وليد حسني
أمر جلالة الملك الحكومة بالعمل دون إبطاء على تخفيض أسعار الأدوية فلا مجاملة عندما يتعلق الأمر بصحة الأردنيين ودوائهم، هكذا قال الملك لرئيس الوزراء د. عمر الرزاز ولوزير الصحة ومدير عام مؤسسة الغذاء والدواء.
واستمع الرزاز وفريقه الحكومي لكلام ملكي أوضح من ذلك حين قال جلالته إن وضع أسعار الأدوية حاليا غير سليم، والمطلوب معالجة الخلل بشكل فوري.
ولكل من يقرأ توجيهات الملك لن يحملها على غير ما تحمله في نفسها، انتقاد مباشر لا مواربة فيه للحكومة، وعدم رضا عن سياساتها، وانحياز ملكي للناس وحاجاتهم الصحية اليومية، وعدم قناعة ملكية بما اتخذته الحكومة من إجراءات سابقة تمثلت بتشكيل لجنة لإعادة النظر باسعار الأدوية، فضلا عن انكشاف سلطة مافيات الأدوية مقابل ضعف الإجراءات الحكومية لمعالجة هذه الأزمة التي تمثل مصيبة حقيقية تضرب في عمق احتياجات الشعب.
منذ امس كان على الحكومة التحرك سريعا باتجاه تنفيذ التوجيهات الملكية دون انتظار اراء ومواقف مافيات الأدوية الذين لم يقبلوا ابدا بأي تدخل حكومي او نيابي او شعبي او اعلامي للتاثير قليلا في بورصة أسعار الأدوية وتخفيض منسوب أرباحهم التي تمثل جريمة اخلاقية تعتمد سرقة المواطن في دوائه، والمتاجرة بصحته، وصدق الملك حين قال"لا مجاملة عندما يتعلق الأمر بصحة الأردنيين".
اليوم الحكومة مطالبة بالإستجابة للتوجيهات الملكية لمعاجلة هذا الخلل، وعليها وضع خطة استجابتها السريعة لتخفيض الأسعار بشكل يلمسه المواطن وينعكس على فواتير دوائه التي يدفعها من قوت يومه، ولاقناع الشعب أيضا بأن ثمة حكومة تفهم التوجيهات الملكية وتلبي احتياجات الشعب، وبغير ذلك فان أي تلكؤ حكومي في هذا الإتجاه سيتم تفسيره وفهمه بطرق اخرى لن تكون في صالح الذات الملكية ولا الحكومة ولا الشعب.
منذبضعة أشهر مضت ونحن نصرخ مطالبين بانقاذ الشعب من مافيات الأدوية، واستغلال حاجة الناس للدواء، والرفع من سوية الأدوية العلاجية التي تصرف في مستشفيات ومراكز الصحة الحكومية، وتطوع الالاف من الأردنيين لعرض تجاربهم الشخصية في الحصول على الأدوية في السوق الأردني وتبيان الفوارق السعرية الرهيبة عن غيرها في الأسواق العربية والغربية، وقد كنت انا احدهم في مقالة نشرتها هنا في الأنباط، وقس على ذلك الكثير.
الحكومة مطالبة اليوم بوضح حد قانوني وأخلاقي لجريمة سرقة المواطنين والمتاجرة بأدويتهم وعلاجاتهم، وما التوجيهات الملكية في هذا الأمر إلا بعد ان تاكد لجلالته بان ما يجري في سوق الدواء وبورصته ما هو إلا حالة من الإعتداء على حقوق المواطنين جهارا نهارا لإشباع النهم الجشعي لدى بعض المستوردين والمصنعين على حد سواء.
كيف يقبل اي مواطن ان يكون سعر الدواء المنتج محليا أضعاف سعره في دولة عربية أخرى تستورده من الأردن، وكيف يمكن ان يقبل المواطن ان يكون بحاجة لدواء من منتج غربي أضعاف سعره في السوق المحلي عنه في الأسواق الخارجية.
تلك هي المعادلة التي جعلت من مافيات الدواء تشن حملة من التشكيك في مجلس النواب حين تصدى النائب خير ابو صعيليك لمعاجلة هذا الملف، وهي ذات المعادلة التي دفعت باساطين المافيات الدوائية لإدارة حملة مضادة لكل صحفي واعلامي انتقد اسعار الأدوية في الأردن وكنت أنا احدهم.
ان توجهات جلالة الملك أكثر من واضحة، والرسائل التي حملتها وجها لوجه لرئيس الوزراء كانت هي الأخرى اكثر من ناصعة، وقد فهمتها في إطار أنها قد تكون الإختبار الأخير للحكومة، وعليها ان تثبت للملك وللشعب على حد سواء مدى قدرتها على إنقاذ الناس، وقمع حبل الجشع الدوائي..
هكذا فهمت رسالة الملك تفسيرا وتأويلا، أما كيف ننفذ توجيهات الملك ونلبي حاجات الشعب فهذه مهمة الحكومة التي يتوجب عليها سريعا الإجابة عليها بالأفعال لا بالأقوال..