خطّة ترامب بتفضيل الاقتصاديّ ستَجُرّ المنطقة كلّها لحمّامات من الدماء

نبض البلد -

وزيرٌ إسرائيليٌّ سابِقٌ: ورشة البحرين خطيرة جدًا

 الناصرة- وكالات

رأى الوزير الإسرائيليّ السابق ورئيس جهاز الأمن العّام الأسبق (الشاباك)، عامي أيالون، رأى أنّ خطّة السلام الأمريكيّة، التي غدت تُسّمى إعلاميًا بـ صفقة القرن ، هي ليست خطأً تكتيكيًا إضافيًا، بل خطأً إستراتيجيًا سيجلِب حمامات من الدماء والمآسي على الفلسطينيين والإسرائيليين، وسيؤدّي لإشعال المنطقة برّمتها، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ البدء بنقاش القضايا الاقتصاديّة قبل الخوض في المسائل الجوهريّة هو خطيئة لا تُغتفر لمَنْ قام بإعداد الخطّة، ولمَنْ يُحاوِل تسويقها، على حدّ تعبيره.

وتابع قائلاً إنّ ما يُطلَق عليها ورشة البحرين يجب أنْ تُشعِل جميع الأضواء الحمراء، إنْ كان ذلك لدى الفلسطينيين أوْ لدى الإسرائيليين، لأنّ مَنْ يعرف تاريخ الصراع في الـ30 سنة التي مضت، يعلم جيّدًا أنّ هذه الخطّة هي نسخة طبق الأصل، ممّا كان يُسّمى سابِقًا بالسلام الاقتصاديّ، وقبل ذلك الشرق الأوسط الجديد ، كما أكّد أيالون.

وشدّدّ الوزير الإسرائيليّ السابِق على أنّه لو قام مستشارو الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بدراسة الماضي غير البعيد للصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، والذي بموجبه تتّم أولاً مُناقشة المسائل الاقتصاديّة ومن ثمّ القضايا الجوهريّة والمفصليّة لعلِموا أنّ الفشل سيكون من نصيبهم، مُضيفًا أنّ هذه الخطّة هي بمثابة صفعةٍ مُجلجلةٍ للفلسطينيين، وعدم فهم الطموحات الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، مُوضحًا أنّه لو جرى الحديث عن شراء الفلسطينيين بالأموال، لكي يتنازلوا عن آمالهم الوطنيّة، لكان هذا الأمر حصل منذ وقتٍ بعيدٍ، وبالتالي فإنّ الحديث لا يجري فقط عن عدم فهمٍ كاملٍ للقضيّة من قبل الأمريكيين، بل عن نمط تفكيرٍ ليس أخلاقيًا بالمرّة، ويفتقِد أيضًا للمصداقيّة، كما أكّد الوزير الإسرائيليّ السابق.

وأردف الوزير الإسرائيليّ، الذي شغل أيضًا منصب قائد سلاح البحريّة في جيش الاحتلال، وهو جنرال في الاحتياط، أردف قائلاً إنّ نتائج التفكير الخاطئ، من المُمكِن وجودها في اتفاق أوسلو بين إسرائيل وبين منظمّة التحرير الفلسطينيّة، مُشيرًا إلى أنّ اتفاق باريس الاقتصاديّ واتفاق القاهرة الأمنيّ، اللذين تبِعا اتفاق أوسلو، ساهما إلى حدٍّ كبيرٍ في تقويض الاتفاق وإفشاله بشكلٍ نهائيٍّ، وتسببا في وقتٍ لاحِقٍ، بحسب رئيس الشباك الأسبق، باندلاع الانتفاضة الفلسطينيّة الثانيّة في أيلول (سبتمبر) من العام 2000، التي لم تكُن أسباب اندلاعها اقتصاديّةً، بل لأنّ الأفق السياسيّ لم يكُن مفهومًا ولا واضِحًا، كما قال في مقاله الذي نشره اليوم الخميس في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.

عُلاوةً على ذلك، أكّد أيالون أنّ إسرائيل والفلسطينيين يقِفون اليوم في نفس الظروف وأمام نفس الخطر المُحدِّق، ذلك لأنّ تفضيل خطّة ترامب الاقتصاديّ على السياسيّ، والمضي قدمًا لحلّ الصراع، يدفع جميع الأطراف إلى ارتكاب الأخطاء الكبيرة والمصيريّة، التي تمّ ارتكابها خلال وبعد اتفاق أوسلو، مُشيرًا إلى أنّ محاولة الوصول إلى الهدف الرئيسيّ غير المُعرَّف هي مُحاولة فاشلة حتى قبل أنْ تبدأ، وفقًا لتعبيره.

وتابع الوزير الإسرائيليّ السابِق قائلاً إنّ الهدف الجوهريّ لعملية السلام يجب أنْ يكون إنهاء الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة، وإقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود ما قبل الرابع من حزيران (يونيو) من العام 1967، مع القيام بعملية تبادل الأراضي إنْ كانت هناك حاجةً لذلك، وعليه، أضاف، إذا كان الطرفان، بالإضافة إلى الوسيط، لم يقوموا بتحديد الهدف النهائيّ للعملية، فلا حاجةً أصلاً للبدء فيها، كما قال.

ولفت أيضًا إلى أنّه لا يستبعِد البتّة أنْ تكون ورشة البحرين عبارة عن أداةٍ سياسيّةٍ يمنحها ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، حتى يتمكّن الأخير من الانتصار في معركة تبادل الاتهامات غيرُ المُنتهيّة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بهدف تصوير الفلسطينيين بأنّهم يرفضون السلام، إلّا أنّ هذه الهديّة، شدّدّ الوزير الإسرائيليّ السابِق، من شأنها أنْ تجُرّ جميع الأطراف في منطقة الشرق الأوسط لجولة طويلةٍ من التصعيد، تُبعِد كلّ إمكانيّةٍ لإجراء حوارٍ من أجل التوصّل إلى السلام، على حدّ تعبيره.

وخلُص الوزير الإسرائيليّ السابِق إلى القول إنّه يتحتّم ويتعيّن على كلّ إنسانٍ، وبشكلٍ خاصٍّ من القادة الإسرائيليين، الذين يطمحون لإنهاء الاحتلال، والذين يُعبّرون عن قلقهم لأمن الدولة العبريّة، وتوجسّهم من جولة عُنفٍ أخرى مليئةً بالدماء، يتحتّم عليهم مُطالبة ترامب بالتنازل عن الفكرة الخطيرة جدًا، والتي ترى الاقتصاد أولاً، وبالتالي فإنّ المعركة الانتخابيّة القادِمة في الكيان، أكّد أيالون، يجب أنْ تُركّز على نقاش الصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، وكلّ قائدٍ إسرائيليّ لا يُقدِم على ذلك، ليس جديرًا بأنْ يكون قائدًا، على حدّ قوله.