاهدت لوضعه هناك لسنوات طوال بعد أن شاهدت عدة حوادث، والحق يقال أنه حل مشكلة كبيرة؛ على الأقل أصبح بإمكان المشاة عبور الشارع بأمان نسبي عند المطب.
وما زال الشارع المنكوب يتعرض للتلوث الضوضائي يومياً وبخاصة بعد الساعة الثانية عصراً حتى المساء، إذ تجد مركبات بيع الخضار والأدوات المستعملة تطلق مكبرات الصوت بلا رحمة وبلا رقابة صحية على ماذا تبيع، وغالباً ما تربض على الشارع أينما تشاء. ثم هناك الشاب المصري المعروف في المنطقة بقبعته الخضراء والذي يبيع أسطوانات الغاز ويجرها على عربة حديدية في الشارع ويطرق عليها بالمفتاح الإنجليزي ويمر من هناك الساعة 9 صباحاً، ثم قبيل الظهر وعند الثانية عصراً وأخيراً عند السادسة مساءً؛ حاولنا تقديم شكاوى لوزارة العمل في العبدلي ولم نفلح، وما زال يعمل بحرية ويشكل خطراً على المشاة والمركبات كل يوم.
وأخيراً، بدأ الشارع المنكوب هذا يعاني من الدراجات النارية التي يشتد صوتها باشتداد انحدار الشارع فتزعج الجميع، وما زاد في الطين بلة أنه خلال هذا العام فتحت ورشة بناء في منتصفه ولم تكتف فقط بوضع مكاتب للعمال على رصيف واحد بل وضعت مكتبين متقابلين وعلى الرصيفين المتقابلين، فباتت حركة المركبات والمشاة هناك في غاية الخطورة والإرباك. لذا، نتمنى على من يشعر بمسؤولية تجاه هذه التجاوزات كأمانة عمّان أو وزارة الأشغال العامة أو الشرطة البيئية أن يتحرك مشكوراً لتصويب الأوضاع ومراقبة هذه المنطقة المنكوبة التي لا تبعد عن منزل دولة رئيس الوزراء سوى مئتي متر.