ربما جاء إهتمام الباحثة المصرية منذ فترة طويلة على دراسة ملف "الأقليات اليهودية فى الصين"، و "ملف التهويد" و "أثر العمالة الصينية فى إسرائيل على الأمن القومى العربى" و "مراكز الفكر والأبحاث الإسرائيلية واليهودية فى الصين" و "مراكز الدراسات الصينية فى إسرائيل" وغيرها فيما يتعلق بتلك الملفات لإدارة العلاقات بين بكين وتل أبيب. بل وقامت الباحثة المصرية فى كتابها الجديد الذى طلب نسخة منه تقريباً معظم الدبلوماسيين العرب والأجانب فى القاهرة، بعنوان: "تأثير مراكز الفكر الإسرائيلية والأقليات اليهودية فى الصين على الأمن القومى العربى".
بل والشئ المدهش لدى الباحثة المصرية شخصياً، بل ولدى حكومات العالم والمجتمع الأكاديمى الدولى خاصة المعنى بالشأن الصينى، هو تغير ذلك النهج معى أنا شخصياً، وعمل "بروفايل" و "بطاقة تعريفية" رسمية خاصة بى منشورة على مواقع رسمية صينية للتعريف بى أكاديمياً كخبيرة فى الشأن السياسى الصينى - وربما لأول مرة فى إعتراف رسمى بذلك - تم الإشارة صراحةً إلى أن الباحثة المصرية مهتمة بدراسة أوضاع الأقليات اليهودية أو بالتحديد "المتهودة" فى الصين، بل والأخطر فى ذلك "النهج الصينى الجديد"، هو تلك الإشارة الصينية الصريحة بأننى - أى الباحثة المصرية - قد قامت بدراسة أوضاع هذا الملف المتعلق بالأقليات اليهودية فى الصين خلال تواجدها على الأراضى الصينية فى بكين. وهو الأمر، الذى جعل العالم بأسره يبحث عن تلك الباحثة المصرية – من خلال بطاقتها التعريفية التى نشرتها الصين رسمياً - والتى كرمتها الصين - وإعتبرتها واحدة من أبرز الخبراء فى الشئون الصينية فى العالم بأسره - أو ما يعرف بإسم عالمة فى مجال "الصينيات" Sinologistsأى الدراسات الصينية.
بل وما يشير لتغير ذلك النهج الصينى "عالمياً" لدى الباحثة، ولديه مؤشرات ودلائل عديدة على ذلك، هو "السماح الصينى رسمياً للباحثة بأن تسأل عما تريد وأن تطرح ما تشاء من أسئلة على الجانب الصينى الرسمى - وستصلها إجابة "فورية" - عن كل تساؤلاتها. نعم لقد أدركت الصين أخيراً - وربما من خلال رسائل الباحثة المصرية المتتالية إليها- أن العالم من حولها يتساءل، ولابد من إطلاع أشخاص محددين من ذوى الثقة من أمثالى على إجابة لتساؤلات عديدة تدور فى أذهان العامة والجميع.
لذا، فعند حضورى لندوة عقدت مؤخراً فى المركز الثقافى الصينى يوم السبت الموافق 4 مايو 2019 عن "الدبلوماسية الشعبية بين مصر والصين"، وعندما طرحت سؤال مثلاً بأن الصين مازالت تتواصل مع "القنوات الرسمية فى بلدان العالم" ولا تتواصل مع "المعارضة مثلاً أو جهات غير رسمية" كما أن مجلس شئون الأقليات والقوميات فى الصين - والبالغ عددهم حوالى 56 قومية وأقلية عرقية ودينية - لا يسمح له بالتواصل "رسمياً" مع أقليات من دول أخرى. وقبل أن أختم سؤالى وأجلس فى مقعدى - الذى حجزه لى الصينيون فى الصف الأول من القاعة وإرشادى للجلوس عليه وسط الجميع رغم حضورى متأخرة بعض الشئ - إبتسمت فى وجه الجميع وأنا مطمئنة - بأن الصين قد غيرت نهجها - ولم تعد تتضايق أو تتذمر من إلقاء مثل تلك الأسئلة مثلما أخبرنى الصينيون رسمياً بذلك. وربما لم يفهم عدد من الحاضرين تلك الإشارة وهذا التصريح - الذى كنت أعنيه فعلاً - وشرعوا فى إنتقادى بأن الصين لا تقبل طرح مثل تلك الأسئلة. على الرغم من - تعمدى وموافقة الصينيين رسمياً لى على طرح مثل تلك الأسئلة - فى تغير صريح للنهج الصينى المتفتح الجديد وتقبلها رحابة صدر للآخر فى إطار مبادرتها للحزام والطريق وإنفتاح العالم كله على بعضه وفقاً لمبدأ الرئيس الصينى "شى جين بينغ" المعروف بــ "المصير المشترك للبشرية" و "مبدأ رابح – رابح".
لذا، فإن الباحثة المصرية - لا تجد أى حرج - فى إعلان أنها أحد الباحثين القلائل حول العالم، الذين تم إعدادهم بعناية "لشرح وجهة نظر الصين "الرسمية" حول العالم بشأن مبادرتها حول الحزام والطريق فى مصر والمنطقة. بل وأضحى معظم إن لم يكن جميع الدبلوماسيين الأجانب فى القاهرة يعلمون أن الباحثة المصرية، تعنى تماماً ما تقوله بشأن الصين، بل وبدأ الجميع فى طرح الأسئلة على الباحثة المصرية لمعرفة إجابتها الدقيقة من وجهة نظر صينية بحتة. مع حرص الباحثة المصرية أيضاً تحديداً - على نقل وجهات نظر المصريين والعالم والعكس- من وإلى الصين ومعرفة بعض الإجابات عليها، وتهدئة بعض التخوفات لدى البعض من مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وأنا شخصياً أعتبر أن هذا "التغير فى النهج الصينى"، ربما يأتى كنهج وأسلوب جديد مع بدء إشارة البدء فور خطاب الرئيس الصينى "شى جين بينغ" فى سبتمبر 2013، وإعلانه "رسمياً" عن مبادرة "الحزام والطريق الصينية". وأنا شخصياً أيضاً أتفق مع الرأى القائل أن "الصين قد بدأت وشرعت فى مبادرة الحزام والطريق منذ زمن وأمد طويل وليس فقط فى عام 2013".
وبعد هذا المقدمة الطويلة نسبياً - والتى كان لابد للباحثة من الإشارة إليها لكل من يقرأ كتاباتها ويترجمها حول العالم - هو أن تشير الباحثة المصرية أنها وقبل الشروع فى كتابة هذا المقال حول: نقل السفارة الصينية بجوار مبنى الموساد الإسرائيلى - وهو الخبر الذى قرأته الباحثة بالصدفة على عدد من المواقع الأمريكية من خلال إطلاعها الدائم على كل ما يتعلق بالشأن الصينى حول العالم - قد إتصلت فوراً بعدد من الشخصيات الصينية لإستعراض وجهة نظرهم حول هذا الأمر، فجاء الرد أن "واشنطن" كعادتها معنا تتهمنا بأنا نستخدم مقارنا ومشاريعنا للتجسس عليها، وهذا غير صحيح.
وتود الباحثة الإشارة فى هذا الصدد إلى أنه لدى الصين سفارة كبيرة بالفعل فى تل أبيب، يقع عنوانها تحديداً فى (222 شارع بن يهودا- تل أبيب) 222 Ben-Yehuda St. Tel Aviv والتى تعمل كمركز لتعزيز مصالحها. وحتى وقت قريب، برز إهتمام الجانب الصينى فعلياً بشراء قطعة أرض جديدة فى (حى هرتسليا بيتواش) Herzliya Pituach District الفاخر لنقل وبناء سفارتها الجديدة، والتى تقع بالقرب من مقر الموساد الإسرائيلى ومقر وكالة الإستخبارات العسكرية "الوحدة 8200" شمال تل أبيب.
وربما فإن ما قرأته الباحثة المصرية على المواقع العبرية للتدقيق وتحليل هذا الخبر - المثير للجدل والنقاش والتحليل فى الوقت ذاته- هو ما عرفته من تخوف وكالات مكافحة التجسس الإسرائيلية بأن الصينيين كانوا مهتمين بشكل خاص بعلاقات الشركات الإسرائيلية مع مسئولى الدفاع الأمريكيين، وبأن - ربما - هذا الطلب الصينى الجديد بنقل مقر سفارتها قرب الموساد، الغرض منه يعود لنظرة الصين إلى إسرائيل على أنها باب خلفى يمكنها من خلالها الوصول إلى البرامج الأمريكية السرية وإختراقها من خلال تل أبيب.
وإهتمت الباحثة بمتابعة بعض الإتهامات الموجهة من قبل إسرائيل وواشنطن إلى بكين على خلفية طلبها نقل سفارتها بجوار الموساد، حيث أعتبر محللون أمريكان وإسرائيليون بأن الصين بذلك تستهدف الحصول على معلومات حول أكبر شركتين مصدرين للسلاح في إسرائيل، وهما: شركة "إسرائيل لصناعة الطيران" Israel Aviation Industry Company و"صانع الأسلحة رافائيل" وهى نفسها الشركة الإسرائيلية المسئولة عن صناعة الأسلحة فى "تل أبيب" وتصديرها حول العالم والمعروفة بإسم Rafael Armor وذلك إلى جانب شركة "إلبيت سيستمز" Elbit Systems وهى كلها شركات مملوكة للدولة العبرية، ولديها فروع فى الولايات المتحدة تساعد فى تصنيع الأسلحة الإسرائيلية المتطورة، بما فى ذلك صناعة الصواريخ وإلكترونيات الطيران، وهذه التصاميم والأسرار التجارية تعد مطمعاً من قبل وكالات الإستخبارات والحكومات فة جميع أنحاء العالم، والتى - وكما علمت الباحثة - لا يجرؤ أى من حكوماتها بأن يطلب "رسمياً" من "تل أبيب" وكما فعلت الصين بنقل مقار سفاراتهم بجوار مقر الموساد ومقار الشركات العسكرية الإسرائيلية الأخرى.
وتصاعدت الإتهامات الأمريكية تحديداً فى الفترة الأخيرة للصين بأن بكين تسعى لتوسيع عملياتها وأنشطتها الإستخباراتيةللتجسسفى إسرائيل، مستهدفة بذلك الوصول إلى شركات التكنولوجية المملوكة من قبل الدولة أو القطاع الخاص فى تل أبيب، مما يقود فى النهاية للتجسس على الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأبرز فى العالم.
ولعل محاولة الصين شراء مقر جديد بجوار (الموساد) - وفق محللين أمريكان وإسرائيليين - لإستهداف النشاط التجارى الأمريكى - الإسرائيلى، وخاصةً فى مجال مشتريات ومبيعات السلاح من مختلف البلاد، مع محاولة بكين لتعقب جهود كلاً من واشنطن وتل أبيب للتعاقد مع الخبراء العسكريين والاقتصاديين من أجل عقد صفقات بيع وشراء الأسلحة الإسرائيلية من قلب تل أبيب.
يكرس الصينيون جزءاً كبيراً من عملياتهم السرية فى تل أبيب - وفقاً للإتهامات الموجهة لبكين - للحصول على المعلومات العلمية والتكنولوجية. ويتم ذلك بمحاولات التغلغل فى مشروعات حربية معينة فى إسرائيل بغية التجسس فى المقام الأول على الولايات المتحدة الامريكية.
بل والشئ المدهش حقاً لدى الباحثة المصرية، هو ما قرأته بالإنجليزية فى تقرير منشور لصحيفة "ها آرتز" Haaretzالإسرائيلية يوم 20 إبريل 2019، بواسطة "ديفيد ستافرو"David Stavrou الواسعة الإنتشار، من إتهامات لأكاديميين إسرائيليين للجانب الصينى بالتجسس على الجامعات ومراكز البحوث الإسرائيلية من خلال تلك "الفصول الصينية والمدرسين الصينيين لتعليم الصينية" على الباحثين والأكاديميين الإسرائيليين.
فعلى الجانب الإسرائيلى، هناك معهدان "كونفوشيوس" يعملان فى إسرائيل لتدريس اللغة الصينية للإسرائيليين. إفتتح الأول فى جامعة تل أبيب فى عام 2007 والثانى في الجامعة العبرية فى القدس عام 2014. حضر كبار المسؤولين الصينيين، بمن فيهم نائب رئيس الوزراء الصينى/ ليو ياندونغ Liu Yandongحفل الإفتتاح فى القدس. أرسل رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) رسالة مسجلة تحية منه لإنشاء المعهد الصينى، مع العلم، أن زيارة "نتنياهو" إلى الصين فى عام 2013 أى قبل عام من تاريخ إفتتاح معهد كونفوشيوس فى القدس، ربما كانت قد مهدت الطريق إلى إنشاء المعهد الصينى فى القدس.
ومن هنا، فقد وجه أكاديميين إسرائيليين فى حينها وعلى رأسهم "نعوم أورباخ" Noam Urbach الإتهام للجانب الصينى - صراحةً" بالتدخل فى الحرية الأكاديمية فى إسرائيل - حيث ذكر البروفيسور "نعوم أورباخ" صراحةً بأن "قرار فتح معهد كونفوشيوس الصينى، الذى يشارك فى إدارة قسم دراسات شرق آسيا فى الجامعة العبرية بتل أبيب، هو تضارب واضح وواضح فى المصالح". مضيفاً بأنه "لا يوجد سبب لفتح معهد من هذا النوع فى الجامعة، أو لتعاونه مع قسم دراسات شرق آسيا داخل الجامعة، بخلاف المشاركة فى الرقابة الصينية وممارسة الضغط والحد من الحرية الأكاديمية داخل إسرائيل".
مع العلم، بأنه لا يمكن للمرء أن ينكر التأثير الذى تمارسه معاهد كونفوشيوس على الخطاب حول الصين، والذى وصفه المسؤول الصينى البارز (لى تشانغ تشون) Li Changchun فى عام 2009 صراحةً بأنه "جزء مهم من جهاز الدعاية الصينى فى الخارج".
وفى هذا الصدد، ينبه البروفيسور "أورباخ" المسئولين الإسرائليين بأن "بكين" نفسها لا تفعل ذلك على أراضيها مستشهداً بعدد من الأدلة على سبيل المثال، ومنها إن دراسة الصين المعاصرة تعتبرها بكين قضية حساسة ولا تسمح بطالب أجنبى بالتعمق فيها ودراستها على أراضيها، حيث تبذل السلطات الصينية كل ما فى وسعها للحفاظ على الخطاب العام (الموحد) للدولة الشيوعية. يقول البروفيسور "أورباخ": "أن حقوق الإنسان فى الصين، على سبيل المثال، لا يمكن ذكرها".... حيث "لا يمكنك التحدث عن المشاكل السياسية الداخلية أو عن قمع الأقليات مثل مجتمع الأويغور"، في إشارة إلى الأقلية المسلمة فى إقليم "شينغيانغ" الصينى.
بل وتوالت الإتهامات الأكاديمية الإسرائيلية إلى بكين من أن الأكاديميون الإسرائيليون الذين يبحثون فى هذه القضايا هم الذين يدفعون الثمن. حيث أدرجت الصين "رسمياً" إسم البروفيسور الإسرائيلى (الفخرى) "إسحق شيشور" Prof.(Emeritus) Yitzhak Shichor أحد كبار علماء "الصينيات"Sinologistsفى إسرائيل، فى القائمة السوداء وحُظر عليه زيارة الصين بعد أن ساهم في كتاب مقالات عن "شينجيانغ"، وهى المنطقة التى تتمتع بحكم ذاتى لأهل الأويغور فى شمال غرب الصين.
وفى إطار هذا الجدل، تود الباحثة المصرية - إنتهاز الفرصة - فى مقالات أخرى قادمة لنقل وجهة نظر الصين "رسمياً" - كما طلب منى الجانب الرسمى الصينى - إلى الجانب المصرى والعربى بشأن حقيقة ما يحدث على أرض "شينغيانغ" الصينية، وتوضيح لموقف الصين رسمياً بالصور والأدلة والمستندات حول عدم إضطادهم خلاف لما تدعيه وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية وتنقله إلى الإعلام العربى والصحافة العربية، نتيجة لأن هذا الملف هو أخطر ملف فى مسيرة العلاقات الصينية - العربية - الإسلامية، وهو أكثر تلك الموضوعات حساسية لدى الشارع العربى. لذا، فالباحثة المصرية ستعرض للعرب جميعاً وجهة النظر الرسمية تجاه الأقليات المسلمة فى "شينغيانغ" وفقاً لمبدأ "توضيح الحقائق"، وعدم زيارة أى عربى من "موجهى الإتهامات للصين بشأن إضطهاد مسلميها" إلى الصين عموماً أو إلى إقليم "شينغيانغ" تحديداً إلا من خلال "صور ومعلومات تبثها إليهم واشنطن وحلفائها فى الغرب بدعوى إنتهاك حقوق الإنسان هناك".... لذا، فالجانب الصينى "الرسمى" ربما يعول على كثيراً فى الفترة المقبلة لتوضيح الحقيقة كاملة للعرب من وجهة نظر صينية بحتة.
وفى إطار هذا الجدل والإتهام الإسرائيلى والأمريكى ومن قبل عدد من وكالات الإستخبارات الدولية والباحثين المستقلين على حد سواء، وهو الجدل الدائر مؤخراً - والذى تابعته الباحثة المصرية بإهتمام شديد - ضد دور معاهد كونفوشيوس الصينية، وإتهامها صراحةً بالتورط فى التجسس الصناعى، وجمع المعلومات وممارسة الضغط على المواطنين الصينيين الذين يعيشون خارج البلاد، والتعاون مع إدارة (الجبهة المتحدة للعمل) United Front Work Departmentوهى وكالة غامضة تحت رعاية الحزب الشيوعى فى الصين.
كما تابعت الباحثة المصرية ما أبرزته الصحف الغربية تحديداً فى نهاية عام 2017 - والذى ربما لم نسمع عنه فى عالمنا العربى نتيجة لعدم إهتمامنا بمثل تلك الموضوعات رغم أهميتها - حيث أثارت عدة حوادث بارزة الشكوك حول دور الهيئات الصينية المسؤولة عن البحث والتعليم فى أعمال التجسس وفق ما أورده الغرب. ففى نيوزيلندا، تم توجيه الإتهامات إلى السلطات الصينية عندما إقتحم اللصوص منزل ومكتب البروفيسورة (آن مارى برادى) Prof.Dr.Anne-Marie Brady بعد أن نشرت دراسات جديدة حول السياسة الصينية فى القطب الجنوبى فى أنتاركتيكاAntarctica وإستخدام الصين "القوة الناعمة" فى الغرب لتحقيق ذلك.
وحتى أنقل للقارئ - الغير مطلع - على موضوع وماذا تعنيه تلك المعلومة الخطيرة حول تلك السياسة الصينية الجديدة فى القطب الجنوبى فى منطقة أنتاركتيكا، خاصةً مع البعد الشديد لذلك القطب عن العالم؟، فقد علمت الباحثة المصرية بعد البحث والإطلاع حول ذلك الأمر بأن مصلحة الدولة الصينية لشئون المحيطات Chinese State Administration for Ocean Affairs قد خططت لبناء محطتها البحثية الخامسة فى القطب الجنوبى "أنتاركتيكا"، والتى ستقام تحديداً فى جزيرة "إنكسبريسيبل" فى خليج "تيران نوفا" Tiran Novaفى بحر روس Sea of Rossوهو خليج عميق فى المحيط المتجمد الجنوبى، ويعتبره العلماء أقل الأنظمة البيئية البحرية تغيراً على وجه الأرض، كما يعتبره العلماء بمثابة معمل حى يمكنه التعريف بتاريخ الحياة فى القطب الجنوبى.
حيث تم الإتفاق فى الإجتماع الأكاديمى السنوى للعلوم القطبية الصينية فى محطة تشانغتشون الصينية القطبية Changchun Chinese Polar Stationيوم الجمعة الموافق 27 أكتوبر 2017، إن القاعدة الجديدة ستكون محطة دائمة للبحوث وسيكون بوسعها القيام بالعديد من عمليات البحث العلمى بشكل مستقل فى القطب الجنوبى.
وفقاً لتقارير -قرأتها الباحثة المصرية بالإنجليزية فى وسائل الإعلام المحلية النيوزيلندية - فقد سرق اللصوص أجهزة الكمبيوتر والهاتف المحمول الخاص بالبروفيسورة النيوزيلندية (آن مارى برادى) فقط ولكن تجاهل الأشياء الثمينة الأخرى، مما ينم ويلقى الضوء على أن تلك العملية - ربما - كانت ذات طابع إستخباراتى بحت.
وفى حادثة رئيسية أخرى فى عام 2014، أمرت مديرة "معهد هانبان" الصينى Director of Hanban Institute فى مؤتمر دولى شاركت به فى البرتغال موظفيها ومساعديها خلال المؤتمر بتمزيق صفحات تحتوى على معلومات - إعتبرتها البروفيسورة الصينية - مغلوطة حول المؤسسات الأكاديمية فى تايوان من برنامج للمؤتمرات شاركت فيه فى البرتغال.
ولعل الحادثة الأخرى التى دفعت الباحثة المصرية كى تتساءل صراحةً: وما العلاقة بين هذا وذاك؟، هو ما كشفت عنه الصحافة الأمريكية فى عام 2017، حيث توقفت الصين "رسمياً" عن تمويل العلماء الصينيين الذين يدرسون فى جامعة كاليفورنيا فى "سان دييغو" بعد أن إستضافت الجامعة "الدالاى لاما"... لذا، تساءلت ومازالت الباحثة تتساءل عن: وما ذنب هؤلاء الباحثين الصينيين؟
وهناك حادث آخر داخل تل أبيب - كان محل إهتمام ومتابعة من الباحثة المصرية - عام 2008، عندما تمت إزالة معرض للتصوير الفوتوغرافى نظمه عدد من الطلاب من هواة التصوير من جامعة تل أبيب - رغم السماح له مسبقاً بإقامته من قبل السلطات الإسرائيلية- حول قمع حركة "فالون غونغ" الصينية Falun Gong movement من قبل السلطات الصينية. وهو الأمر، الذى دفع منظمو المعرض من الفنانين الإسرائيليين إلى رفع دعوى قضائية أمام القضاء الإسرائيلى، حيث أمرت المحكمة الإسرائيلية جامعة تل أبيب بإعادة تحميل المعرض مرة أخرى ودفع 45000 شيكل (حوالى 11000 دولار) للمنظمين. وأشار القاضى (صراحةً) فى حكمه - ولأول مرة تعتبر الباحثة أنه قرار إسرائيلى قانونى ذو طابع مسيس - إلى أن قرار إزالة المعرض إتخذ جزئياً بعد الضغط ، على ما يبدو من السفارة الصينية، على عميد الطلاب فى جامعة تل أبيب.
كذلك تابعت الباحثة المصرية ذلك الجدل الحادث بشكل خاص قبل عدة سنوات فى كندا، والتى تضم العديد من المهاجرين الصينيين. ففى عام 2012، وقع مجلس مدرسة مقاطعة تورنتو فى كندا Toronto District School Board إتفاقية مع الحكومة الصينية لتمويل فرع لمعهد كونفوشيوس من شأنه تقديم تعليم اللغة الصينية لمئات الآلاف من الطلاب الكنديين، وهو الأمر الذى إعترض عليه الكنديون والغرب وقتها، بأن الصين تستخدم مهاجريها ومعاهد كونفوشيوس للضغط لأسباب سياسية.
ولكن مازالت الباحثة المصرية تعلق صراحةً على مثل هذه الإدعاءات - والتى يطلب منها دوماً دبلوماسيين أجانب التعقيب عليها - بأنها ربما كانت إدعاءات وإتهامات مبالغ فيها، وهنا تكاد الباحثة المصرية تتفق مع وجهة النظر الصينية - خاصة فى ضوء توجيه هذه الإتهامات مؤخراً لمعاهد كونفوشيوس الصينية بالتجسس - بأنها تحمل جزء من أدوات الدعاية والدعاية المضادة بين بكين وواشنطن، خاصةً على ضوء تلك المعارضة الأمريكية الشرسة لمبادرة الحزام والطريق الصينية، فضلاً عن التنافس الإقتصادى والتجارى الصينى - الأمريكى ورفع التعريفات الجمركية الأمريكية على السلع الصينية التى تدخل إلى الأراضى الأمريكية.
ومن هنا، يتضح أن الإتهامات الإسرائيلية والأمريكية والغربية موجهة إلى بكين بالتجسس من كل إتجاه، سواء للتجسس على الأسرار العسكرية والتكنولوجية الإسرائيلية، أو حتى للتجسس على المجتمع الأكاديمى الدولى والإسرائيلى فى تل أبيب من خلال فصول تعلم الصينية داخل الجامعات ومراكز الفكر والأبحاث الإسرائيلية، وهو إعتبرته الباحثة المصرية جزء من إطار التنافس الإقتصادى بين الصين وأمريكا ويأتى فى إطار الدعاية المضادة الموجهة بين الجانبين.