تفكجي: قضية ديمغرافية بامتياز والهدمي يدعو المجتمع الدولي أن يقف عند مسؤولياته
نبض البلد - رام الله
في سابقة خطيرة تمنح الضوء الأخضر للاحتلال لهدم مبان ومنشآت محاذية لجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، أقرت مؤخرا "المحكمة العليا الإسرائيلية"، هدم 16 عمارة سكنية تضم 100 شقة بحي وادي الحمص في قرية صور باهر جنوب القدس المحتلة، بذريعة أنها "قريبة من جدار الفصل، وتشكّل خطرا أمنيا".
"وادي الحمص" يقع خارج الخط الوهمي لبلدية الاحتلال في القدس، وتصنف غالبية أراضيه ضمن مناطق "أ" التابعة للسيادة الفلسطينية وفقا لاتفاق أوسلو.
عندما باشر الاحتلال ببناء جدار الفصل في المنطقة عام 2003، قدم أهالي صور باهر التماسا ضد مسار الجدار الذي يمر وسط قريتهم، وجرى تغييره ليصبح الحي داخل الجدار"، وفقا لمدير قسم الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة خليل التفكجي.
دفعت الأسعار المرتفعة للشقق والتكاليف الباهظة لاستصدار رخص بناء داخل القدس، الكثير من المقدسيين إلى تملك أراض بحي وادي الحمص وبناء عمارات سكنية، بعد أن حصلوا على رخص بناء من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.
وأوضح تفكجي، أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارا يمنع البناء على بعد 250 مترا من الجدار، مستندة إلى أمر صدر قبل 7 سنوات عما يسمى "الحاكم العسكري للمنطقة"، مشيرا إلى أن هذا القرار نهائي وغير قابل للاستئناف.
وأضاف: "إسرائيل" تريد أن تقول إن المنطقة تحت سيادتها ولا أحد غيرها يملك السيادة عليها".
وأكد أن ما يجري في صور باهر، يسعى الاحتلال إلى تطبيقه في منطقة الشياح في العيزرية، وغيرها من المناطق المحيطة بالقدس، موضحا أن القضية ديمغرافية بامتياز والهدف منها إفراغ القدس ومحيطها من أي وجود فلسطيني.
وتابع: "يحاول الاحتلال حسم قضية القدس كمرحلة نهائية، خاصة فيما يتعلق بالقضية السكانية".
يقطن في حي وادي الحمص نحو 6 آلاف، باتوا مهددين بالتشرد بعد قرار الاحتلال هدم منازلهم. وأعطت محكمة الاحتلال أهالي الحي، مهلة شهر لهدم منازلهم بأيديهم، قبل أن تطلق العنان لجرافاتها العسكرية لهدم المنازل ومطالبتهم بدفع تكاليف الهدم.
بدوره، بين مدير الدائرة القانونية في المركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان "سانت إيف" المحامي هيثم الخطيب، أن "المحكمة تبنت ادعاءات جيش الاحتلال وأوامره"، معربا عن خشيته من استغلال القرار ليشمل المناطق المحاذية للجدار في الضفة كافة، وليس في محيط القدس فقط.
واوضح أن القرار يعود إلى عام 2011 عندما أصدر ما يسمى "الحاكم العسكري" أمرا يمنع البناء على بعد 250 مترا من الجدار بدواع أمنية ولكنه لم يطبقه. وفي 2015، قرر جيش الاحتلال تطبيق الأمر، وبدأ بحي وادي الحمص وسلم أوامر بهدم 16 بناية، تضم عشرات الشقق.
بعد مهاجمة المحامي الخطيب للخلفية القانونية لأوامر الهدم التي تشمل جميع المناطق المحاذية لجدار الفصل في الضفة والواقعة تحت السيادة الفلسطينية، تراجع الاحتلال عن هدم عدد من المباني كليا وحولها للهدم الجزئي، إلا أن قرار المحكمة الأخير يضع البنايات المهددة تحت خطر الهدم.
وأشار إلى أن قرار المحكمة غير قابل للاستئناف واستنفدت جميع الخيارات القانونية لحماية البنايات من الهدم، وقال: "القرار ضوء أخضر لجيش الاحتلال لهدم مئات المباني القريبة من الجدار في الضفة".
من جهته، أشار وزير شؤون القدس فادي الهدمي، إلى أن الوزارة ومن خلال دائرتها القانونية تتابع عن كثب تداعيات القرار وأبعاده القانونية، موضحا أن إطلاق مصطلح جديد اسمه "حرم الجدار" هو سابقة خطيرة تهدد المئات من المنازل والمنشآت المحاذية لجدار الفصل.
وأكد أن وزارته وبالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين، بعثت رسائل للسفارات والقنصليات لتدويل القضية وحشد الدعم لحماية المباني من الهدم ووقف القرار، لافتا إلى أن هدم 100 شقة وتهجير سكانها يتعارض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان.
وقال: "يجب على المجتمع الدولي أن يقف عند مسؤولياته لحماية شعبنا من سياسة الابرتهايد والتهجير التي ينتهجها الاحتلال".
وأضاف: "سنواصل الدفاع عن مدينتا المقدسة، ووجودنا فيها وسنثبت بأرضنا، وأهالي القدس اثبتوا ذلك خلال انتصاراتهم بمعركة البوابات الالكترونية وكنيسة القيامة، وسنهزم القرارات العسكرية العنصرية".
ووفقا لتقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد هدمت سلطات الاحتلال العام الماضي، 471 منشأة فلسطينية، وأخطرت بهدم 546 من ضمنها 50 مدرسة، وتركزت غالبية عمليات الهدم والاخطار بالهدم بمحافظة القدس.