خبراء واعلاميون: منصات التواصل تمثل "برلمانا شعبيا"

نبض البلد -

الحكومة تتعامل مع الرأي العام بطريقة تقليدية وهناك عدم جدية بتعاطي المواطن مع مواقع التواصل

نبض البلد – عمان – خليل النظامي

تصريحات رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز يوم الجمعة عبر برنامج ستون دقيقة عن الاثر الذي تشكله منصات التواصل الاجتماعي على حكومته تعتبر دليلا ماديا على اهمية هذه المنصات، وما تقوم به من دور رقابي على الحكومة ومؤسساتها.

ولعل بروز منصات التواصل الاجتماعي كإحدى المؤثرات على الجهات الرسمية وقراراتها واستراتيجيات عملها بات يؤشر على اهمية الدور الذي تلعبه في تشكيل وقيادة الرأي العام حول اهم القضايا والقرارات الحكومية، وكشف سلوكيات غير صحية للعديد من المسؤولين، والكشف عن هوية الطريقة التي تتعاطى بها الحكومة مع القضايا التي تطرح عبرها، بحسب مراقبين واكاديميين.

استاذ الاعلام في جامعة البترا الدكتور جمال التميمي قال، ان الحكومة لا تتعامل مع الرأي العام بالطرق العلمية والمهنية الصحيحة، مشيرا الى ان الاشكالية ليست في الرأي العام وانما في الحكومة، خاصة في ظل تلاشي الاعلام المهني الحر ما جعل مواقع التواصل تأخذ دوره كبديل.

وأضاف، الحكومة ما زالت تتعامل مع الرأي العام بطريقة تقليدية، موضحا ان المواطن لم يعد كما كان حيث تلاشت نسبة الامية فيه، واصبح قادرا على فهم دوران العجلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويستطيع الوصول لاية معلومة يريدها وبدقة.

واشار الى ان لغة المخاطبة بين الحكومة والمواطن غير سليمة، فالتصريحات الرسمية يشوب الخلل معظمها ، موضحا عدم قدرتهم على ايصال المعلومة وغالبا ما تكون بلغة غير مفهومة ومعومة ما يجبر المواطن البحث عن مصادر اخرى.

وعلق التميمي على حديث رئيس الوزراء قائلا "ان كان يقصد الرئيس انتشار الشائعات فإن غياب الحكومة عن منصات التواصل ومتابعتها لما ينشر عليها من معلومات عنها ادى الى وجود مساحة خصبة عبر هذه المنصات للشائعات ، والاجدر ان يكون السؤال عن مدى تواجد الحكومة على هذه المنصات لدحض الشائعات بالسرعة والدقة المطلوبة.

بدوره، وصف الزميل الصحفي جهاد ابو بيدر، ما قامت به منصات التواصل الاجتماعي بالعمل الجبار خاصة على صعيد كشفها قضايا الفساد وحقيقة الوعود الزائفة التي اعلنت عنها الحكومة، وتجاوزات مسؤولين، واصفا اياها "بمجلس البرلمان الالكتروني" ما جعل مواجهتها مهمة صعبة امام رئيس الحكومة.

وأضاف هناك حالة مخاض عسيرة وصراعا بين الحكومة ومنصات التواصل، بالاضافة سلوكيات عمل العديد من اجنحة الحكومة الهادفة الى تسخيف محتوى هذه المنصات من خلال عدم الاكتراث وعدم الاقتناع بأن ما ينشر عبرها معلومات دامغة وحقائق وقضايا مهمة ويجب متابعتها.

وبالنسبة لعمل المنصات التي اطلقتها الحكومة فوصفها بأنها تعيش حالة من الفشل الذريع، لعدم قدرتها على اقناع الناس ومخاطبتهم بما تتخذ الحكومة من قرارات وما تنتهجه من سياسات، مشيرا الى ان السبب في ذلك يعود الى اعتماد الحكومة على غير مهنيين و غير مؤهلين على عملية التعامل مع الرأي العام ، بالاضافة الى اعتماد الحكومة على وسائل بالية مثل منصة "حقك تعرف" وغيرها والتي لا تلقى اي تفاعل من المواطن.

واوضح ان هناك العديد من الشائعات تطلقها الحكومة نفسها بهدف تفتيت وتشتيت توجه الرأي العام عن مسار معين في قضية معينة ، ولكنها سرعان ما تنتهي من خلال قيام صحفيين بتفنيدها وايضاح حقيقتها ، والذين بدورهم باتوا يحصدون ثقة عالية من قبل المواطنين في قيادتهم للرأي العام ومحاولة ضبط ايقاع حراك الفيسبوك.

موضحا ان هناك مسؤولين ادلوا بتصريحات عملت على توريط الحكومة والدولة في ملفات كان من الافضل عدم التصريح بها، وذلك يعود الى نقص ثقافة المسؤول في كيفية مخاطبة الجماهير بشكل اعلامي وواضح.

الزميل والدكتور الصحفي زياد الشخانبة قال، ان منصات التواصل اذا ما شكلت قضية رأي عام في قضية ما، فإنها لن تجبر الحكومة على التعاطي معها بجدية، موضحا هناك قضايا يتم نشرها على هذه المنصات ولكنها لا تشكل رأي عام حولها ولا تجاوب من قبل الحكومة.

واوضح ان منصات التواصل باتت تشكل سلطة خامسة تنافس وسائل الاعلام التقليدية وربما تأخذ دورها احيانا ، وتعتبر اداة هامة من ادوات الرقابة الشعبية على الاجراءات الحكومية.

وأضاف انه لا يمكن اغفال ان هذه المنصات تنشر فيها الشائعات ويتم تداولها بشكل ملحوظ بنشر معلومات غير صحيحة ، الامر الذي يؤدي الى تشكيل رأي عام في قضية غير دقيقة ما يخلق نوعا من التشويش على العمل الحكومي.

من جهته، وصف الخبير الاردني في مجال السوشيال ميديا خالد الاحمد الفضاء الاردني الالكتروني بالزخم جدا، حيث ان غالبية المواطنين يتواجدون يوميا على منصات التواصل يتحاورون في كافة الاتجاهات والقضايا.

ووصف التواجد الحكومي على هذه المنصات بـ "الخجول"، مشيرا الى ان هناك مؤسسات حكومية تمتاز بأن لديها ادوات رصد ومتابعة لما ينشر على هذه المنصات، كما ان هناك مؤسسات يهمها معرفة محورية نقاش الرأي العام حول قرارتها او قضايا تتعلق بها.

وأضاف نحن بالاردن محظوظون برئيس وزراء نشط ومتفاعل ومتواجد على هذه المنصات بحضور شبه يومي، ويتقبل اراء الناس على حسابه الشخصي وما ينشرونه حول اجراءات وقرارات وسياسات حكومته.

وبحسب الاحمد، يعتبر الاردن من اكثر الدول من حيث عدد مستخدمي منصات التواصل،حيث هناك حوالي 5 ملايين و700 ألف حساب على الفيسبوك و 675 ألف على التويتر، فيما يقدر عدد مستخدمي إنستغرام بحوالي المليون.

يذكر ان عدد مستخدمي الانترنت في الاردن بلغ حوالي 8 ملايين، 96 % منهم من جيل الشباب، فيما بلغ عدد مستخدمي شبكات التواصل 2.7 مليون مستخدم اي بنسبة 25 % من عدد السكان البالغ 10 ملايين،ليحتل الاردن المرتبة الاولى عالميامن بين اكثر 50 دولة تستخدم منصات التواصل.