المهندس هاشم نايل المجالي
كافة الدراسات والابحاث وعلماء النفس والتنظيم الاجتماعي توصلوا الى ان المجموعات المتنوعة اجتماعياً اكثر قدرة على الابتكار من المجموعات المتجانسة ، أي ان المجموعات مثل مجالس الادارة في الشركات والبنوك والجامعات ومجالس الاباء في المدارس وغيرها والتي تضم اشخاصاً لديهم خبرات فردية متنوعة ستكون مجدية واكثر فاعلية في تطوير الاداء والابداع والابتكار ومعالجة المشكلات وادارة الازمات ، اكثر من المجموعات او مجالس الادارة التي يتم انتقاء اعضائها بشكل متجانس ومتفاهم ومنسجمين مع بعضهم البعض .
ففي حالة المجموعات المتنوعة اجتماعياً نجد انهم اكثر تفاعلاً فيما بينهم ، وتتلاقح افكارهم لتنتج بحكم خبراتهم ومعارفهم افكاراً جديدة ، ويتبادلون وجهات النظر المختلفة ويكون الجهد اكبر من اجل التوصل الى قرار او نتيجة .
بينما نجد انه عند اختيارنا لمجلس ادارة لمؤسسة او بنك او شركة وغيرها فان رئيس المجلس المكلف والجهات المعنية بذلك تقوم بانتقاء شخصيات تنسجم مع بعضها البعض ، ولا تعارض وجهات بعضها البعض في سيمفونية واغنية لحنها رئيس مجلس الادارة ليكون القرار كما يريد ، واذا اعترض احدهم فمصيره الاستغناء عن خدماته لان المجلس يحس بالانزعاج من افكاره او مداخلاته او تساؤلاته ويكون هناك صعوبات في التفاعل فيما بينهم وفقدان الثقة ، ليتحول الموقف الى صراع شخصي وضعف في التواصل وضعف في التضامن فيما بينهم وعدم الاحترام المتبادل وغيرها من المشكلات ، لذلك فانه يراعى ان يختار رئيس مجلس الادارة والجهات المعنية فريق عمل للمجلس ممن هم اصحاب نفس الاختصاص ومنسجمين مع بعضهم ومتفقين على رأي واحد دون اعطائه حق التحاور والنقاش ، لذلك نجد ان غالبية المجالس غير فاعلة وغير منتجة ولا تطرح افكاراً جديدة ولا حلولاً للازمات ، وهذا دارج في غالبية الدول العربية .
بينما الدول المتحضرة والمتطورة والمتقدمة فانها تحتاج الى التنوع ، في حال رغبت بتكوين مجالس ادارة قادرة على الابتكار والابداع ، حيث ان التنوع يعزز جانب الابداع لدى الاشخاص ويشجعهم للبحث عن المعلومات المفيدة لأي مشروع ، لاعطاء وجهات نظر جديدة الامر الذي يساعد على اتخاذ قرار صائب واكتشاف معطيات جديدة .
وتتغير انماط التفكير لاعضاء المجلس عند تعامله مع اشخاص اصحاب خبرات مختلفة فهناك فهم للتأثير الايجابي لتنوع المعلومات عندما يتشارك الجميع بتبادل الاراء والمعلومات ووجهات النظر لحل قضية ما او اتخاذ قرار ما .
لذلك في الدول المتحضرة هناك مؤسسات ابتكارية متخصصة تضم اصحاب خبرات متنوعة ، تعطي دراسات وحلولا وابحاثا في كافة المجالات المختلفة ، والتنوع ليس فقط في جمع وجهات النظر المختلفة لا بل يجعل الاعضاء يؤمنون باهمية وجود اختلاف في وجهات النظر فيما بينهم ، وهذا يدفعهم الى اعطاء مزيد من الدراسات والتمحيص للموضوع بينما نجد ان المجموعات المتجانسة كما يقول المثل ( قارئين عند شيخ واحد ) .
انهم متفقون على اي قرار دون الخوض في حوار ونقاش حتى لا يغضب احدهم الآخر ، فهم اصحاب مصالح مشتركة ، وتجدهم يقفون مع بعضهم البعض في وجهات نظرهم ومبادئهم ، ونجد انهم يتوصلون الى القرار بسرعة ونجد ذلك مثلاً في مجالس الوزراء للحكومات المتعاقبة ، عندما يتم اجراء تعديل وزاري لان الوزير يبدي وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر رئيس الوزراء ويكون سبب التعديل هو عدم انسجام الرئيس مع الوزير في اتخاذ القرارات ، وهذا الانسجام هو الذي ادى الى اتخاذ قرارات اضرت في كثير من الامور ، وكان لها آثار سلبية على الوطن والمواطن ، لتبقى مجالس الوزراء تعمل وفق سيمفونية المايسترو الاجماع المشترك على القرارات وهذا ما يحصل في الكثير من المجالس المختلفة .//
hashemmajali_56@yahoo.com