محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير ستبدأ خلال أيام قليلة

نبض البلد -

الخرطوم-وكالات

تتجه السلطات القضائية في السودان، خلال الأيام المقبلة، إلى بدء إجراءات محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير. إذ أمر النائب العام المكلف الوليد سيد أحمد محمود باستجوابه، حول تهم تتعلق بجرائم غسيل أموال وتمويل الإرهاب.

وأوضح النائب العام أن استجواب البشير سيتم وفق الدعوى الجنائية رقم 40/ 2019 تحت المواد 6/1 من قانون التعامل بالنقد الأجنبي، والمادة 15 من قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، المتعلقة بحيازة النقد الأجنبي والمشاركة في أنشطة اقتصادية غير رسمية.

ووجه النائب العام أمراً بالتحقيق في "معاملات مالية مشبوهة لنافذين من المسؤولين السابقين"، وإحالة الملفات إلى نيابتي "الثراء الحرام والمشبوه"، و"مكافحة الفساد والتحقيقات المالية"، وإحالة ملف القروض الخارجية إلى نيابة "مكافحة الفساد والتحقيقات المالية" لإجراء التحقيقات اللازمة.

وعقب عزل البشير مطلع أبريل (نيسان) الماضي، أودع في سجن كوبر المركزي شمال الخرطوم، بعد موجة احتجاجات بدأت منذ حوالي خمسة أشهر.

يقول الكاتب والمحامي أنور سليمان إن "الإجراءات التي أتخذت في حق البشير سليمة من الناحية القانونية، استناداً إلى النصوص الجنائية السائدة في البلاد، والمتعامل بها من قبل القضاء، خصوصاً المتعلقة بضبط المتهمين وبحوزتهم مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي".

وفي وقت سابق، أعلن فريق تفتيش، مكون من الشرطة والاستخبارات، عثوره على ستة ملايين يورو، وأكثر من 300 ألف دولار في منزل البشير، إضافة إلى أموال بالعملة السودانية، بلغت أكثر من خمسة مليارات جنيه، مشيراً إلى أن الأموال المذكورة قد أودعت في بنك السودان المركزي.

ويشير سليمان إلى أن "التحقيق مع البشير يفترض أن يبدأ بتهمة تقويض النظام الدستوري في البلاد في العام 1989 بقيادته انقلاباً عسكرياً على نظام ديمقراطي منتخب، إضافة إلى جرائم افتعال الحرب في إقليم دارفور وجنوب السودان وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وجرائم الوفيات داخل السجون وقتل المتظاهرين".

ويعتبر أن تلك القضايا أهم بكثير من مسار التحقيق في تهم الفساد المالي. ويضيف: "هنالك أيضاً قضية المحكمة الجنائية الدولية التي تتهم البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، موضحاً أن تلك القضية هامة جداً في الوقت الحالي، و"في حال لم يلمس مجلس الأمن الدولي جدية المجلس العسكري في محاكمة البشير على تلك الجرائم قد يطالب بتسليمه، وربما يتجه إلى اتخاذ قرارات جديدة لضمان محاسبته".

ولا يرى سليمان "ضرورة للإبقاء على البشير حتى يأتي نظام مدني جديد ليوجه إليه تلك التهم، ويشرف على محاكمته".

ويصف خطوة بدء التحقيق معه على الرغم من قانونيتها بأنها "محاولة لتخفيف حدة التوتر في الشارع السوداني". ويطالب المجلس العسكري إذا أراد أثبات جديته في محاسبة الرئيس المعزول "بتشكيل لجنة من الخبراء الأمنيين والاقتصاديين والعسكريين وقانونيين، لحصر جرائم البشير".

وفي سياق متصل، يقول المحامي الصادق حسن إن القضايا وفق الأعراف القانونية لا تتجزأ، وعليه فإن البدء في التحقيق مع البشير بقضايا الفساد المالي من دون بقية القضايا الأخرى، لا يشكل خلافاً قانونياً ومن حق النيابة البدء بأي قضية، لكنه يرى أن "الوضع الذي تشهده البلاد اليوم غير مناسب، وأن المؤسسات العدلية والقضائية الموجودة غير نزيهة ولا تتمتع بصفة الحيادية، وأن غالبية الأعضاء قريبون من النظام السابق".

ويضيف "حتى النائب العام الموجود غير مناط به اتخاذ إجراءات قانونية، ويفترض أن يتم ذلك في إطار مؤسسات عدلية تشرف على تأسيسها السلطة المدنية الانتقالية".

ويشير إلى أن "كل المشرفين على الملفات القانونية، هم امتداد للنظام السابق، وإنهم غير مؤهلين قانونياً لمتابعة مثل تلك القضايا، خصوصاً المتعلقة بالبشير". ويوضح حسن أن القوانين الموجودة "لا تتيح لأحد المطالبة بوقف أي إجراء قانوني، طالما أنه يستند إلى نصوص سائدة، لكن بدء إجراءات محاسبة البشير سابقة لأوانها واستباقة لا قيمة لها".

أصدر المجلس العسكري أمراً لبنك السودان المركزي "بمراجعة حركة الأموال اعتباراً من الأول من أبريل الماضي، وحجز الأموال التي تكون محل شبهة، إلى جانب وقف نقل ملكية أي أسهم حتى إشعار آخر، مع الإبلاغ عن أي نقل لأسهم أو شركات بصورة كبيرة أو مثيرة للشك".

وأمر النائب العام الوليد سيد أحمد بإحالة ملف شركة جياد، المختصة بالصناعات الثقيلة وتجميع السيارات، وتدور حولها تهم فساد مرتبطة بمسؤولين في الناظم السابق، وكلف النائب العام نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية للتحقيق في القضية. كما أحيل أيضاً إلى التحقيق، مدير المكتب التنفيذي للأمين العام للصندوق القومي لرعاية الطلاب لنيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية للتحقيق، إضافة إلى إحالة ملف شركة المواصلات العامة للنيابة.

وكان النائب العام عقد اجتماعاً مع رؤساء قطاعات نيابات العاصمة الخرطوم، واستمع إليهم ووكلاء النيابة، لمباشرة بدء التحقيقات في بلاغات القتل التي وقعت في الأحداث التي تزامنت مع بدء الاحتجاجات أواخر العام الماضي.