بعد صفعة البلديات.. شكوك بنوايا أردوغان وتحذير من "انتكاسة"

نبض البلد -
بعد سنوات من التفرد بالحكم وتعزيز الاستقطاب في البلاد، جاءت النتيجة غير الرسمية للانتخابات المحلية التركية لتشير إلى تغيير ما قد يطرأ على الدولة، ويعيد إليها الديمقراطية وسيادة القانون، فهل سيقبل الرئيس رجب طيب أردوغان بنتيجة الانتخابات؟

تطرح صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية هذا السؤال، عبر مقال تحليلي لأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة كوتش بإسطنبول مراد سومر، وذلك بعدما أظهرت النتائج غير الرسمية للانتخابات المحلية التي جرت فيتركيافي 31 مارس الماضي، فوز حزب الشعب الجمهوري المعارض من يسار الوسط، المتحالف مع حزب الخير اليميني، بالمدن العملاقة في البلاد، بما في ذلك أنقرة وإسطنبول.

يقول سومر إن التفوق الانتخابي للمعارضة يقدم للرئيسأردوغانوحزبه العدالة والتنمية فرصة أخرى لوضع تركيا على مسار مختلف وأفضل من خلال تقاسم السلطة بدلا من احتكارها.

 

وأضاف: "إذا اختار أردوغان وحزبه هذا المسار من خلال احترام قرار الناخبين، والاعتراف بالواقع السياسي الجديد، واحترام التقاليد الديمقراطية لتركيا، فإن هذا يمكن أن يبدأ في عملية إزالة الاستقطاب في المجتمع، واستعادة الديمقراطية وسيادة القانون، وإصلاحهما".

لكنه عاد ليقول إنه بدلا من ذلك، اعترض أردوغان وحزب العدالة والتنميةعلى النتائج، خاصة في إسطنبول، وطالبا بإعادة فرز الأصوات بناء على شكاوى "ملتبسة".

أكرم إمام أوغلو
أكرم إمام أوغلو

 

وتابع: "بعدما أظهرت إعادة فرز الأصوات استمرار تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري عن إسطنبول أكرم إمام أوغلو، طالب أردوغان وحزبه بإعادة العملية الانتخابات برمتها من جديد في المدينة".

وأكد أن "الموفقة على هذا الطلب سيكون بمثابة انتكاسة للعملية الانتخابية، وتهديد بإنهاء أحد المعالم الأخيرة للديمقراطية في تركيا تحت حكم أردوغان".

استفتاء على أردوغان

ويرى مراد سومر أن نتائج إسطنبول تشكل تهديدا كبيرا لأردوغان وحزب العدالة والتنمية، رغم أن تحالفهما غير الرسمي مع حزب الحركة القومية تمكن من الفوز بأغلبية الأصوات في جميع أنحاء البلاد.

وأرجع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية هذا التهديد إلى عدة أسباب، منها ما قام به أردوغان من تحويل الانتخابات إلى استفتاء على حكومته، وهو الذي تحدث في السابق عن أن خسارة إسطنبول ستكون بداية النهاية لحكومته.

"لقد كانت إسطنبول بمثابة المعقل الآمن لحزب العدالة والتنمية. تم تدشين مشروعات وشراكات بمليارات الدولارات لتمويل الحملات الانتخابية، والجمعيات الخيرية لاستمالة الفقراء، ووسائل الإعلام الموالية للحكومة، والمنظمات الحكومية والأوقاف الدينية".

وفي المقابل، أدارت المعارضة حملة إيجابية ديمقراطية بلا استقطاب، وكان لهذا تأثير سلبي على أردوغان الذي اعتمد منذ زمن طويل على السياسات الاستقطابية، بحسب ما يقول سومر.

ومضى يقول: "من المحتمل أن يقوم أردوغان بمعاقبة وتهميش أي جماعات داخل حزب العدالة والتنمية سيُلقى عليها اللوم في خسارة إسطنبول".

انتخابات حرة ونزيهة؟

وعلى غرار الانتخابات التركية الأخرى في السنوات الأخيرة، كانت الانتخابات المحلية الأخيرة بعيدة عن الحرية والنزاهة. ولذلك كان فوز المعارضة أكثر إثارة للإعجاب بسبب تحقيقها النصر في ساحة انتخابات "غير متكافئة للغاية ومتلاعب بها"، حسبما يصف سومر.

"وبسهولة تامة، استخدم أردوغان وحزب العدالة والتنمية مؤسسات الدولة التي فقدت استقلالها. كما سيطرا بشكل شبه كامل تقريبا على وسائل الإعلام سواء الحكومية أو الخاصة التابعة للمقربين منهما".

وشدد أستاذ العلوم السياسية أن "نتائج الانتخابات في ظل هذه الظروف تقوض صورة أردوغان وتشير إلى أن دعمه الفعلي - في بيئة انتخابية وإعلامية أكثر مساواة وأقل تلاعب بها - قد يكون أقل بكثير".

كما استخدم حزب العدالة والتنمية "بشكل فعال تكتيكات الحرب النفسية والإعلامية. لكن هذه المرة، لم تنجح جهوده، بما في ذلك الإعلان عن أرقام استطلاعية مضللة وإعلان النصر في الساعات الأولى بعد الانتخابات".