بلال العبويني
حددت الولايات المتحدة موعد ومكان انعقاد مؤتمر لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يثير العديد من الأسئلة والدهشة في آن.
الموعد سيكون في 25 – 26 من حزيران المقبل، والمكان مملكة البحرين، وعنوان المؤتمر "السلام من أجل الإزدهار"، لكن ثمة من يذهب إلى أن المؤتمر يهدف لتنفيذ الشق الثاني من "صفقة القرن".
لنعد ونستذكر التصريحات المتعلقة بـ "صفقة القرن"، ومنها أن مسؤولين أمريكيين بينهم مهندس الصفقة، جاريد كوشنر، قالوا إن خطة السلام الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ترتكز على شقين (أمني/ سياسي) بالنسبة للإسرائيليين و(اقتصادي) بالنسبة للفلسطينيين.
ما تعلق بالشق السياسي الأمني، تم انجاز الغالبية العظمى منه، من ناحية الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967، والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لـ "إسرائيل" وما إلى ذلك من قرارات أمريكية داعمة لدولة الاحتلال وتصب في ذات الاتجاه.
ويبقى من الصفقة تنفيذ الشق الاقتصادي، وهذا ما تسعى الولايات المتحدة لتنفيذه عبر "مؤتمر البحرين"، ما يعني أن ثمن تنازل الفلسطينيين عن حقوقهم وما تم الاتفاق عليه برعاية أممية، يكون بإقامة مشاريع استثمارية في الضفة وغزة، وتحت رعاية، وربما تمويل، دول في المنطقة.
جهات فلسطينية بينها الحكومة الفلسطينية أعلنت رفضها للمؤتمر، مؤكدة أنه ليس لديها علم به، داعية في ذات الوقت الدول العربية إلى عدم المشاركة به باعتباره استكمالا لتنفيذ "صفقة القرن".
غير أن السؤال الأهم، لماذا اختارت الولايات المتحدة مملكة البحرين لإقامة المؤتمر؟.
لنعد ونستذكر التسريبات التي رشحت عن الصفقة، والتي تحدثت بعضها عن أن الولايات المتحدة تحتاج إلى شريك من المنطقة ليدعم مشروعها عبر ما يعرف بـ "صفقة القرن".
دول عربية عدة سارعت آنذاك، إلى نفي علمها بالصفقة وأن الإدارة الأمريكية لم تطلعها على ما تفكر به، غير أن الإعلان عن مكان انعقاد المؤتمر يؤشر إلى غير ذلك، وإلا ما معنى أن تقبل البحرين استضافة المؤتمر الأمريكي في ظل كل ما تم الحديث عنه عن صفقة القرن بشقيها السياسي والاقتصادي، وفي ظل تأكيد الحكومة الفلسطينية أنه ليس لديها علم بالمؤتمر وأن أحدا لم يطلعها عليه.
الفلسطينيون والأردنيون يتوجسون من المؤتمر من ناحية أنه استكمال لـ "صفقة القرن"، وبالتالي لا معنى لأي تبريرات عربية قد نستمع إليها لاحقا تنفي علمها ببنود الصفقة أو أن المؤتمر لا علاقة له بما يشاع عن الصفقة أو أن الهدف منه تحسين الواقع المعيشي للفلسطينيين أو ما إلى ذلك من تبريرات.
مكان انعقاد المؤتمر، يؤشر على أنه لا يرتبط فقط بالدولة المستضيفة، وأن هناك من لديه علم بكافة تفاصيل المخطط الأمريكي، وأن الترتيبات تمت على قدم وساق بعيدا عن الأخذ برأي صاحب الشأن وهم الفلسطينيون، وهو ما يعني أن الاتهامات ستطال كل من سيشارك في المؤتمر حتى وإن كان من بينهم فلسطينيون.
ادعاء بعض العرب برفض "صفقة القرن" وأن أمريكا لم تطلعهم عليها باتت على المحك، وأظن أن حجم ونوعية المشاركة بالمؤتمر ومن ثم الممولين لمشاريع الاستثمار بالضفة وغزة، هي من ستكشف حقيقة الإدعاءات.
على كل، صيرورة الأحداث أكدت وما تزال أنه ليس هناك غير الأردنيين والفلسطينيين يتمترسون في خندق الرفض، ولعل الأيام القليلة المقبلة ستكشف مفاجآت وستكشف أي من دول المنطقة غارقة حتى النخاع في تنفيذ الصفقة.