"حارة النصارى" مثالا
نبض البلد - وكالات
في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة، تتعرض (حارة النصارى) لتصفية وجود حقيقية من خلال محاولات محمومة من قبل سلطات الاحتلال لإنهاء الوجود المسيحي هناك، تماما كما يتعرض الحي الإسلامي، في مشهد يتكرر على مدار الساعة لأسباب استيطانية توسعية ولمحو الطابع العربي للمدينة المقدسة التي تشهد حربا تهويدية شرسة.
"حارة النصارى" واحدة من الحارات الأربع الكبرى بالقدس الشرقية، وتحتوي على نحو 40 موقعا مسيحيا يسكنها أكثر من سبعة آلاف، تقع داخل أسوار القدس، وتضم الحي اليهودي، والاسلامي، وحارة الأرمن.
عندما الدخول للمنطقة يمكن مشاهدة أسمى المعالم التاريخية والدينية، حيث كنيسة القيامة، وكنيسة الروم الأرثوذكس في القدس، ومن حولها تلتف محلات لبيع التذكارات ومقاهٍ ومطاعم وفنادق، وحتى محلات قديمة وأثرية للصاغة والساعات خاصة في شارع داوود.
هذه الحارة متواجدة منذ القرن التاسع عشر الذي تميز في ازدهار المباني والمعالم، فكانت لها حصة ونصيب من بناء الفنادق الأثرية، ومن ضمنها (كازا نوفا، الروم الكاثوليك، البتراء وإمبريال)، كما تحتوي على متاحف البطريركية الارثوذكسية في الجزء الجنوبي الغربي، وبركة سباحة تدعى (بركة حزقيا)، تستخدم لتخزين مياه الأمطار.
حالة من الخوف تسود البلدة القديمة في القدس المحتلة، بعد ازدياد وتيرة استيلاء الاحتلال على الأملاك المقدسية والفلسطينية، إلى جانب محاولات تزوير المعالم المسيحية، والسعي المستمر من قبل الاحتلال لخلق فتنة في المجتمع الفلسطيني بين المسيحيين والمسلمين.
وتستغل سلطات الاحتلال الأوضاع الدولية والإقليمية لفرض سيطرتها على الفنادق، ومنها البترا والامبريال ومبنى الأعظمية، حيث تم نقل حق المنفعة من العرب الى الإسرائيليين، عدا عن زيادة نفوذ وسيطرة الاسرائيليين بالقدس المحتلة لخلق أمر واقع يتماهى مع "صفقة القرن" التي تتحدث عنها الولايات المتحدة وتهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ويقول المختص في عمار شؤون القدس جمال عمرو: "الحقائق على الارض تشير إلى ان الاحتلال يعمل على تصفية الوجود الفلسطيني دون التفرقة بين المسيحي والمسلم، لأن المسيحيين استهدفوا بذات الطريقة ولكن بأساليب مختلفة".
وأضاف: "الاحتلال لم يرحم الوجود المسيحي، لا المقدسات ولا الارض ولا الانسان، واستطاع التغلغل بشتى الطرق، فلا ننسى التسريبات التي حصلت وترفضها الكنائس، فالعقارات المسيحية تتعرض لذات التنكيل والتدنيس كما يحصل بالأحياء المسلمة".
وتابع، "حارة النصارى او حتى الحي المسيحي ككل لم يسلم من الأطماع الاسرائيلية، فهو الاعلى جغرافيا والمطل على كنيسة القيامة والمسجد الاقصى، له تنظيم جميل للغاية، ويعتبر محطة سياحية عالمية للحجاج المسيحيين الذين يأتون من أرجاء العالم.
واكد أن هناك تناقصا كبيرا بعدد المسيحيين وصل الى 2.5% فقط، من خلال تسهيل السفارات الخارجية لهجرة الشبان المسيحيين للعمل بالخارج.
بدوره، قال مدير عام مركز الدراسات في القدس أرنان بشير: "تتميز حارة النصارى بموقعها الاستراتيجي، فهي تتوسط البلدة القديمة، وجزء منها يشكل حارة الارمن أي الحي المسيحي، والحارة متواجدة منذ آلاف السنين ومن أهم المواقع في العالم، فهي تضم كنيسة القيامة".
وأضاف: "الحارة تغيرت من حيث المعالم، وتم الاستيلاء على بعض المقدسات المسيحية، فالوضع الحالي يتجه نحو تغيير المعالم المسيحية وفرض السيطرة الاسرائيلية، والتغيير يحصل من داخل المباني وليس من الخارج".
وقال أحد المسيحيين: "تحتوي الحارة على سوق قديم جدا يعود الى القرن الثالث ميلادي، عدا عن وجود الكنائس والأديرة والمحلات القديمة، ولكن منذ الستينيات تحول الى سوق ومكان أثري للسياح الأجانب".
وأكد "أن الاحتلال يحاول تغيير معالم الحي، بطريقة تلغي الترابط ما بيننا وبين المسلمين، فالاحتلال يحاول بشتى الطرق الاستيلاء على كل المقدسات المسيحية والإسلامية وتهويدها وخاصة في الأحياء القديمة".