نبض البلد -
وليد حسني
في المنامة ثمة صراخ وعويل يخفي خلفه ابتهاجا صامتا بما ستؤول الأمور اليه في تفاصيل القضية الفلسطينية ، هناك في المنامة ثمة خطط ناجزة لا يملك المشاركون العرب ( دول الخليج والاردن ومصر والمغرب ) حيالها غير التزام الصمت او التعبير عن الألم بلا صراخ مزعج. أمريكا ستكون هناك تقود عرضا للتفاصيل ، واسرائيل التي لم تتلق دعوة رسمية علنية بالحضور ستكون هناك تراقب المآلات السعيدة، ودول الخليج لن تخبئ دعمها لوسامة كوشنير وأفكاره النيرة ، ومصر التي لم تعد مصر ستكون الأقرب للموقف الخليجي ، وكذلك الموقف المغربي الذي يحضر بصفته كان ذات زمن مسؤولا عن ملف القدس الضائعة ، فيما سيبقى الأردن المستمع الأكثر ألما وتأثرا. وفي المنامة سيقدم الأمريكي قاعدة "الرفاه الإقتصادي" على "الحلول السياسية العادلة"، وهي قاعدة مقلوبة تماما إذ كان على الأمريكي غير النزيه وغير المحايد والمتورط تاريخيا في مأساة الشعب الفلسطيني أن يقدم الحل السياسي العادل على الرفاه الإقتصادي، من هنا يتبين مدى جهالة الأمريكي بمعادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. عبر الثلاثين سنة الماضية سيطرت معادلة الإقتصادي على السياسي في كل مشاريع التسوية الغربية المقترحة لحل القضية الفلسطينية، ذلك الكم الهائل من الأفكار ظلت تدور حول معادلة واحدة ترى ان تحقيق الرفاه الفلسطيني وتحسين اقتصاده وفتح فرص العمل أمامه وتطوير وتحديث بنيته التحتية ، ورفع مداخيله المالية سيساهم في انخفاض العداء الفلسطيني للإحتلال الإسرائيلي، إلا ان هذه القاعدة ظلت حبيسة الأوراق ولم تنجح على الأرض. اليوم يعود التاجر ترامب وإدارته لإعادة اختبار تلك القاعدة مقدما الإقتصادي على الحل السياسي العادل ، لكن مشكلته الحقيقية في عدم إدراكه أن ثمة شعب بكامله يرفض ترامب وخططه ويرفض الإحتلال ولا يقايض وطنه بالمليارات. الأردن في المنامة لن يذهب مستمعا هذه المرة بقدر ما سيكون مدققا في المآلات التي ستنتهي اليها الخطة الإقتصادية الأمريكية التي ستشكل البنية الأساسية للحل السياسي البغيض، وسيكون البلد الوحيد الأكثر تألما وفجيعة هو الأردن. حين يعود الأمين العام لوزارة المالية عليه مكاشفة الأردنيين جميعهم عبر مؤتمر صحفي ليقول لهم ما سمعه في المنامه وما يجب ان يسمعه الأمريكي في عمان، وعلى الوفد الأردني وضع كامل تفاصيل ما قيل في المنامة أمام الأردنيين في مكاشفة واجبة. نحن الأرادنة الخاسرون الرئيسيون في صفقة القرن الى جانب الأشقاء الفلسطينيين ، ومن المؤكد أننا سنبقى الخندقين الوحيدين في مواجهة تكسير القضية الفلسطينية وتذويبها.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على الفلسطيني والأردني على حد سواء هو هل لدينا القوة الكافية للبقاء في خندق الرفض؟ وهل موازين القوى تسمح لنا باحتمال القيام بدور المقاوم الصلب؟ وهل لدينا القدرة على احتمال استخقاقات المرحلة المقبلة؟؟. أسئلة عديدة تتزاحم في تفاصيل الواقع الذي تبلور على الأرض بدءا باعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال ثم باقرار قانون يهودية الدولة مرورا بحفلة المنامة التي سيكون الألم فيها أوجع من الصراخ في قادمات الأيام..