نبض البلد - وكالات
كان يمكن لنهار عبد الرحمن اشتيوي أن ينتهي بشكل مفرح كما بدأ، لكن رصاصة جندي اسرائيلي تفجرت في رأسه ادخلته بحالة غيبوبة اغرقت اهالي بلدته كفر قدوم في حزن عميق.
صباح (الجمعة 12 تموز 2019) طلب عبد الرحمن من شقيقه أن يشتري له مثلجات، قبل أن يطلب استخدام هاتفه للعب، كما حث والدته عايدة أن تعد له طبق بطاطا على الغداء.
عندما حان موعد الغداء، لم يكن عبد الرحمن في المنزل، وسرى اعتقاد أن الطفل (10 أعوام) يلهو كالمعتاد مع صبية الحي.
في ذلك الوقت (الثانية بعد الظهر) كان عبد الرحمن ينقل من كفر قدوم بسيارة إسعاف لمستشفى بمدينة نابلس، بعد أن اخترقت رصاصة متفجرة رأسه وهو يلهو على بعد (300 متر) من المنزل.
كفر قدوم، قرية عدد سكانها نحو (4000) تقع بين نابلس وقلقيلية، وهي واحدة من القرى التي يخرج سكانها أسبوعيا للاحتجاج على إغلاقها من قبل الاحتلال.
كان رياض اشتيوي آخر رجال القرية الذين شاهدوا عبد الرحمن قبل أن تسقطه الرصاصة أرضا.
بعد يومين من تلك الحادثة التي أدخلت كفر قدوم في موجة حزن صامت، يشرح رياض ( 45 عاما) كيف أطلقت الرصاصة على الطفل، قال، وهو يقف على أطراف ساحة المنزل الذي كان يلهو أمامه الطفل لحظة تلقيه الرصاصة" كنت انظر إلى الطفل يقف هنا والجنود يقفون هناك فوق صخور قريبة".
قال رياض" شاهدت جنديا ينبطح أرضا لإطلاق النار، لحظة سقط الطفل أرضا، نظرت إلى نفسي وأطفالي، تفقدنا أجسامنا وكان الدم يسيل من رأس عبد الرحمن".
يروي عدد من شبان القرية القصة ذاتها. وبعضهم أشار إلى بقايا الدم التي سالت من رأس الطفل وجفت وامتدت على مسافة (50 مترا) وهي المسافة التي نقل بها الطفل بين يدي رياض من مكان سقوطه حتى سيارة الإسعاف.
وتحولت بقايا الدم إلى بقع داكنة جافة، لكنها ما زالت ظاهرة لتذكر أهالي القرية بتفاصيل ذلك اليوم الدامي. نقلوا عن الأطباء أن الرصاصة تفجرت في الرأس وتحولت إلى نحو 100 شظية.
قال رياض الذي يحاول العودة إلى حياته الطبيعية "القرية حزينة. لكن الناس هنا يكتمون حزنهم". وقال شاب "الذي أصاب الطفل أصاب كل القرية".
عندما بنيت المستوطنة القريبة من القرية واقتطعت مساحات واسعة من أراضيها كان عمر رياض ( 10 أعوام)، وبعد ثلاثة عقود من محاولة المواطنين استعادة أرضهم يرى أن" الطريق إلى ذلك ما زالت طويلة".
وتجري مواجهات أسبوعية شرق القرية، وتقدر المسافة بين مكان مواجهات ظهيرة الجمعة والذي أصيب فيه عبد الرحمن بـنحو ( 300 متر)
وقالوا: القناصة أطلقوا النار صوب الطفل بهدف قتله وردع المواطنين عن إكمال مسيراتهم.
عبد الرحمن أصغر أخوته. في منزل يخيم عليه الحزن والصمت، يجلس بعض أفراد العائلة يحاولون استرجاع لحظات من حياة الطفل قبل إصابته.
قال مشهور القدومي، وهو مسؤول "فتح"، إصابة الطفل صدمت الجميع، جميع هذه المنازل مصابة، الكل يتألم".
عن عدد المصابين خلال السنوات الماضية التي ناضل فيها السكان ضد إجراءات الاحتلال أجاب، " السؤال من لم يصب؟".
تضطر الأمهات للخروج لتخليص أبنائهن من أيدي الجنود عندما يحاولون اعتقالهم.
قال مشهور "القرية لن تسكت حتى تتخلص من المحتلين". وتحفل بعض جدران المنازل حيث تنطلق المسيرة الأسبوعية بشعارات مثل"نحب أرضنا وسنقاتل".
وتشهد أحاديث الناس قلقا متزايدا على حالة عبد الرحمن، وقال عثمان بشارات وهو طبيب جراحة الأعصاب "حالة المصاب معقده. تعرض الى طلق استقر خلف الدماغ". ويشير، انه أحصى ما بين (60-70 شظية) داخل الدماغ تفتت من الرصاصة".
يؤكد رياض ذلك. ويقول "لاحظت أن جزءا من لحم الرأس وصل الأرض ما ساعد في تدفق الدم بشكل غزير".
ويقول وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"سنعد ملف الطفل وقد ننقله إلى محكمة الجنائية الدولية".
في كفر قدوم، ينظرون للحادثة على أنها "محاولة إسرائيلية لكبح جماح الجيل القادم من إكمال طريق الآباء والأجداد".
ويقول مشهور" إنهم مخطئون. فبعد كل إصابة يزداد عدد المتظاهرين".